منذ ظهور التسويق السياحي كعلم قائم بذاته ظهرت له الكثير من التعاريف، منها على سبيل المثال:
تعريف الجمعية األمريكية للتسويق <<النشاط التسويقي هو عملية تخطيط وتنفيذ التصور والتسعير والترويج الأفكار والسلع والخدمات؛ إلتمام عمليات التبادل التي تشبع أهــداف كل من الأفـراد والمنظمات>>.
كما عرف البروفيسور فيليب كوتلر التسويق بأنه: <<التحليل والتنظيم والتخطيط والسيطرة على المصادر والسياسات والنشاطات؛ بهدف التالؤم مع الزبائن وتحقيق حاجاتهم ورغباتهم بغرض تحقيق الربحية>>.
وتشترك التعاريف المختلفة للتسويق في أنه يهتم في الأسـاس بالعمالء، وكيفية إشباع حاجاتهم؛ لتحقيق الربح للمنشأة؛ وعليه فإن تطبيق مفهوم التسويق يؤدي إلى:
- تصميم المنتج / الخدمة، وفق رغبات احتياجات العملاء.
- التركيز على العملاء الذين يمكن أن يشتروا المنتج / الخدمة، وليس على السوق الكلي.
- الجهود التسويقية التي تبذل وتتوافق مع الأهداف الكلية للمنشأة.
ونتيجة للتغيرات الكبيرة التي تحدث في بيئة الأعمال أصبحت المنشآت بكل أنواعها تنتهج الأسلوب العلمي في تسويق منتجاتها من السلع والخدمات والبرامج والمنتجات والأفكار؛ من أجل تحقيق أهدافها.
في العصر الحديث شهد التسويق السياحي تطوراً كبيرا للنهوض والارتقاء بالقطاع السياحي والخدمات والمنتجات والبرامج التي يقدمها. ويمثل التسويق مرحلة مهمة في العملية الإنتاجية في السياحة، تتم بين طرفي العملية، وهما: المكان السياحي والسائح. وعلى الرغم من وجود المقومات الحضارية والأثرية والدينية ومقومات الجذب السياحي الأخرى التي تتمتع بها موريتانيا، فإن الأمر في حاجة إلى سياسات وإجـراءات سياحية تسويقية كفيلة بدعمها ونجاحها، وأداء الدور المطلوب منها، وتحقيق أهدافها خصوصا، فيما يتعلق بالجانب الاجتماعي الذي لا يقل أهمية عن الجانب الأقتصادي، ولجعل الجانبين الاجتماعي والاقتصادي يعملان معا في مستوى واحد؛ لتحقيق نتائج أفضل في عملية التسويق السياحي، ودعم وتطوير هذا القطاع الحيوي المهم.
وعرفت منظمة السياحة العالمية (O.M.T) السياحة بأنها <<مجموع العلاقات والخدمات الناتجة من السفر والإقامة إلى ذلك الحد الذي لا يحتاج السائح فيه إلى إقامة دائمة، وال يترتب على سياحته أي نشاط بأجر مدفوع>>.
أما الأكاديمية الدولية للسياحة فقالت: السياحة هي مجموع التنقلات البشرية والأنشطة المترتبة عليها والناجمة عن ابتعاد الإنسان عن موطنه؛ تحقيقا لرغبة الانطلاق والتغير، وكل ما يتعلق بها من أنشطة وإشباع حاجات السائح«.ُ
ويعرف التسويق السياحي بأنه »ذلك النشاط الإداري والفني الذي تقوم به المنظمات والمنشآت السياحية داخل الدولة وخارجها؛ لتحديد الأسواق السياحية المرتقبة، والتعرف عليها، والتأثير فيها، بهدف تنمية الحركة السياحية القادمة منها، وتحقيق أكبر قدر من الإيرادات السياحية>>.
التسويق السياحي نشاط إداري يشمل كل وظائف الإدارة من: تخطيط، وتنظيم، وتوجيه ورقابة، وتحقق الإدارة العلمية للتسويق فوائد عدة، منها:
- تخطيط وتنظيم الجهود التسويقية بشكل علمي منظم.
- تقييم وتطوير الأداء التسويقي بشكل مستمر.
- استخدام الموارد التسويقية المختلفة بكفاءة عالية.
- تحقيق التنسيق بين الأنشطة التسويقية والأنشطة الأخــرى داخــل المنشآت التسويقية المختلفة.
- تحقيق الأهداف التسويقية للمنشأة
ان يقوم قطاع التسويق في مكتب الوطني السياحة بتخطيط نشاطاتها، وتطبيقها على أرض الواقع ومراقبتها والتحكم فيها. وبناء على البيانات الراجعة من التطبيق من خلال المتابعة الدقيقة للمتغيرات الموجودة بالبيئات المستهدفة؛ فإن مكتب الوطني للسياحة يجب أن يقوم بشكل مستمر بتطوير خططه وممارساتها التسويقية؛ استجابة لهذه المتغيرات.
يجب أن يعتمد قطاع التسويق في المكتب الوطني للسياحة المنهج العلمي في بناء وإدارة خططه وبرامجه وأنشطته التسويقية التي تمر بعدة خطوات، هي: تحليل الوضع الحالي ثم وضع استراتيجيات التسويق التي تعتمد على البحوث للحصول على البيانات التسويقية اللازمة، وتحليلها؛ للتعرف الفرص الموجودة، ثم تقسيم السوق إلى شرائح والتركيز على شريحة أو أكثر من الشرائح المستهدفة، وتصميم استراتيجية للتمركز في السوق المستهدف، ويلي ذلك تصميم استراتيجية المزيج التسويقي المناسب، وتصميم استراتيجيات التسويق التي سيتم تطبيقها ووضع خطة مراقبة وتحكم.
وهي الخطوات التي يتم تقسيمها إلى أربع مراحل أساسية متصلة تكون ما يعرف بالعملية التسويقية.
َّ مر المجتمع البشري في مسيرة تطوره بمراحل عدة؛ من المجتمع الزراعي إلى المجتمع الصناعي، وأخيراً مجتمع المعلومات. ولكل مرحلة صفاتها المميزة لهذا المجتمع.
وبدأ مجتمع المعلومات يفرز مجتمعا جديداً يطلق عليه الخبراء مجتمعا يتسم بتعقد طلباته واحتياجاته وتخصصه، بما لذلك من تأثير مباشر في حركة السياحة.
أفـرز هذا المجتمع -بما صاحبه من تطور- طلبات أكثر تخصصا في المنتجات السياحية المقدمة؛ فلم يعد التسويق موجه فقط إلى سياحة الأستجمام التي منها سياحة الشواطئ أو السياحة الثقافية، بل زاد التعقد والتخصص؛ ليشمل أنماطا جديدة لم تكن مدرجة من قبل كالمنتج سياحي منفصل تحت هذا المنتج الرئيسي مثل: السياحة القرى، وسياحة المدن، وسياحة نهايات األسبوع، وغيرها؛ وبالتالي تغيرت طرق التسويق والترويج والتنشيط.
ومن هنا علي المكتب الوطني للسياحة ان يدرك أهمية بحوث التسويق التي يجب أن تتسم بالجودة العالية والأحتراف؛ لتساعد في اتخاذ القرار، ولتكون خطط التسويق مبنية على أسس علمية سليمة؛ لتحديد الميزات والسمات التنافسية للمنتجات السياحية الموريتانية، على اعتبار أن أول دروس التنافس يجب أن تبدأ بالمعرفة المركز التنافسي للمقصد السياحي، من خلال بحوث تسويق دقيقة بعدها يتم التخطيط للحملة السياحية، والتركيز على المنتجات السياحية ذات الميزة النسبية والموجهة إلى أسواق مدروسة سلفا.
ويقوم مفهوم السياحة الحديث على استثمار العناصر السياحية البارزة، وطرح نماذج سياحية جديدة. ولأن خيارات السائح والخدمات التسويقية التي يطلبها متنوعة؛ لذلك يجب علي جهات المسؤول اعتبار كل العناصر السياحية المتوفرة بالموريتانبا مجالا للتطوير والتسويق.
وأصبحت فكرة التسويق الحديث للسائح تقوم على فكرة تسويق التجربة، وليس على طرق التسويق التقليدية القائمة فقط على المعلومات، بل يجب مزج هذه المعلومات بطريقة الرواية والقصة؛ فالمجتمع الحالي يتسم بالأهتمام بالمشاعر والتجارب الشخصية التي سيتلقاها لأتخاذ قرار السفر وزيارة المقصد السياحي.
ويفرض التنوع في شرائح السياح والزوار والمصطافين تنوعا في العناصر السياحية والخدمات المقدمة لهم، وهذا بدوره ينتج تنوعا في مجالات التسويق السياحي.
تركيز على قيمة التنوع والـثـراء في السياحة الموريتانية؛ باعتبارها أحد المقومات الرئيسية في التجربة السياحية الموريتانية؛ إذ يتمكن السائح من العيش في تجارب سياحية متعددة ضمن الشريط الجغرافي ذاته؛ وعلى هذا الأساس يجب أن يتم تسويق المنتج موريتاني.ً
كما أعتمد المكتب الوطني للسياحة بالسنوات الاخير نهج الأفكار الجديدة في مجال التسويق السياحي، وتتهيأ دائما لطرح الأنماط والتجارب والخبرات المختلفة والجديدة، ولكنها دائما تؤكد على مبادئ عليا، منها: الإنتاج السياحي المستمر، وهو المسار الذي تشترك فيه كل قطاعاتها لتطبيق مبدأ إعادة إنتاج السياحة وتدويرها، وفيها يتم استثمار المنتج السياحي بأشكال متنوعة ودائمة. ولا يكتفى بالصورة الأولية له، وإنما يخضع للتطوير والتهيئة والدراسة، ويتم استنفاد عناصره كلها لتطرح من جديد.
ً يعتبر التسويق السياحي عاملا أساسيا لتحقيق التنمية السياحية؛ نظراً إلي ما يقوم به من دور مهم في الترويج السياحي، والخدمات السياحية بصفة عامة؛ ومن هذا المنطلق فإن التسويق السياحي -من خلال الدعاية و الإعلان يشكل أمرا ضروريا في هذا الاتجاه، ويعتمد على الرضا النفسي والمتعة من أجل ابتكار رغبات ودوافع استهلاك المنتج السياحي، وتوسيع السوق السياحية، وجذب أكبر عدد ممكن من طالبي هذه الخدمات. كما أن الدراسات المتعلقة بمدى رواج المنتجات السياحية لا تقل أهمية في هذا المجال.
وتدرك الجهات المعنية أن صناعة السياحة باتت من الصناعات التي تشهد منافسة حادة، سواء بين المدن أو الدول التي تسعي إلى جذب المزيد من السياح من خلال التسويق المكثف للمهرجانات والفعاليات والمعارض والأماكن التي تجذب السائح مثل الشواطئ والمدن الأثرية والتاريخية ؛ ما يبرز أهمية التسويق بالنسبة إلى السياحة المحلية؛ نظراً إلى أهمية السائح الموريتاني على المستوى الإقليمي باعتباره من أكثر السياح إنفاقا وهو ما يعكس الحاجة الملحة إلى قيام نشاط تسويقي منظم لتسويق موريتانيا كالوجهة سياحية، والحد من ظاهرة تسرب السائح موريتاني إلى وجهات خارجية.
كما يجب أن تعي الجهات المسؤول مدي أهمية وجـود استراتيجيات تسويقية فاعلة تترجم جهودها إلى نتائج عملية يمكن من خعلالها تطوير السياحة المحلية؛ لتنافس السياحة الخارجية في الكثير من العناصر التسويقية؛ لتحقيق التأثير التسويقي المطلوب بجعل المنتج السياحي جاذبا للسائح من خلال ميزة تنافسية، وبما يحقق المنافع السياحية.