
تضم مقاطعة ولاتة مجابات رعوية وصحاري مخيفة، تسكنها قبائل متعددة وتحكمها عادات وتقاليد قديمة في غياب تام للسلطة المركزية .
فمن شمال ولاتة وغربها إلى علب دلنو ثم زيرة ام ركبة وتاكورارت نحو وا د اينيتي غرابا ، وشمالا في اتجاه اوجاف وشرقا بمنطقة لبطانين حتى حدود مقاطعة اظهر، لا تكاد ترى ما يوحي إلى أن هذه المناطق تابعة لأي دولة .
وتستمد هذه المناطق الشاسعة تبعيتها للدولة الموريتانية من مقاطعة ولاتة ، حيث النسيان والاهمال المتعمد من الانظمة المتعاقبة على السلطة في موريتاني.
فعاصمة المقاطعة تفتقد إلى قاض منذ اكثر من ثلاثة عقود من الزمن ، كما تفتقد إلى مستلزمات العيش الكريم ، تعليم معطل وصحة تكاد تلحق به ، وهجرة متواصل عن المنطقة ، ما يفتح الباب واسعا أما اتساع الخلافات ، حيث تتم تسويتها عادة بتدخل حاكم المقاطعة وخاصة في الخلافات التي تعود عليه بنصيب وافر من القسمة.
وتضم عاصمة المقاطعة فرقة من الدرك تعمل بوسائل متواضعة في مجابات شاسعة يستحيل الوصول إلى اغلبها إلا بدليل.
وكانت مصادر سكانية من آوكار قد نقلت لموقع "صوت" ان مجموعتان تقطنان في منطقة زيرت أم ركبة الرعوية التابعة لمقاطعة ولاتة بولاية الحوض الشرقي ، على بعد 120 كلم جنوب غرب ولاتة ، اشتبكت صباح الأربعاء 11 مارس 2020 ، وذلك لأسباب تتعلق بخلاف حول حفر بئر رعوي تقليدي ،تمثل فى اعتراض مجموعة المدعو سيد أحمد ولد ألمين على حفر بئر رعوي بالقرب من بئره من قبل المدعو سيد أحمد ولد المختار .
وقد خلف الإشتباك بين المجموعتين أكثر من ثلاثين جريحا ،بينهم أحد عشر فى حالة حرجة.
وتم إجلاء الجرحى إلى مركز الإستطباب بالنعمة ، باستثناء أربعة نقلوا إلى مركز الإستطباب بمدينة كيفه بإشراف ومتابعة من الجهات المختصة.
وتشهد المنطقة نزاعات قبلية بين حين لآخر ، وظهور عصابات تستهدف الانسان الحيوانان في منطقة رعوية بامتياز.
ففي السنة الماضية اختفى قطيع من الابل لاسرة اهل سيدي ببكر من قبيلة "اولاد بله" ، وبعد البحث عنه في سيارة رباعية الدفع ، تمكن بعض افراد الاسرة من العثور على اثر القطيع مما دفعهم لترك السيارة ، واستغلال ركوب الابل لاقتفاء الاثر ، قبل ان يتمكنوا من معاينة العصابة بعد نحر القطيع بكامله في عين المكان وبحوزتها سيارة من نوع "لند اكريزير" جديدة يستغلونها لنقل اللحم المجفف لتسويقة .
عادت المجموعة إلى فرقة الدرك الموجودة في مدينة ولاتة إلا ان قائدها رفض التوجه إلى العصابة ، ما اثار استغراب وحيرة اصحاب الابل ، مما دفع اهل سيدي ببكر إلى اللجوء إلى قيادة الدرك في مدينة النعمة والتي استجابت للقضية بإرسال فرقة تدخل للقبض على بعض افراد العصابة .
ومن بين افراد العصابة اثنين من ابناء "نفره" وآخر يدعى اعوينات، حسب مصادر سكانية قريبة من عين المكان تحدثت لموقع "صوت".
تمت إحالة القضية إلى العدالة بمدينة النعمة ، قبل ان تتحول إلى نزاع بين قبيلتين تم التحفظ عليه إطلاق جميع المشمولين في الملف.
وكانت المنطقة شهدت قبل ذلك بأشهر قليلة قصة اسرة أهل "بوكه" وهي احدي اسر قبيلة اديبوسات الثرية ، وقد تعرضت لشبه ابادة في منطقة (اوجاف ) عند ما توفيت الوالدة والأخت في ظروف غامضة قبل ان يعثر بعد ذلك على جثتي ابرز ابناء الاسرة المدعو اجه ولد بوكه وابن اخته ليتبين لاحقا ان عملية القتل لم تكن طبيعية ، بل تمت بالسم عن طريق خلطه بالشراب ، كما اكد ذلك الطب الشرعي الذي عاين الجثث في عين المكان ، كما تبين الاستيلاء على ملايين من الاوقية كانت بحوزة الشهداء .
وحسب معلومات حصل عليها موقع "صوت" فقد تم توجيه الاتهام مبكرا لطبيب متجول يدعى سيد احمد ولد اسقير تم القبض عليه ، وهوطبيب معتمدا لدى الاسرة المعنية وكان يتردد عليها لتقديم العلاجات لأفرادها في منطقة اوجاف البعيدة من المركز الصحي اليتيم في مدينة ولاتة بالشرق الموريتاني .
وكان اصرار احد افراد اسرة اهل بوكة على المسؤولية المباشرة للطبيب ولد اسقير عن ابادة اسرته ، قد دفعت القاضي في النعمة إلى الزامه بان يحلف اربعين مرة ، وهو ما استجاب له على الفور مؤكدا ان الطبيب هو من قتل جميع افراد اسرته ، بينما يصر الاخير على نفي التهم الموجهة إليه.
ومهما يكن من أمر فإن تلك المناطق المنسية ستظل بؤرة للصراعات القبلية في ظل اصرار الدولة على غيابها بقلبها.. وقالبها.