تأسست إمارة الترارزه على إثر حروب لمغافره من براكنة وترارزة مع أبناء عمومتهم من بني رزڭ مطلع القرن السابع عشر، كان قائد لمغافره في تلك المواجهات الأمير أحمد بن دمان بن اعزوز بن مسعود بن موسى بن تروز بن هدّاج بن عُمران بن عثمان بن مَغفر بن أودَيْ بن حَسّان، وكانت خاتمة تلك المواجهات هي معركة انتيتام سنة 1630م حيث استتب الأمر للمغفاره وأصبح أحمد من دمان أمير التمركز الجديد إلا أن لبراكنه ظلت ترى لها الفضل في إزاحة أبناء رزڭ فما فتئت تتدخل في الشؤون الداخلية للترارزه وتشارك في صنع القرار فيها حتى جاء الأمير اعل شنظورة بن هدي بن أحمد بن دمان سنة 1702م الذي أجلى لبراكنه ورسم الحدود معهم.
وفيما يلي لائحة بأسماء الأمراء الذين تعاقبوا على الحكم مع ما تيسر من التعريف بهم:
1-أحمد بن دمان:حكم من 1630م إلى 1636م، كان فارسا مقداما فمع أنه أصغر أبناء دمان إلا أنه بزغ من بينهم بهمته العالية طامحا إلى محاربة أبناء رزڭ والإطاحة بهم وصبر على مقارعتهم حتى حقق مبتغاه.
2-هدي بن أحمد بن دمان: حكم من 1636م إلى 1684م، كان فارسا سياسيا، وهو أول موريتاني يتواصل مع الأوروبيين ويوقع معهم اتفاقيات تجارية في منتصف القرن السابع عشر حيث قاموا على شرفه بإنشاء ميناء يحمل اسمه (porto d'addi) الذي تحول اليوم إلى (portandik) وعنده قاعدة اجريده العسكرية.
اصطم هدي مع الإمام ناصر الدين الديماني ووقعت بينهما خلافات نشبت على إثرها حرب شرببه الشهيرة المعروفة النتائج.
3-السِّيد بن هدي: 1684م إلى 1687م، كان من نشاطاته توقيع اتفاقية مع الألمان بتاريخ 20 ديسمبر 1686م تضمنت ثلاثة بنود:
*إقامة موسم تجاري سنوي بين الترارزه وبروسيا.
*أن لا تبيع الترارزه الصمغ العربي لغير البروسيين.
*أن تعين بروسيا الترارزه في حال تعرضها لعدوان خارجي.
-أعمر آڭجيل بن هدي: حكم من 1687م إلى 1702م، أعاد توقيع الإتفاقية السابقة دون تغيير مع البروسيين الألمان سنة 1688م، وهو الذي رثاه العلامة ابن رازڭه العلوي بقصيدته الرنانة:
هو الموت عضب لا تخون مضاربه == وحوض زعاف كل من عاش شاربه
وما الناس إلا واردوه فسابق == إليه ومسبوق تخب نجائبه
يحب الفتى إدراك ما هو راغب == ويدركه لا بد ما هو راهبه
ولم يقه فرعونَ عون أعده == ولا مرد نمرود حمت وأشائبه
فما صان حبرا علمه وكتابه == ولا ملكا أعلامه وكتائبه
نقيب نسينا كل شيء لرزئه == تذكرناه كل آن مناقبه
أناعيه أرسلت عزلاء مهجتي == فهاد مها حملاق جفنيَ ساكبه
طوى نعيه وعيي فها أنا غائب == عن الحس فيه ذاهل العقل ذاهبه
إلى أن يقول فيه:
فتى يهب الآلاف جودا وتنكفي == مخافَته الآلاف حين تحاربه
تنوع فيه الناسبون وكلهم == إلى كل جنس كامل الوصف ناسبه
4-اعل شنظورة بن هدي: حكم من 1702م إلى 1727م، كان عادلا مهابا، تقدم أنه من أجلى خطر لبراكنه وأولاد ادليم، وفي عهده تحسنت علاقات الإماره بالزوايا بعد جفاء شربب حيث أعطاهم السلطة الدينية وتكلف بحمايتهم، واتخذ المختار بن ألفغ موسى اليعقوبي قاضيا للإمارة وابن رازڭه العلوي مستشارا، وتحولت التجارة في عهده إلى الفرنسيين إثر خلافات حدثت بينه والبروسيين، فوقع أول اتفاقية مع فرنسا سنة 1717م تعهد بموجبها بقصر تعاملاته التجارية على الفرنسيين عبر آرغين وميناء هدي.
5-أعمر بن اعل شنظورة: حكم من 1727م إلى 1757م.
6-المختار بن اعمر: حكم من 1757م إلى 1771م، المعروف بصاحب الطبل، فقد أهداه السلطان المغربي طبلا نحاسيا عظيما يستعمله في الإنذار، وقيل أنه لما توفي سقط الطبل فجفلت الإبل على بعد عشرات الكيلومترات.
7-اعل الكوري بن اعمر: حكم من 1771م إلى 1786م.
8-امحمد بن المختار بن اعمر: حكم من 1786م إلى 1793م.
9-عاليت بن بن المختار بن اعمر: حكم من 1793م إلى 1794م.
10-اعمر بن المختار بن اعمر: حكم من 1794م إلى 1800م.
11-اعمر بن المختار بن الشرقي: حكم من 1800م إلى 1829م، شهدت الفترات التي سبقته صراعات بين الإنڭليز والفرنسيين على التجارة مع الإمارة، وبعد اتفاقية باريس 1814م استتب الأمر للفرنسيين فوقع معهم اتفاقية سنة 1821م.
12-محمد لحبيب بن اعمر بن المختار بن الشرقي: حكم من 1829م إلى 1860م، كان فارسا شجاعا وسياسيا محنكا، تزوج سنة 1832م من وريثة مملكة أوالو الوولفية "جمبت امبودج" ليضمن بذلك تحالف هذه المملكة معه ضد الأطماع الخارجية، وكان هدفه من ذلك تضييق الخناق على الفرنسيين لإجبارهم على دفع أتاوات أكبر وبالفعل فقد تم ذلك، ومع تعيين الحاكم الفرنسي الجديد للسنغال فيدرب سنة 1854م تغيرت السياسة الفرنسية في المنطقة حيث ظهر خطر الحاج عمر الفوتي فخشي الفرنسيون من تحالفات جهادية بينه والترارزه وبذلك قاموا بطرد الترارزه من الضفة الجنوبية وضيقوا الخناق على "المور" الموجودين جنوب النهر، وكرد على ذلك قام محمد لحبيب بشن الهجمات المتتالية على السفن الفرنسية وهدد بتدمير الحصون الفرنسية جنوب النهر فهجم على القلعة الفرنسية لمراقبة النهر سنة 1855م ثم اشتبك مع القوات الفرنسية سنة 1857م إلا أنه هُزم لضعف تجهيزه واستلبت سلطته على النهر، فأرسل إلى الحاج عمر الفوتي يطلب المساعدة وأرسل إليه الأخير يدعوه إلى تكوين جبهة جهادية إلا أن فيدرب سارع إلى استرضاء محمد لحبيب لمنع ذلك التحالف فتعاهد معه سنة 1858م على احترام سيادته الكاملة على الضفة اليمنى والتبادل التجاري معه، على أن لا يعبر الترارزه النهر وهم مسلحون وأن يقوموا بحماية المصالح الفرنسية، وفي هذه الظروف قام الشيخ سيدي الكبير بعقد مؤتمر تندوجه للتنبيه على خطر الفرنسيين وتجمي الجهود ضدهم،وأنتج الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيدي رائيته الشهيرة: حماة الدين...
تحالف إخوته عليه لإسقاطه طمعا في الأتاوات التي يدفعها الفرنسيون له، فتحالفوا مع إمارة آدرار ضده وجرت بينهم وقعات كانت من أشرسها وقعت الملحس التي قَتل محمد لحبيب على إثرها أخاه اعل خملش فقال أحمد العيده يعيره:
محمد لحبيب السلطان == اعل سمعُ حت ما عس
اكتل خوه اشڭيڭ فالمان == داير بيه اخلاص الملحس
وهجم أحمد العيده على الترارزه صيفا لأنه فصل شدة عند الترارزه لاعتمادهم على الماشية والزراعة فقرر محمد لحبيب انتظار فصل الخريف للرد عليه حيث تكون حيواناتهم قوية واللبن متوفر، فقال أحمد العيده ساخرا منه:
محمد لحبيب السلطان == ما بان ان لاه يمتان
شتينَ فالخط وفڭان == ما ج فيه ولا ج فالصيف
هو ڭاع الا بوجعران == يستن باخبارُ لخريف! ههه
ثم إنه أغار عليهم خريفا فتحصنوا في الجبال فقطع نخلهم وقفل راجعا، وفي ذلك يقول ول مانُ لحراكي:
أحمد نخلُ ما يندخل == ڭالُ بيه التجارب
حر لما ظل انخل == يحرڭ واحمد هارب!!
غُدر محمد لحبيب من قبل أبناء إخوته عند انواكل من أرض أولاد أبييري.
13-سيد بن محمد لحبيب: حكم من 1860م إلى 1871م، لما قتل والده لم تتم 24 ساعة حتى قتل جميع قاتليه حتى كلفه ذلك هتك حريم الشيخ محمذ فال بن متالي التندغي فدعا عليه بعض تلامذته أن لا يقر قرار لهم بعدها بقوله:
هتكتم حريم الشيخ لازلتمُ نهبا == لمن أمكم شرقا ومن أمكم غربا
كان سيدي يسمي نفسه عظيم الترارزه وكان شديد البأس قاسي القلب، مدحه اللغوي الشاعر محمدُّ بن حنبل الحسني بقصيدته البديعة:
زارتك إذ زار الجفونَ كراها == من بعد ما مل المطي سراها
باتت تجوب وما السرى من دينها == تيها يضل عن الفراخ قطاها
عجبا لمسراها وكان يعوقها == عن بيت جارتها القريب وباها
وإذا تعالج نوأة نائت بها == علجانة من عالج أخراها
نفسي الفداء لرشفة جادت بها == من بعد بخل من سلاف ظماها
ولنظرة نظرت إلي كما خلت == بين الخمائل ظبية بطلاها
ولزورة نعشت حشاشة مهجتي == من بعد ما حطم الغرام حشاها
ولفرحة أهدت لنا بقدومها == بعد الصدود وبعد طول نواها
فرح البلاد إلى الأمير وقد جلا == أعناق صبح قدومه ظلماها
فتباشرت أقطارها وتشامخت == أعلامها وتأطرت بحلاها
وهمت غيوث الأمن فيها همعا == حتى استقاءت سمها أفعاها
وبدت سيوف العدل فيها لمعا == حتى رعت بين الأسود ظباها
ملك تدين له الملوك مطيعة == وبعز خدمته تحوط حماها
سارت به همم عزيز نيلها == فبنات نعش دونها وسهاها
تغدو ظعائنه لكل خميلة == وتروح رغما من أنوف عداها
ومنها:
ألفى الزوايا كالهشيم رمت به == بين القفار دبورها وصباها
فثنى عليها عاطفات حنانه == وأقام يرأب جاهدا مثآها
فأضاء ليلتها وجمع شملها == وأقر بعد مخافة أحشاها
حتى إذا ملك العلى بزمامها == وحوى المفاخر رافعا للواها
صرف العزيمة راجعا لبلاده == من بعد ما حنت وطال بكاها
يهدي الظعائن كالنخيل بواسقا == تعدو الجياد أمامها ووراها
جرد مسومة على أثباجها == أسد قديم في الحروب بلاها
من آل أحمد زهر أملاك الورى == عز البلاد وغيثها وسناها
عبد الشريعة مكرم علمائها == مولي مواليها عدو عداها
أوفى بذمتها وحاط حدودها == وأطال سمك منارها وبناها
خاض المهالك مدلجا ومهجرا == بالخيل حتى يستبيح حماها
تغدو إلى الغارات شعثا شزبا == كالطير رائحة إلى مأواها
قد عودت أن لا تؤوب عن العدا == حتى توطأ في الوغى صرعاها
وتحوز كل ذخيرة مصطانة == وتسوق في أصفادها صرعاها
غُدر سيد من قبل أخيه أحمد سالم.
14-أحمد سالم بن محمد لحبيب: حكم من 1871م إلى 1873م، المعروف بأحمد سالم لولْ، قتله أخوه اعلِ.
15-اعل بن محمد لحبيب: حكم من 1873م إلى 1886م، المعروف بأمير الضفتين، وقع اتفاقية مع الفرنسيين وسع بموجبها مجال التبادل معهم، كان شجاعا شهما يكره الغدر، ورغم خؤولته الزنجية فقد كان أديبا سلس العبارة، فلما وقعت وقعة أيشايه بينه وأخاه غير الشقيق ابراهيم السالم بن محمد لحبيب قُتلت فرسه "الحمراء" فقال يرثيها:
ي الحمرَ رانك رڭبتِ == انك فامنين اتوحدتِ
صعتِ واكصرتِ واكتلتِ == لاعدوك ولينتِ حسان
ولا ڭط العاديك الينتِ == ولا ڭط اطمعتِ فالغزيان
ولا ڭط الفظتِ واكذبتِ == ولا ڭط اغدرتِ حد افمان!
ومن أشهر قوله:
من صاب الدنيَ تثنَ == بالليلِ كامل فيهَ
من طربِ واتم اسنَ == فابلدها لين انجيهَ
وله:
ما يلحگ حد أمن الوسواس == و العس أعل راصُ والساس
والذل وخوف اكلام الناس == واغداجْ وكره الكلفه
امنين ال يتخمم باڭياس == انيلفه م ڭاس انيلفه
قتله أبناء أخيه سيد عند احسيْ لغنم من أرض تڭنانت.
16-محمد فال بن سيد بن محمد لحبيب: حكم من 1886م إلى 1887م، كان شجاعا محببا إلى الزوايا تنازع الإمارة مع عمه أعمر سالم ووقعت بينهما أيام.
غدره ابن عمه أحمد سالم(بيادة) بن اعل انتقاما لأبيه.
17-أعمر سالم بن محمد لحبيب: حكم من 1887م إلى 1893م، كان ذا علاقة حسنة بالزوايا والفرنسيين.
نازعه ابن أخيه أحمد سالم في الإمارة فوقعت بينهما أيام كان آخرها يوم تغظفت الذي قُتل فيه أعمر سالم، وقيل أنه لما قتل وعاد الجيش الذي قتله قال أحدهم:أعمر سالم بعد تم الا حاكم ڭلبو، فقال أحد الشعار: ما ڭط بعد احكم ماهُ هو.
18-أحمد سالم بن اعل بن محمد لحبيب(بيادة): حكم من 1893م إلى 1905م، يعرف بأحمد سالم الثاني، كان فارسا شجاعا وسيدا محنكا وأديبا أريحيا، لما وقع الصراع بين أولاد أبييري وإديجبه وانتصر لأولاد أبييري وقع السجال الكلامي المشهور بين الطرفين، وقد خاطبه الأديب البُ ول أمين الإديجبي بقوله:
أحمد عندُ جيش اجر == بيه امطوق كل امدين
واخوالف زينات إسر == وعند لمراكيب الزين
يغير النفع والضر == من تلقاء خالقين
فأجابه:
لحڭل لل ما وحد == نين اعمل مسكين اعلين
عن سابڭ توحيد بعد == يعرف ڭط ان عربين
بعد اعي ينفع بين حد == واعي زاد اظر بين!
وإياه عنى سيديا بن هدار لحراكي بقوله:
ارجيل وفارس خيل == ولانك من حد اذليل
واعل المجروح اتشيل == ي احمد سالم، واتحل
بالرجلِ فوڭ الخيل == واهل البل فوڭ البل
ولا تعرف تعمل هاك == عن لعدُ..ما تختل
بيكلِّ مانك شاك == عن لمدافع تكتل
قتله ابن عمه أحمد للديد عند انواكل من أرض أولاد أبييري.
19-أحمد سالم بن ابراهيم السالم: حكم من 1905م إلى 1928م، رأى أن أحمد للديد صغير على تولي الإمارة بعد قتله بياده فأجلاه ونصب نفسه أميرا، كان عظيما مُهابا، يقول فيه أحد أبناء هدار:
أحمد سالم ما فيه ذم == شكرُ ما يعرف حد كم
ذاك أمجار اغليظ فم == مارڭ كل اتموجير
وذاك اتمغفير وزين يم == فم امع ذات اذخيرَ
وذاك الكرم ال زاد باد == وذاك الحل ابلمغير
وذاك المعن لكبير زاد == وذيك الدرجَ لكبيرَ
20-أحمد بن الديد: حكم من 1928م إلى 1944م، كان فارسا باسلا وكيف لا وهو بين أولاد أحمد من دمان وأولاد اللب؟، تقدم أنه قتل الأمير بياده وهو بعدُ مراهق، ولما دخل الفرنسيون البلاد سارع إلى الإنخراط في سلك المقاومة المسلحة وكانت من أشهر معاركه معهم معركة لڭويشيش التي انتصر فيها نصرا باهرا رغم ظروفها الصعبة، وظل يقارع الفرنسيين إلى أن وقع اتفاق سلم معهم سنة 1910م برعاية الشيخ سيدي الثاني.
تولى الإمارة عقب موت ابن عمه أحمد سالم بن ابراهيم السالم.
ومن أدبه:
فات اعليَّ ذ العام تام == مانِ عارف من واكل
فم آڭلال وفم تامــــــــــــرزڭيت وفم انواكل
chinguet.blogspot.com