طالعت النسخة الورقية من الوثيقة الختامية للأيام التشاورية حول التعليم وقد تعززت صورة العبثية والإرتجال والإرتباك التي حصلت لدي من الإستماع لها في صوتية سابقة……
المنظومة التربوية هي برامج تعليمية وطواقم تدريس ووسائل دراسة وحاضنة اجتماعية مراقبة وظروف معيشية مقبولة ووضوح رؤية وأهداف مرسومة في المدي القريب والمتوسط وتخطيط وفق برامج التنمية وهي قبل كل هذا وذاك مشروع كبير لن ينجح إلا بأهله وبالوقت الكافي دراسة ومعالجات …
سأتناول بعضا مما جاء في البند 1.2.3 تحت عنوان: ترقية وتدعيم اللغات……
جاء في المادة 2.1.3 أن اللغات متساوية من الناحية الدستورية وهذا غير صحيح إذ هناك أربع لغات وطنية ولغة رسمية واحدة هي اللغة العربية.
تطرقت المادة 2.1.3.1 للغات التدريس ولغات الإنفتاح في فقرات عدة سأكتفي بذكر ما يتعلق منها باللغات الوطنية ولغة المستعمر مع إبداء بعض الملاحظات..
الفقرة الأولي: “أن يتلقي الأطفال التعليم في جميع المستويات باللغات الوطنية : العربية البولارية السوننكية الولفية………”
الملاحظة :
تقول هذه الفقرة بأن التدريس سيكون بكل اللغات ولم تقل بتدريس كل اللغات أي أن القطيعة ستبدأ من اليوم الأول…….ودون الدخول في تفاصيل إمكانية التدريس بلغات لم تكتب بعد ولم تتم قوعدتها لا هنا ولا في العالم الآخر….ستكون هناك أربع مدارس لكل منها لغتها وتلاميذتها وستكون هناك أربع مخرجات وستكون في النهاية هناك أربع دول ……!!!!
ولو جمعنا ما بين القول بأن اللغات الوطنية لها نفس الصفة الدستورية في المادة 2.1.3 وبين مانصت عليه الفقرة الأولى من المادة 2.1.3.1 من أن التدريس سيكون بكل اللغات الوطنية ستكون الأرضية القانونية مهيأة لفيدرالية أو كونفدرالية أو تفكك…..
الفقرة الثانية : “أن يتعلم كل طفل عربي موريتاني علي الأقل إحدي اللغات الثلاثة : البولارية السوننكية الولفية…..”
الملاحظة:
هذا أمر مفيد لكنه يصبح حشوا إذ إن الغاية منه هي التواصل وفي الفقرة الثالثة سيتم تدريس اللغة العربية للجميع ليس بوصفها لغة الدولة الرسمية وإنما بغرض التواصل……فإن حصل هذا يكون الآخر استنزافا لا مبرر له.
الفقرة الثالثة:
“تدرس العربية لجميع الأطفال غير الناطقين بها بوصفها لغة تواصل وبوصفها ناقلة لمضامين المواد الأخري….”
الملاحظة :
حين يكون الغرض هو التواصل فهذا يعني أنه حين يحصل هذا التواصل بفعل تعميم لغات أخري لن تبقي حاجة لتعميم تدريس هذه اللغة إذ العلة تدور مع معلولها
الفقرة الرابعة:
“أن تدرس العلوم في بداية المسار الدراسي باللغات الوطنية….”
الملاحظة :
في هذه الفقرة غموض مربك وكثير من عدم الجدية…فماذا يعني أصحاب التقرير ب: بداية المسار الدراسي
ثم أين هذه اللغات الوطنية اليوم التي بالإمكان تدريس المواد العلمية بها !!!!!
الفقرة الخامسة:
“أن تدرس الفرنسية ابتداء من السنة الثانية بوصفها لغة تواصل مع إمكانية استخدامها لغة تدريس لبعض المواد العلمية.”
الملاحظة:
تأخرت اللغة الفرنسية عن المدرسة الموريتانية سنة واحدة إذ لن تدخلها إلا في السنة الثانية ابتدائي ولكنها ستكون بصفتها لغة تواصل كما حال اللغة العربية وستزيد علي اللغة الرسمية بأنها سيتم استخدامها لتدريس المواد العلمية في المراحل اللاحقة…..
نحن اليوم أمام تحيين إصلاح 99 لإعطاء اللغة الفرنسية مزايا إضافية كبيرة ولتأسيس محاصصة ثقافية بدعة في شكلها وجوهرها و لا تستقيم عقلا ولن تكون لها من المزايا إلا أنها ستكون أساسا للمطالبة بمحاصصات سياسية قد تكون هي الهدف الأسمي للذين دفعوا لإقرارها……
أرجو أن تنتبه الوزارة لهذه الملاحظات وغيرها قبل إصدار القانون التوجيهي كما أرجو من السلطات العليا في البلد أن تنتبه للمخاطر الجمة التي قد تنتج عن التراخي في حماية ثوابت الأمة.
التنازل عن مركزية اللغة الرسمية تحت أي عنوان كمن يتنازل عن جزء من سيادته الترابية في أرضه أو مائه أو سمائه……وبموجب هذه الوثيقة أصبحت اللغة العربية كاللغة الفرنسية في وظيفة التواصل ودونها بكثير بحيث ينتهي دورها مع بعض الشعب الأدبية قبل الثانوية العامة…..
إذا كانت هذه الخلطة هي ثمرة التشاور حول التعليم فكيف سيكون عليه الحال في حوار أو تشاور أشمل في قادم الأيام !!!!
أقيموا العدل وفعلوا الدستور ولا تتركوا أحدا يتجاوز ما رسمه القانون لحدود عمله وصلاحياته.
محمد ولد الراظي