عزيز على أعتاب باب منزله، ظهور الكنتي وقانون الرموز والتشاور.. مؤشرات تسوية
تطورات متلاحقة شغلت بال الموريتانيين وأشعلت سجالا سياسيا واسعا، لكن ما طفا منها على السطح ليس سوى تعمية لطبخة يبدو أنها على وشك أن تنضج.
قراءات متطابقة لأحداث الأسبوع الماضي كلها صبت في سياق اكتمال ترتيبات التسوية مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وتهيئة الرأي العام لها عبر بوابتين أساسيتين هما السياسيون والإعلاميون.
كان يقال عن المرحوم محمد يحظيه ولد ابريد الليل إنه لايكتب إلا في أوقات مفصلية من تاريخ البلد..
فمن الواضح أن إسحاق الكنتي لا يمتلك من الجرأة ما يمنحه فرصة إطلاق رصاصة الرحمة على حوار جدي مازال في مهده ما لم يكن لديه ضوء أخضر من جهات عليا.
وهجومه الشرس على قوى المعارضة التي سقطت في فخ مائدة قصر المؤتمرات ومدخلاته الدسمة من "المشوي" لم يكن اعتباطيا ولا رأيا شخصيا كما أن سياقه الزمني كان مدروسا بعناية حتى تلين مخرجاته.
رسالة الكنتي خلطت أوراق خصومه ومفادها أن عليهم رفع الراية البيضاء للسيناريو المقبل كي يحافظوا على امتيازات "التهدئة" المادية.
إن أكبر عذر (دَارتْهُ المعارضة على الوجه) في هرولتها نحو غزواني هو أنه سيحاكم عزيز وسيفتح ملفات عشريته.
والنظام في الوقت الراهن بحاجة لخدمات قوى المعارضة في احتواء صدمة الشارع من اتفاق التسوية المبرم في الكواليس وإخراجه لدائرة الضوء بأقل ضجيج ممكن.
وربما لايكون لدى معظم أحزاب المعارضة - سابقا- مانع من تقديم هذه الخدمة مادام نصيبها من الكعكة مصونا ومادامت صحون مآدب غزواني وأقداح شايه المنعنع ستسع الجميع.
لكن التحدي الأكبر أمام هذه الأحزاب هو إيجاد اللمسة الفنية الإخراجية لهذه المسرحية بصيغة تجنبها الإحراج أمام الرأي العام ولا تسلبها في الوقت ذاته إكراميات الحاكم وعطاياه وبهذا تجمع بين الحُسنيين.
ومن هنا يشتد حماس المعارضة للتشاور كآلية مقبولة لصياغة فصول السيناريو ووضعه في شكل اتفاق وطني يجُبّ ما قبله.
دخول كيانات سياسية وقومية أخرى على خط الحوار فتح ملفات جديدة لم تكن في الحسبان أربك النظام ودفعه للضغط على فرامله ومحاولة إعادة صياغة الشعار من "حوار" إلى "تشاور" مع مهاجمة المعارضة وكانت أداته هذه المرة مقال الكنتي الأول ومقاله الثاني الأكثر حدة.
لقد بات من الضروري والملح التفكير في سد الباب أمام الضجيج السياسي والإعلامي الذي سيفجره الإفراج المرتقب عن الرئيس السابق.
وفي هذا السياق ظهر قانون حماية الرموز الذي لم يحمل جديدا باستثناء مادتين إحداهما هي مربط الفرس ومن أجلها تمت إعادة صياغة قوانين كانت موجودة لتقدم في ثوب جديد عرف بقانون الرموز.
على خط مواز، طلب فريق دفاع ولد عبد العزيز الإفراج عن موكله بحرية موقتة وتم رفض الطلب لأن ظروف الإفراج لم تكتمل التهيئة لها سياسيا وإعلاميا .
و حسب مصادر من الفريق فإنهم يستعدون لاستئناف الطلب ويتوقعون أن يتم التجاوب معه وربما تكتمل فصول التسوية لتكون الحرية المؤقتة هي المخرج القانوني.
أما سياسيا فستكون مخرجات التشاور هي الآلية الأمثل لكن ذلك يتطلب ضغطا قويا على قوى المعارضة وهذا ما أشار له الكنتي بقوله إن خصومه يرغبون في استمرار الاستفادة من إجازة مدفوعة الثمن!!.
بمعنى أن عليهم رد الجميل.
فهل أراد النظام استغلال ظرف سياسي حرج لابتزاز المعارضة بكشف بعض أوراقها؟
أم أن الكنتي تصرف بمفرده؟
الكنتي العارف بأمزجة الحكام الواقف دوما على تخوم الإشارة الصفراء، من المستبعد أن يتجرأ على كسر صمته الطويل دون توجيه صريح من مسؤوليه.
ولعل نبرة الحدة التي طبعت منشوريه الأخيرين دليل على إحساسه بالأمان فيما يكتب وينشر ويقول.
كامل اتخمريز