يتسم تاريخ تأسيس الدولة الموريتانية بروايات تحمل وجهين متناقضين ، يفتح الباب واسعا أمام مزيد من البحث حول الاحداث التاريخية ، ومحاولة فك شفرة كُتلها المُعتمة .
ولعل تجاوز التاريخ لأحداث من الأهمية بمكان ، تجعل كتابته ، وكأنها بخط غير مقروء ، يسقط عن السطر تارة ، كخط المبتدئين .
وتقول الروايات الشرقية المعتمدة أن النائب عن دائرة شنقيط المختار ولد داداه رحمه الله ، لما وصل إلى سدة الحكم أمسك بجميع السلطات السياسية ، حيث كان رئيسا للحزب الواحد ، كما تولى بنفسه السلطة التنفيذية وكان محاطا بوزراء من أقرب المقربين ، ابرزهم حقيبة الدفاع والداخلية والنقل والبنك المركزي إلى غير ذلك، وبدى ممسكا بالسلطة التشريعية عن طريق رئيس البرلمان سليمان ولد الشيخ سيديا.
أثار احتكار السلطات جدلا في الشرق الموريتاني تزامنا مع ميلاد الدولة الموريتانية ، ما دفع أعيان الحوض إلى التفكير في الانضمام لدولة مالي ، وسمي العام بعام "مالي" وكان 1961 ميلادية.
سخرية النظام من الشرق وأهله
أثار الحراك في الشرق مخاوف الرئيس وحاول قطع الطريق أمام المطالبة بالخروج من العقد المكون للدولة ، وتم استدعاء رموز شرقية في نواكشوط للحوار حول اشراك المنطقة وسكانها في عملية البناء البطيئة ، لكن ثقل وزن الاعيان والشيوخ في مضاربهم طفق بمستوى تأثير ضيوف العاصمة نواكشوط من اعيان المنطقة.
تبين لا حقا أن الحل الوحيد لوقف الحراك المتسارع ، هو اقناع الاعيان في مناطقهم بضرورة الانسجام .
وتم ارسال وفد بقيادة شرقية لإقناع مناطق الشرق بالعدول عن توجهاتهم الجديدة ، حيث تمكن الوفد من اقناعهم دون تنازل! ، وتم الاتفاق على مؤتمر لعيون في يونيو سنة 1966.
وفي فبراير 1966 قام الرئيس المختار بزيارة لجمهورية مالي ، لقطع الطريق أمام أي حركة انفصالية وبعد عودته ، أقدم على إقالة أربعة من أعضاء الحكومة هم: محمد ولد الشيخ وأحمد ولد محمد صالح، ويحيى ولد منكوس وبمب ولد اليزيد ولم تتضح المبررات التي صاغها رحمه الله في مذكراته ، وراء الإقالة.
مخرجات مؤتمر لعيون
لم تستهدف مخرجات نتائج مؤتمر لعيون لا مصلحة المنطقة الشرقية ، ولا مصلحة أبنائها ، بل استولى ضيوف الشرف على النتائج ، وسط تصفيق من سكان المنطقة الشرقية.
فقد انبثقت أعمال المؤتمر عن تشكيل لجنتين إحداها للشباب بقيادة محمدن ولد باباه ، وأخرى للنساء بقيادة مريم داداه.
وهكذا ابتلع الشرق الموريتاني حرقة الاقصاء على أرضه ، وتمسك بذيل الحمامة كما يقال.