كشفت منظمة الصحة العالمية، أن بعض السموم الطبيعية في الأغذية تعتبر آلية دفاع للنباتات، عن طريق العفن المنتج للسموم الذي ينتشر فيها، يمكن أن تسبب السموم الطبيعية عددا من الآثار الصحية الضارة، وأن تؤدى لمخاطر وخيمة تهدد صحة البشر والماشية.
وقالت منظمة الصحة العالمية، بعض هذه السموم شديدة للغاية، قد تتمثل الآثار الصحية الضارة في التسمم الحاد الذي تمتد درجاته من التفاعلات بالجسم، إلى آلام المعدة الشديدة، والإسهال، بل والوفاة، وتشمل العواقب الصحية الطويلة الأجل، التأثير على الجهاز المناعي، أو التناسلي، أو العصبي، والإصابة بالسرطان.
وأشارت إلى أن لجنة الخبراء العلمية المكونة من المنظمة، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في تشكيلها المعنية بالمضافات الغذائية، الهيئة الدولية المسئولة عن تقدير المخاطر الصحية الناجمة عن السموم الطبيعية الموجودة في الأغذية.
وأضافت، تتولى هيئة الدستور الغذائي وضع المعايير ومدونات قواعد الممارسات الدولية بالاستناد إلى تقييمات لجنة الخبراء المشتركة المعنية بالإضافات الغذائية، من أجل الحد من التعرض للسموم الطبيعية الموجودة في بعض الأغذية.
ما هي السموم الطبيعية؟
السموم الطبيعية هي مركبات سامة تُنتجها الكائنات الحية بطريقة طبيعية، وهذه السموم ليست مضرّة للكائنات نفسها، ولكنها قد تكون سامة للمخلوقات الأخرى، بما في ذلك البشر، عندما تؤكل، وهذه المركبات الكيميائية متنوعة من حيث هياكلها وتختلف وظائفها البيولوجية، ويتفاوت مدى سميتها، موضحة أن بعض السموم تنتجها النباتات كآلية دفاع طبيعية ضد الأضرار، أو الحشرات، أو الكائنات الدقيقة، كالعفن، التي تنتشر فيها استجابة للضغوط المناخية (مثل الجفاف أو الرطوبة الشديدة).
وأضافت، تتمثل مصادر السموم الطبيعية الأخرى في الطحالب المجهرية، والعوالق الموجودة في المحيطات وأحياناً في البحيرات، والتي تنتج مركبات كيميائية سامة للبشر، وليس للأسماك أو الصدفيات التي تأكل هذه الكائنات المنتجة للسموم، وعندما يأكل الناس الأسماك أو الصدفيات التي تحتوي على هذه السموم يمكن أن يصابوا سريعاً بالمرض.
وفيما يلي وصف لبعض السموم الطبيعية الأكثر انتشاراً التي قد تعرض صحتنا للخطر.
السموم الموجودة بالطحالب..
تسمى السموم التي تكونها الطحالب في مياه المحيطات وفي المياه العذبة سموم طحلبية، وتنشأ السموم الطحلبية أثناء تزهير أنواع معينة من الطحالب الموجودة في الطبيعة، وتزيد احتمالات احتواء الصدفيات مثل بلح البحر، والاسكالوب، والمحار على هذه السموم مقارنة بالأسماك، ويمكن أن تسبب السموم الطحلبية الإسهال، والنخز، والشلل وآثار أخرى في الإنسان، أو الثدييات، أو الأسماك. ويمكن أن تحتجز السموم الطحلبية في الصدفيات، والأسماك، أو أن تلوث مياه الشرب، وهي عديمة المذاق، والرائحة، ولا يمكن التخلص منها بالطهي أو التجميد.
تعرف على الأسماك المسممة..
ويُعد التسمم بالسيكواتيرا مثالاً آخر، وينشأ عن استهلاك الأسماك الملوثة بالدينوفلاجلات التي تنتج السموم، وبعض الأسماك يُعرف عنها أنها تحتوى على هذه السموم، مثل العقام، والهامور والعصمودي، والإسقمري الملكي، وتتضمن أعراض التسمم" بالسيكواتيرا" الغثيان، والقيء، والأعراض العصبية، مثل الشعور بالنخز في أصابع اليدين والقدمين، ولا يوجد حالياً علاج محدد للتسمم بالسيكواتيرا.
السمكة المنتفخة..
السموم العصبية، على سبيل المثال، رباعي الذيفانات الموجودة في السمكة المنتفخة، وبعض الرخويات البحرية الرمادية الجانبية، تؤثر على الجهاز العصبي للكائنات الحية
2000 نوع من النباتات تحتوى على سموم..
الجلوكوزيدات السيانوجينية هي سموم نباتية (مواد كيميائية سامة تنتجها النباتات) توجد في 2000 نوع من النباتات على الأقل، ويُستخدم عدد من هذه الأنواع كغذاء في بعض مناطق العالم، وتكتسي الذرة الرفيعة، والفواكه ذات النواة، وجذور الخيزران، أهمية خاصة كأغذية تحتوي على هذه السموم " الجلوكوزيدات السيانوجينية"، وتتوقف السمية المحتملة للنبات السيانوجيني في المقام الأول على احتمال أن يؤدي استهلاكه إلى تركيز" السيانيد" بدرجة سامة للبشر الذين يتعرضون له، وقد تشمل العلامات السريرية الدالة على التسمم الحاد بالسيانيد في البشر ما يلي: سرعة التنفس، وانخفاض ضغط الدم، والدوخة، والصداع، وآلام المعدة، والقيء، والإسهال ،ولخبطة المخ، والزراق مع النفضان والاختلاجات التي تتبعها غيبوبة نهائية، ويمكن أن تحدث الوفاة الناجمة عن التسمم بالسيانيد عندما يتجاوز مستوى السيانيد الحدود التي يمكن للشخص أن يتخلص منها.
سموم الفيوروكومارينات..
توجد هذه السموم في العديد من النباتات، وهى وثيقة الصلة بالجزر، والبقدونس، والكرفس، والموالح، مثل (الليمون، والجريب فروت) وبعض النباتات الطبية، موضحة إن "الفيوروكومارينات"، هي سموم ينتجها النبات استجابة للضغوط، مثل تعرضه للضرر الخارجى، ويمكن لبعض هذه السموم، أن تسبب مشكلات معدية معوية في الأشخاص المعرضة له، والفيوروكومارينات سامة ضوئياً، ويمكن أن تسبب تفاعلات جلدية وخيمة، في ضوء الشمس (التعرض للأشعة فوق البنفسجية)، وتحدث هذه التفاعلات في المقام الأول بعد التعرض الجلدي، ومع ذلك فقد تحدث عقب استهلاك كميات كبيرة من خضروات معينة تحتوي على مستويات عالية من الفيوروكومارينات.
سموم اللكتينات بالنبات وخصوصا الموجودة بالفاصوليا الجافة..
تحتوي أنواع عديدة من البقول على سموم تسمى لكتينات، وتحتوي الفاصوليا الجافة على أعلى تركيز لها، ولاسيما الفاصوليا الحمراء، ويمكن لأربعة أو خمسة حبوب من الفاصوليا النيئة، أن تسبب أعراض وخيمة تتمثل في آلام المعدة، والقيء، والإسهال، ويؤدي نقع البقول لمدة 12 ساعة على الأقل ثم غليها في الماء بشدة لمدة 10 دقائق على الأقل إلى تدمير اللكتينات، والفاصوليا الجافة المعلبة خضعت بالفعل لهذه العملية، ولذا يمكن استهلاكها دون معالجة أخرى.
السموم الفطرية..
السموم الفطرية هي مركبات سامة موجودة في الطبيعة ينتجها بعض أنواع العفن، والعفن الذي يمكنه إنتاج السموم الفطرية ينشأ على العديد من الأغذية مثل الحبوب، والفواكه المجففة، والمكسرات والتوابل، ويمكن للعفن أن يتكون قبل الحصاد أو بعده، وأثناء التخزين، ويمكن أن يتكون على الأغذية نفسها، ويحدث ذلك عادة في ظروف الحرارة والبلل والرطوبة.
وقالت منظمة الصحة العالمية، معظم السموم الفطرية مستقرة كيميائياً وتتحمل عملية معالجة الأغذية، ويمكن لآثار السموم الفطرية الموجودة في الأغذية أن تكون حادة، ويصاحبها أعراض الاعتلال الوخيم، بل والموت الذي يحل سريعاً بعد استهلاك المنتجات الغذائية الشديدة التلوث، وتشمل الآثار الصحية الطويلة الأجل للتعرض المزمن للسموم الفطرية الإصابة بالسرطان.
سموم السولانينات والشاكونين..
تحتوي جميع النباتات من فصيلة الباذنجانيات التي تشمل الطماطم، والبطاطس، والباذنجان، على سموم طبيعية تسمى سولانينات وشاكونين، وفي حين أن هذه السموم تكون مستوياتها عادة منخفضة، فإنها موجودة بتركيزات أكبر في البطاطس "ذات البراعم"، والقشور المرّة، والأجزاء الخضراء، وفي الطماطم الخضراء كذلك، وتنتج النباتات السموم نتيجة لتعرضها للضغوط مثل التخزين فى الأماكن الرطبة، والضوء فوق البنفسجي، والكائنات الدقيقة، ومهاجمة الآفات الحشرية، والحيوانات آكلة العشب، وللحد من إنتاج السولانينات والشاكونين، من الأهمية بمكان حفظ البطاطس في مكان مظلم وبارد وجاف، وعدم تناول الأجزاء الخضراء أو البراعم.
المشروم السام..
قد تحتوي أنواع المشروم البري على عدد من السموم، مثل الموسيمول والموسكارين، اللذين يمكن أن يسببان القيء، والإسهال، واضطرابات الرؤية وسيلان اللعاب والهلاوس، وتبدأ الأعراض في غضون فترة تتراوح ما بين 6 ساعات، و24 ساعة أو أكثر بعد تناول المشروم، وعادة ما يرتبط التسمم المميت بتأخر ظهور الأعراض التي تكون شديدة، وتؤثر تأثيراً ساماً على الكبد، والكلى، والجهاز العصبي، ولا يؤدي الطهي، أو التقشير، إلى إبطال مفعول السموم، ويوصى بتجنب تناول المشروم البري إلا إذا تأكد أنه غير سام.
سموم قلويات البيرولايزيداين..
قلويات البيرولايزيداين هي سموم ينتجها نحو 600 نوع من النباتات، وتمثل العديد من هذه النباتات أعشاباً يمكن أن تنمو في الحقول، وأن تلوث المحاصيل الغذائية، ويمكن لقلويات البيرولايزيداين أن تسبب عددا من الآثار الصحية الضارة، ويمكن أن تكون شديدة السمية، ويشكل احتمال إضرار بعض هذه المواد مثاراً رئيسياً للقلق، وقد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان.
وتكون قلويات البيرولايزيداين مستقرة أثناء المعالجة، واكتُشف وجودها في شاي الأعشاب، والعسل، والأعشاب، والتوابل، وغيرها من منتجات الأغذية مثل الحبوب، ومنتجات الحبوب، ومع ذلك فإن تعرض الإنسان لها يعد محدوداً، ونظراً إلى ما يتسم به الموضوع من تعقيد، ولكبر عدد المركبات ذات الصلة، فإن المخاطر الصحية الإجمالية لم تُقدّر بعد. وأوضحت منظمة الصحة العالمية، تعكف لجنة الدستور الغذائي المعنية بالملوثات في الأغذية المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية، على وضع الإرشادات بشأن استراتيجيات الإدارة لمنع النباتات المحتوية على قلويات البيرولايزيداين من دخول السلسلة الغذائية.
كيف يمكن الحد من المخاطر الصحية الناجمة عن السموم الطبيعية إلى أدنى قدر؟
فيما يتعلق بالسموم الطبيعية، من الأهمية بمكان ملاحظة إمكانية وجودها في أنواع مختلفة من المحاصيل والأغذية، وفي النظام الغذائي المتوازن والصحي، تكون مستويات السموم الطبيعية أدنى من عتبة السمية الحادة والمزمنة.
وللحد من المخاطر الصحية الناجمة عن السموم الطبيعية الموجودة في الأغذية يُنصح الأشخاص باتّباع ما يلي:
أولا : عدم افتراض أن كل ما هو "طبيعي" يتسم تلقائياً بالمأمونية.
ثانيا: التخلص من الأغذية التي تعرضت للتخزين فى جو رطب، أو التي أصبح لونها باهتاً.
ثالثا: الأغذية التي أصابها العفن على وجه الخصوص.
رابعا: التخلص من أي أغذية لم تعد رائحتها أو مذاقها طازجاً، أو تغيّر مذاقها عن المعتاد.
خامسا: عدم تناول أنواع الفطر البري أو أي نباتات برية إلا تلك التي تأكد أنها غير سامة.
استجابة المنظمة..
تُعد منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة مسؤلة عن تقدير مخاطر السموم الطبيعية، الناجمة عن تلوث الأغذية على الإنسان، وعن إصدار التوصيات بشأن وسائل الحماية الكافية.
ومعايير الدستور الغذائي هي المرجع الدولي لإمدادات الأغذية الوطنية وتجارة الأغذية، التي يمكن بفضلها للأشخاص في كل مكان أن يكونوا على ثقة من أن الأغذية التي يشترونها تلبي المعايير المتفق عليها بشأن المأمونية والجودة، أينما أُنتجت.
وتحدد لجنة الخبراء المشتركة المعنية بالمضافات الغذائية مستوى المدخول من السموم الطبيعية الذي يمكن تحمّله، موضحة أن السموم الطبيعية لا تعرض صحة الإنسان والحيوان للمخاطر فحسب، بل وتؤثر على الأمن الغذائي والتغذية بالحد من إتاحة الأغذية الصحية أمام الناس، وتشجع المنظمة السلطات الوطنية على رصد مستويات السموم الطبيعية ذات الصلة بإمداداتها الغذائية، وضمان انخفاضها إلى أدنى حد، وامتثالها للمستويات القصوى والشروط والتشريعات على الصعيدين الوطني والدول.