صرخة لثلاثة نساء و طفلة..
كنت أوّل من نطقت منهنّ؛ كانت عبارة ممعنة في البساطة و التّحدي، مسائلة لفجائية المشّهد بكلِّ عبئه، يكلع اباتكم ذو لصوص؟!
المشهد الثّابت إلى حد الّلحظة في ذاكرتي كان عبارة عن شخص شبّته بإبن خالي البالغ من العمر 19 عام تقريبا، قدّرت أنه هو، إلا أنّ آخر يقف في الجانب الآخر جعلني أخرج من متاهات توقعاتي الآنية.
خرج شخص ثالث، لا أعرف من أين بالضّبط و لا كيف خرج، كان يقف إلى جانب الشخص الأول، الشّبيه بإبن خالي، كانت تلك الثانية ميلاد تسائلي ذلك؛ يكلع اباتكم ذو لصوص؟ هرّول نحوي الشّخص الثّالث، كان يحمل آلة في رأسها شيء حاد _تمكت من تمييزها من خلال الضوء الآتي من المطبخ و الحمام _ أتبعت سؤالي الموغل في الصّدمة بصرخة هدّت جدار الصّمت الّذي لم يكسره كلّ هذه الضّخامة في الفعل الآتي إلينا في صمت آخر اللّيل. كانت لحظة يطبعها اتّحاد النّساء على فعلٍ مقاوم للشّر الآتي، لدفعه بعيدا، لتحطيمه رغم قوته، لما يصل إليّ كبيرهم الذي تولى حمل السلاح حتى انهزم أمام هذا الوابل من صراخ ثلاثة نساء و طفلة.
ابنتي، التصقت كلّ منا بالأخرى، هذا الالتصاق الّذي كان سلاحنا في وجه الغرباء، استيقظ الرّجال مهرولين وراء الصّائلين، مما عرّض أحدهم لتلقي ضربة على الذّقن مما أوجب ذهابه إلى المستشفى.
نحن الذين بقينا في المنزل بحثنا عن الثّغرة الّتي من خلالها دخلت العصابة، لنتفاجأ بتحطيمهم لسياج المطبخ _الصورة_ و اخراجهم لبعض الأواني الّتي كانت تسد النافذة، احذيتهم بقية خارج المنزل.
أردنا إخبار الأهل و الأقرباء، الهواتف التي أخذت كانت هي وسيلة اتصالنا مع العالم الخارج عن ميدان المعركة، كان أحد اطفالنا البالغ من العمر 14 عاما قد عثر على هاتفه، فارغ الرّصيد، فقط ميكابيتات مكنتني من الدّخول لحسابي، كان في ما كتبت نقطتين:
*إخبار الأهل و الأقرباء للالتحاق بنا، لعل أحد يتمكن من قراءته.
*إخلاء المسؤولية عن حساباتي في تلك السّاعات حتى أتمكن من اغلاقها "من بين ما أخذ هاتفي و جهازي الآيباد" جملة اخلاء المسؤولية.
لا أظن أنني تجاوزت اللحظة، كانت فجائية جدًّا، مرعبة، مهددة بالنّهاية، بالتّلاشي، و لا أظن أنّ أفراد أسرتي تحاوزوها لحد الّلحظة.
سوم محمد الولي