اخناثة بنت الشيخ بكار المغافري والمعروفة بخناتة بنت بكار البركنية (أولاد عبدالله) (توفيت سنة 1730 م / جمادى الأولى عام 1159 هـ) عالمة وفقيهة وأديبة ، وهي تنتمي إلى ولاية لبراكنة أولاد عبدالله وتنتمي إلى عرش أولاد بكار البركني .
أحسنت القراءات السبع، شهد لها بالعلم الغزير بالحديث، و التصوف ، وهي زوج ومستشار المولى إسماعيل ووالدة السلطان عبد الله بن إسماعيل كما تولت تربية ورعايةحفيدها السلطان محمد بن عبد الله.
كيف تزوجها السلطان المولى إسماعيل:
كانت اخناثة منت بكار تُجيد الشعر وقد إشتهرت أحد قصائدها فذهب بها التجار وتغنى بيها الشعراء حتى وصلت إلى السلطان فأعجب بها وكان مولع بالشعر والشعراء وقد سأل عن صاحب هذه القصيدة وأمر بأن يأتوا به ولو كان في آخر الأرض.
وقد أرسل وفدا للبحث عن صاحب القصيدة في جميع البلدان العربية فلم يجدوا له أثرا حتى قال أحد شعراء الشام أن هذا الشعر من شعر الشناقطة، فذهبوا إلى صحاري شنقيط وسألوا أحد الشعراء الشناقطة فأخبرهم أن هذه القصيدة لإبنة الأمير بكار الغول ، فذهبوا إليه وقد أكرمهم وسألوه عن عن قائل القصيدة فسأل أحد جماعة البلاط فأخبره بأن القصيدة للأميرة اخناثة بنت بكار فقالت جماعة السلطان نريدها أن تأتي معنا فسألهم بكار الغول عن السبب فأ خبروه أن السلطان يريد أن يسمع القصيدة من قائلها، فرد عليه قولوا لسلطانكم أن يأتي إذا أراد سماع القصيدة فذهبوا إلى السلطان وأخبروه بماجرى وماقدم لهم من حسن الضيافة والهدايا فقال لهم السلطان كلمته المشهورة شدوا الرحال، فمضوا ثلاثة أشهر في الطريق حتى وصلوا إلى إمارة لبراكنة وقد أستقبلوا بأحسن إستقبال وعند إستراحتهم قال السلطان أريد مقابلة قائلة القصيدة فقالوا له نحن المغافرة نسائنا لا يقابلوا الرجال ولكن أكتب لها و ستجيبك ، فكتب لها ف 4 مرات فأجابته ، ثم كتب لها يطلب يدها فأجابته بالموافقة ، ليتزوجها سنة 1680م وإصطحبها بموكب عظيم يضم العبيد والجواري والمواشي كما ذهب معها أخوها الأصغر محمد بن بكار وبعض من الحاشية، وهذا هو سر سيطرتها على القصر عند مجيئها إليه .
مسيرتها السياسية
كان للسيدة خناثة أدوارسياسية كبيرة في تاريخ المغرب؛ خاصة خلال الفترة التي حكم فيها ابنها السلطان المولى عبد الله و كانت أول امرأة تتولى الوزارة في المغرب لكنها تعرضت للعديد من المضايقات والمحن من النفي إلى السجن والمطاردة والسلب، فمباشرة بعد العزل الأول للمولى عبد الله، ومبايعة أبي الحسن الأعرج على يد سالم الدكالي أحد كبار قواد جيش البخاري، فإن أول ما قام به السلطان هو إلقاء القبض على السيدة خناثة بنت بكار رفقة حفيدها سيدي محمد بن عبد الله.
ولعبت السيدة خناثة دورا بارزا في تثبيت اتفاقية السلام والتجارة التي وقعت بمكناس بين الإيالة الشريفة ودولة بريطانيا العظمى في شخص سفيرها شارل ستيوارت خلال صيف سنة 1721م، نفس السفير كانت له مراسلات مع السيدة خناثة بخصوص طلب دعمها لهذه الاتفاقية، وبشأن التدخل لدى السلطان للإفراج عن عدد من الأسرى الإنجليز.
وقد شكل جيش الأوداية درعا سياسيا واجتماعيا لمكانة خناثة داخل نظم الدولة قبل وحتى بعد وفاة المولى إسماعيل، حتى إن مكانتها وتميزها جعلا أحد الإنجليز وهو جون ويندهاس يشير إليها في كتاباته، واصفا رجوعها من عرب المعقل بقبائل المغافرة بالساقية الحمراء في موكب سلطاني يتكون من عشرين ألف رجل.
وهي من استرجعت العرش الى إبنهاالسلطان عبد الله بن إسماعي بهذا الجيش أما بالنسبة لمسيرتها العلمية فلها تعليقات على كتاب الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني وهي محفوظة في الخزانة الملكية بالرباط، كما عرف عنها غيرتها على العلماء، ويكفي أنها كانت سببا في نجاة الفقيه المفسر عمر لوقش التطواني من عقاب ابنها السلطان المولى عبد الله إثر وشاية بعض المكناسيين. وهي من اقترح بناء مسجد خناتة بنت بكار في مدينة مكناس، الذي انهار في فبراير 2010« حادث إنهيار صومعة باب البرادعيين » كما تحفظ بعض المتاحف مخطوطة وهي رسالة تحمل طابعها موجهة إلى سكان مدينة وجدة، تنصحهم وتطمئنهم بشأن المخاوف التي كانت تراودهم من قبل جيرانهم الأتراك في الجزائر.
خلال سنة 1143 هـ بعث السلطان المولى عبد الله ولده الأمير المولى محمد رفقة أمه السيدة خناثة بنت بكار إلى الديار المقدسة، وفي موكبها للحج استقبلت بطرابلس الغرب حين حل بها استقبالا فاخرا خرج فيه للقائهم حاكم هذه الجهة وولده مع لمة من أصحابه
وشارك فيـه أهل البلد، كما شاركـت فيه البحرية الطرابلسية بعدة طلقات من مدافع كبار في التسليم والتوديع، وقد استمر على هذه الاحتفالات مدة إقامتها بطرابلس .
رحلة حجها :
خلال سنة 1143 هـ بعث السلطان المولى عبد الله ولده الأمير المولى محمد رفقة أمه السيدة خناثة بنت بكار إلى الديار المقدسة، وفي موكبها للحج استقبلت بطرابلس الغرب حين حل بها استقبالا فاخرا خرج فيه للقائهم حاكم هذه الجهة وولده مع لمة من أصحابه وشارك فيـه أهل البلد، كما شاركـت فيه البحرية الطرابلسية بعدة طلقات من مدافع كبار في التسليم والتوديع، وقد استمر على هذه الاحتفالات مدة إقامتها بطرابلس وكذلك فعل في أوبتهما.
قام بتسجيل الرحلة الوزير أبو محمد عبد القادر الجيلاني الإسحاقي، ويصف حج الأميرة:
«"وصلت ليلة السادس ـ من ذي الحجة ـ إلى مكة المشرفة بعد العشاء وعليها السكينة مرفرفة، وهي في جلالة عظيمة وسيادة فخيمة، في محفل من الأجناد، وجمع من الأجواد، ولهم زجل بالتلبية والأدعية، فطافت طواف القدوم، وطلعت إلى دارها المكري المعلوم، ثم إنها طلعت إلى عرفات ولها دويّ بالتسبيح والتقديس، وكانت الوقفة يوم الخميس، ثم نزلت إلى منى فأقامت ثلاثة أيام وأكثرت من الهدي، وبذلت الشراب والطعام، ثم نفرت إلى مكة وجاءت بعمرة الإسلام، تكثر من الصدقات على الدوام، وبذلت بغير حصر، وأعطت عطاء من لا يخاف الفقر...".»
فقوبلت بحفاوة كبيرة من أهل الحرمين وفرقت هناك على المحتاجين وذوي البيوتات ما يزيد على مائة ألف دينار وأكرمها العلماء ومدحها الشعراء، ومن جملة ما مُدحت به قصيدة للشيخ محمد بن علي بن فضل الحسيني الطبري إمام المقام الإبراهيمي قال فيها:
فاحت بها أرجاء مكة رغبة
ومحبة من سائر الأخيار
وهي الحقيقة بالجلالة في الورى
فجلالة الأضياف ليس بعار
وحرر لها الوزير الذي رافقها وبطلب منها فتوى بمكة المكرمة تجيز تملك العقار في البلد الحرام.