فجر يوم الثلاثين من ديسمبر عام 2003؛ سار الرئيس العراقي صدام حسين، بين عدد من الرجال الملثمين، لتنفيذ حُكم إعدام ساهم في إعداده المتآمرون داخل وخارج دولته، وفي مشهد هزّ العالم؛ وقف صامدًا متماسكًا بين حبال المشنقة حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
رحل صدام، ورحلت معه مرحلة من تاريخ العراق الذي حكمه لما يقرب من ربع القرن، قبل أن تتم الإطاحة به إثر الغزو الذي قادته الولايات المُتحدة الأمريكية في عام 2003.
وبعد مرور خمسة عشر عامًا؛ كشفت وكالة أنباء "سرايا" الأردنية، معلومات تُنشر للمرة الأولى حول ملابسات اعتقال الرئيس العراقي الراحل، من خلال بحث مُعمق قدمه أحد أقطاب المعارضة الأردنية من ذوي الصلة بالملف العراقي، الشيخ محمد خلف الحديد.
كشف المُعارض الأردني وجود أطراف إسرائيلية وأخرى أمريكية وثالثة عربية شاركوا في عملية التمكن من اعتقال صدام حسين، في عملية لا تزال غامضة التفاصيل.
وقالت الوكالة، إن الخيط الأول في المسألة بدأ مع ضابط عراقي فرّ للأردن عندما هاجمت القوات الأمريكية غرب بغداد بعدد كبير واسمه "أسعد ياسين"، الذي أستجوب في الأردن.
وأضافت أن ياسين قدم معلومات لجهات أمريكية في عمان عبر دولة عربية ثالثة عن شخص آخر أرسله له الرئيس الراحل واسمه "محمد إبراهيم" لكي يلتحق بالمقاومة ويقابل صدام، في تكريت.
كانت تلك المعلومة هي الأساس –بحسب الوكالة- في عملية ملاحقة استخبارية مُعقدة للمواقع التي يمكن أن يتواجد فيها الرئيس الراحل.
تمكنت الاستخبارات الأمريكية وقتذاك من اعتقال المدعو إبراهيم وهو فلسطيني على صلة بأقرب حلقات الرئيس الراحل.
ثم استجوب الموساد الإسرائيلي الأخير وحصل منه على معلومات مفصلة تحت التعذيب عن مكان تواجد الرئيس صدام.
وحسب التقرير كان رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل أيضًا أرئيل شارون متحمسًا جدًا للعملية، بل كان أول زائر لصدام حسين بعد اعتقاله في مقر سجنه لكي يراه خلف القضبان بسبب خوف القيادة الإسرائيلية الكبير من الراحل ورغبته في"التشفي"، بحسب الوكالة الأردنية.
قبل ذلك كان الضابط ياسين يقيم في عمان –بحسب الوكالة- وقدم معلومات لفتاة مغربية جندها الموساد تتعلق بأسلحة الدمار الشامل والمفاعل النووي العراقي.
ووصف ياسين بأنه ابن خالة الرئيس صدام وأحد المرافقين المقربين إليه.
المعلومات التي قدمها المصدر للوكالة، لم تكن الأولى من نوعها، فقناة "العربية" أطلقت فيلمًا وثائقيًا بعنوان "آخر حروب صدام"، في مارس من العام 2013، تناولت فيه تفاصيل الحرب من جوانب عدة وصولاً إلى إعدام صدام حسين وإسقاط تمثاله.
تفاصيل الرواية الأمريكية التي تؤكد أن حارس صدام الشخصي هو الواشي عن مكانه، وفي المقابل يعرض رواية الزعيم الكردي المعارض لصدام، علي كسرت رسول.
وتقول الرواية الأمريكية، إن محمد إبراهيم، الحارس الشخصي الأكثر وفاءً وقربًا لصدام، هو الذي أرشد عن مكانه، وذلك بعد أن تم إلقاء القبض عليه في الثالث عشر من ديسمبر.
ووفق رواية إيريك مادوكس، المُحقق في جهاز مخابرات الجيش الأمريكي والمسؤول عن استجوابه، فإن إبراهيم أنكر في البداية معرفته بصدام، ولكن بعد إخباره بالقبض على 40 شخصًا من أقاربه وسرد أسماء 30 آخرين وتهديده بمداهمة كل منزل من منازل أقاربه، اختار فورًا الإرشاد عن مكان صدام.
أما الرواية الكردية فبطلها أحد القادة الرئيسيين السريين في قوات البشمركة، كان زعيم حزب كردي معارض بشدة لصدام يُدعى علي كسرت رسول، بحسب ما نقله وثائقي العربية.
وبعد أن قرر الخروج عن صمته أكد أنه وبمساعدة قبيلة صدام التي كانت تعيش في العوجا استطاع الوصول إلى مكان اختبائه ومن يزوّدهم بالغذاء، وأنهم هم من أعطوا الأمريكيين المعلومات في الريف شمال تكريت حتى يتمكنوا من إلقاء القبض عليه.