قيل أن ذيبا تزوج أرنبا وعاشا في مأمن داخل أحد الأودية المغطى بالحشائش الدكنة ، تتعهده جداءُ الحي، لا يكاد يسمع فيه سوى خشخشة الحشرات وزقزقة العصافير ونقيق الضفادع.
وكان حي الكلاب يرتحل بين مداخل الوادي نادرا، ما يسمع نباحهم إلا في أوقات متأخرة من الليل.
وذات ليلة بدرية مل النعاس اجفانه، تحدث الذئب عن أمجاد اسلافه، وتذكر موقعة وملحمة راح ضحيتها مجموعة من فرسان قبيلته، لكنها انتهت بالنصر وخاصة بعد تدخل أخواله.
وكانت الأرنب تستمع إليه تارة وتتثاءب تارة أخرى، وقد امتلك النعاس احفانها، والذئب يبكي اطلال مضارب الحي، مبديا استياءه من عزلته في الواد عن القبيلة والأقارب والرحم.
شعرت الأرنب بالوحدة، ورأت في وحشة الذئب بوادر فراق، قد يتركها وحيدة في الوادي، ما يعرضها لمخاطر الاعتداء.
فردت الارنب على قصص الذئب مبدية استحسانا لشجاعة معشر الذئاب وشهامتهم، وكرمهم اتجاه اصهارهم من الأرانب.
وبعد حديث مختصر تقدمت الأرنب بطلب من الذئب بالسماح لها بزيارة أخوالها، متعللة أن رحيم الأم من أوجب الارحام وأن قطعه من كبائر قطع الأرحام، ومستطردة ما يوفرون لها أخوالها من عناية وحماية منذ ولادتها، قبل ان تجهش بالبكاء متذكرة حنان أمها التب كانت الآمرة النهاهية، وجبروت أخوالها.
تأثر الذئب بتأثر ريحانته، وبدى عليه الحزن معبرا عن قبوله بزيارة الأرنب إلى أخوالها غير بعيد من إحدى ضواحي الوادي الذي يسكنون فيه.
وفي الصباح الباكر شمرت الأرنب عن ساقيها لزيارة أخوالها سيرا على الأقدام، إذ لا تتطلب المسافة الركوب.
لكن الذئب اقتفى أثرها دون علما، لمعرفة مدى فروسية أخوالها، ومستوى الاحتفاء بها في أول زيارة صلة رحم تقوم بها لحي من أخوالها.
وما أن خرجت الأرنب من الوادي حتي تمت مطاردتها من طرف "الكلاب"، والذئب يراقب عن بعيد، وهي تبدع في العدو أمام معشر الكلاب، حتى كان المساء حيث أعيت الكلاب وتعبت، وعادت إلى مضارب الحي.
وقفت الأرنب حتى تأكدت من عودة الكلاب، لبست ثيابها التي مزقتها الكلاب، واتجهت نحو مسكنها، ولما وصلت خطواتمن المكان، عدلت من سيرها، حتى دخلت وهي تتمايل، ثم جلست وألقت بثيابها،قائلة: هــــاح! "ايعمر خيل اخوان".. فقال لها "يحرڭ بيو الا حد بعد لاهي ايسولك".