تعتبر الإجراءات المعلنة من قبل السلطات الرسمية ضرورية للتحكّم الى حد ما في انتشار الفيروس ، لكن يبقى نجاح الاستراتيجية الوطنية في الحد أكثر ما يمكن من الخسائر هو التزام المواطنين بهذه التوصيات. ذلك أن البلدان التي نجحت الى حد كبير في السيطرة على الوباء استندت الى عاملين أساسين الأول إمكانيات تقنية ومالية وبشرية هامة وثانيا انضباط ووعي مواطني بالتوصيات العامة وخاصة بالحجر. وفي موريتانيا وفي ظل محدودية الإمكانيات يبقى الملاذ الوحيد لتفادي الكارثة وعي المواطن بالالتزام بالتعليمات الصحّية والانخراط في المجهود التطوعي.
فاليوم لم نعد نتحدث عن خلافات برلمانية والحزبية وصراعات سياسية، مشهد لم نعتد به من قبل الجميع يد وحدة ضد كوفيد-19 فرغم احترام المسافة الوقائية من الفيروس الا ان الكل يعمل كخلية نحل أمام عدو سيطال كل مواطن اذا لم يتّبع الإجراءات الوقائية اللازم.
عبرت منظمة الصحّة العالمية عن قلقها من وصول فيروس كوفيد-19 إلى موريتانيا، “لأن هذا البلد تنقصه البنية التحتية في المجال الصحي لمقاومة فيروس كوفيد-19”.
لكن انتشار هذا الفيروس القاتل أثبت أن المشكل ليس في قوة النظام الصحي وتوفير بنية تحتية من المستشفيات بل المشكل الفعلي هو كيفية توقيف سرعة العدوى لذلك فشلت الدول الأوروبية وامريكا المتقدمة في الحد من انتشار الفيروس في البداية لأنها تعاملت باستسهال مع هذا الجائحة وهو ما يفسر وصول هذه الدول الى ذروة الاصابات في وقت قصير جدا فالبلدان الأوروبية لم تستوعب حجم المصيب الا عندما وصل عدد الاصابات بالألف مثل امريكا 236040، و ايطاليا 115242، ألمانيا 84415 وإسبانيا 110338، مجموع الوفيات بالعالم 50442 ألف، مجموع اصابات 1002272 أصاب، فقط ادركت هذه الدول ضرورة اتخاذ اجراءات قوية لحماية مواطنيها ووصلت لحدود فرض الحجرالصحي الشامل واغلاق جميع الحدود البرية والجوية والبحرية.
وربما موريتانيا أخذت درسا مما حصل مع الجمهورية الصين الشعبية التي حصدت موت المئات في فترة وجيزه من مواطنيها نتيجة تهاون البدايات. خيرت بلدنا الذات البشرية في محنة كوفيد-19 على الرهانات الاقتصادية واعتبرت ان مشكلة قدرة النظام الصحي ليست كافية وحدها بقدر ما هي مشكلة انضباط وتطبيق للإجراءات الوقائية اللازمة خاصة المرتبطة بمنع انتشار فيروس كوفيد-19 وانتقال العدوى لذلك مسؤولية مكافحة العدوى، لا تقع فقط من السلطات والحكومة بل تشمل الجميع من خلال الامتثال الى الاجراءات المعمول بها من قبل وزارة الصحة هي مسؤولية فردية لمعاضدة جهود الدولة.
وفي هذا الاطار، نثمن دور المجتمع المدني، والأحزاب السياسية، والصحافة هذه الأيام يلعبون دور مهم جدا سواء على المستوى التوعوي أو على المستوى النفسي للمواطن من خلال رسالات ايجابية قد تختلف المبادرات لكن اتفقت على نفس النقطة لنقول أنها نقطة القوة في مجابهة الجائحة.
(اكعد فدارك) حملة تطلقها مدونون تزامنا مع بقية حملات ليدرك كل فرد من مجتمعنا أن المسؤولية فردية لتكون بعدها مسؤولية جماعية في معاضدة مجهودات الدولة عندها فقط نكون قد خطونا الخطوة الصحيحة في وضع انتشار هذه الجائحة الفتاك. الهدف من المبادرة هو احداث اثر مجتمعي واسع النطاق للحد من انتشار فيروس كوفيد-19 وخلق موجة وعي لدى المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر الوعي والتثقيف.
لا تقدر الحكومة لوحدها مقاومة تفشي الحائحة، فدور المجتمع المدني والأحزاب السياسية والصحافة يبدأ أساسا بتهيئة تعبئة شعبية كاملة لتطبيق اجراءات الحجر الصحي وتوعية الفئات الشعبية كما يتواصل دوره في ما بعد الأزمة في مجابهة تداعيات الجائحة الاقتصاد في مختلف الشرائح الاجتماعية.
حفظ الله موريتانيا وجعلها آمنة مطمئنة .
عبد الرحمن الطالب بوبكر الولاتي