هل يقضي توجه المغرب لأفريقيا على فرص إحياء "المغاربي"؟

خميس, 02/02/2017 - 09:29

فتحت عودة المملكة المغربية للاتحاد الأفريقي باب الجدل حيال تأثير عودة الرباط إلى "العائلة الأفريقية" على مستقبل اتحاد المغرب العربي، الذي جُمد في الواقع عام 1994؛ بسبب خلاف جزائري مغربي.

وكشف العاهل المغربي، الملك محمد السادس، أولى "انطباعاته" بخصوص مصير الاتحاد المغاربي، في ثنايا الخطاب الذي ألقاه الاثنين، بمقر الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا، بمناسبة عودة المملكة للاتحاد الأفريقي، عندما ذكر أن "شعلة اتحاد المغرب العربي قد انطفأت". فهل وقع ملك المغرب شهادة وفاة الاتحاد المغاربي الذي لم يلتئم قادته باجتماع منذ 23 سنة؟

وذكر الملك المغربي في خطابه: "لقد ظل المغرب يؤمن دائما بأنه ينبغي، قبل كل شيء، أن يستمد قوته من الاندماج في فضائه المغاربي. غير أنه من الواضح أن شعلة اتحاد المغرب العربي قد انطفأت، في ظل غياب الإيمان بمصير مشترك"، كما قال.

 

وأضاف: "الحلم المغاربي، الذي ناضل من أجله جيل الرواد في الخمسينيات من القرن الماضي، يتعرض اليوم للخيانة"، دون أن يشير بإصبع الاتهام إلى طرف بعينه.

هل ينسحب المغرب من الاتحاد المغاربي؟

ويرى بن جمعة صايش، الأستاذ بجامعة الجزائر والمحلل السياسي، أن "الجزائر، هي المقصودة بكلام الملك المغربي، فالمغرب منذ عقود يتهم الجزائر بإفشال مشروع الوحدة المغاربية، حيث ترى الرباط أن موقف الجزائر إزاء قضية الصحراء رهن مصير الوحدة المغاربية ونسف حلم مغرب الشعوب".

وحول ما إذا كان خطاب محمد السادس يحمل إشارة إلى احتمال انسحاب المغرب من الاتحاد المغاربي، بعد عودة بلاده للاتحاد الأفريقي، قال صايش، في حديث لـ"عربي21": "لا أعتقد ذلك، فالرباط عادت لتوها إلى الحضن الأفريقي، ولا يمكن أن تعيد الكرة، عندما انسحبت من منظمة الوحدة الأفريقية العام 1984، وتركت مكانها شاغرا".

ورأى أن "دول الاتحاد، غير الجزائر والمغرب، لم تقم بدورها في بعث الاتحاد، وبقيت طيلة عقود تتفرج على خلاف بين دولتين عضوين دون تدخل"، كما قال.

من جهته، قال عضو مجلس الأمة الجزائري، بوجمعة صويلح، وهو المعين من طرف الرئيس بوتفليقة، إن "الاتحاد المغاربي ليس فكرة أشخاص يعلنون بقاءها أو نهايتها، إنما هو قيم ومبادئ ونضالات تجمّع شعوب كاملة على مدى قرون من الزمن؛ وبذلك سيستمر هذا الكيان، فارضا وجوده بقوة التاريخ المشترك الذي يجمع شعوبه وحقيقة الجغرافيا التي تتطلب من دوله التحضير للمستقبل في عالم أصبح يتجه نحو التكتل والتكامل بين دوله".

واعتبر صويلح أن "المغرب اختار التكتل بفضاء بديل عن اتحاد المغرب العربي، الذي تسعى دوله إلى إعادة بعثه من جديد، كما سبق أن أعلن الرئيس بوتفليقة شهر شباط/ فبراير 2015 بالرسالة التي وجهها للشعب الجزائري بمناسبة يوم الشهيد".

موقف بوتفليقة

واعتبر مراقبون أن رسالة الرئيس الجزائري، آنذاك، كانت موجهة إلى القادة المغاربة، أكثر منها إلى الشعب الجزائري، حيث أعلن بوتفليقة عن "تمسّك الجزائر بمشروع بناء صرح اتحاد المغرب العربي في كنف القيم السامية التي جمعت الدول المغاربية إبان مكافحتها للاستعمار الفرنسي".

وفي حزيران/ يونيو الماضي، صرح وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، خلال مؤتمر حول مكافحة الإرهاب بالعاصمة الجزائر، بأن "سعي الجزائر إلى التركيز على موضوع التعاون الأمني في منطقة المغرب العربي ينطلق من وعيها بأن مسالة استتباب الأمن في المنطقة هي مسؤولية الجميع"، موضحا أن ذلك "يستلزم منا تضافر جهود الجميع لإقامة تعاون مغاربي حقيقي وفعال".

خلاف سياسي وفسحة اقتصادية

وفي المقابل، يشير الخبير الاقتصادي الجزائري، حفيظ صواليلي، إلى أن الخلافات بين المغرب والجزائر، وإن انعكست سلبا على الاتحاد المغاربي، مثلما انعكست سلبا على العلاقات الثنائية، إلا أنه من الناحية الاقتصادية، فإن الحجم المبادلات التجارية بين البلدين أكبر بكثير من حجم المبادلات بين الجزائر وباقي دول الاتحاد المغاربي".

ويضيف صواليلي تخيل أن حجم المبادلات بين الجزائر والمغرب بلغ العام الماضي مليارا و100 مليون دولار، وهو رقم معتبر، حيث تصدر الجزائر لجارتها الغربية مواد أساسية ، أهمها الغاز، بينما تستورد منها المواد الغذائية والفلاحية والنفايات الحديدية".

ويقول صواليلي: "على الصعيد السياسي والدبلوماسي، نعم، هناك ركود، فقول ملك المغرب إن شعلة الاتحاد قد انطفأت ليس جديدا، فعمر هذا الاتحاد لم يدم إلا خمس سنوات، من تأسيسه عام 1989 إلى قمة 1994 في تونس"، كما قال.

ويضم الاتحاد المغاربي خمس دول، هي: الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا. وجاء تعطل الاتحاد بسبب الخلاف حول قضية الصحراء، بين أبرز عضوين فيه، وهما الجزائر والمغرب.

وقد سعى الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، إلى إذابة الجليد بين الجزائر والرباط؛ بسعيه عام 2005 لعقد قمة لاتحاد المغرب العربي في ليبيا، غير أن مسعاه لم ينجح، بعد أزمة طارئة بين العاصمتين، إذ رفض الملك المغربي محمد السادس، في آخر لحظة، التوجه لحضور قمة الاتحاد، وذلك بعد أن أرسل بوتفليقة رسالة إلى مسؤول جبهة البوليساريو آنذاك، محمد عبد العزيز، يؤكد فيها أن الجزائر مستمرة بدعمها اللامشروط للبوليساريو.

واعتبرت الرباط رسالة الرئيس الجزائري لعبد العزيز عشية القمة "عملا عدوانيا ضد وحدتنا الترابية"، وفق بيان للخارجية المغربية في ذلك الوقت، ما دفع بالقذافي إلى اتخاذ قرار بإلغاء القمة، وكانت تلك آخر محاولة لترتيب لقاء على مستوى القادة المغاربيين.

المصدر: عربي21