لا أحد بإمكانه أن يفهم الهدف من زيارة الوزير الأول إلى الحوض الشرقي في هذه السنة العجفاء التي تنذر بعام رمادة قد لا يكون مسبوقا في تاريخ البلد منذ إعلانه.
لكن المتعارف عليه أن أي زيارة لأي مسؤول حكومي إلى هذه الولاية المنسية والتي أريد لها أن تكون ضاحية موريتانيا، تستدعي وجود انجازات تربط المنطقة بعقد الدولة، إذا لم يكن الانتماء عنوة.
صحيح أن شقاء الولاية رسمته تجاعده أنامل نخبها من أبناءها, والذي حول المنطقة من شريك حقيقي إلى آلة للاستخدام وخزان انتخابي على طريقة "خذ الحاجة من العود والقيه في النار" حيث ظلت الولاية غائبة في الخطط التنموية حاضرة في المجمع الانتخابي، رغم تمثيلها في مركز صنع القرار.
نخب أريد لها هي الأخرى أن تكون تابعة غير متبوعة على نظرية "نحن الأمراء وأنتم الوزراء...
فبعد أكثر من ستين عاما من تبعية ولاية الحوض الشرقي لكيان الدولة الموريتانية، لا تزال عاصمة ولاية الحوض الشرقي تلك المدينة الطينية الركامية الحمراء التي تقع بين الجبال وتشقها بطحة سوداء وتتعامد عليها أشعة الشمس 50 درجة مئوية.
ولعل ولاية الحوض الشرقي أبرز المتضررين من ظاهرة سياسة تجميع وتكوم مؤسسات الدولة في حيز جغرافي لا يتجاوز الاربع كيلومترات مربعة في نواكشوط، وهي سياسة لا تبشر على الأقل بعدالة في التفاوتات بين المناطق.
وقد عانت ولاية الحوض الشرقي من عدم انتصاب المؤسسات، لامتصاص البطالة المنتشرة بين الشباب ووقف نزيف الهجرة السكانية التي تهدد بإخلاء الولاية من سكانها، لكن ما هو أشد مضاضة هو غياب ثقافة الاعتزاز بالانتماء للولاية، لدى معظم أبنائها من من آثروا جيوبهم على عقولهم في تمثيلها لدى مركز صنع القرار.
ولكي لا نخوض في الاحكام المتعاقبة لاجتناب الثقل والتكرار، نبقى في الفترة الحالية والتي استبشر الجميع خيرا بها دون مزايدة.
فهذه ولاية الحوض الشرقي تستقبل عيد الاستقلال الثالث في ظل عهد النظام الجديد دون وجود أي تدشينات، أو انجاز يذكر فيشكر, رغم الحديث في العاصمة الساحلية عن تهريب الاموال والفساد المستشري في مفاصل الدولة.
الحالة المعيشية
يعيش سكان ولاية الحوض الشرقي اوضاعا مزرية تبدأ في انعدام الدخل والفقر والجهل والمرض ولا تنتهي عند ارتفاع الأسعار والمضاربات ونقص في التموين الغذائي والعوامل الطبيعة كالتصحر والجفاف.
وتشهد عاصمة الولاية هجرة سكانية من القرى المجاورة والتي انعدمت بها مستلزمات الحياة، بسبب التجاهل والاقصاء.
وتعاني عاصمة الولاية من ارتفاع حاد للأسعار وخاصة الاستهلاكية، التي أريد لها أن يكون مصدرها الوحيد العاصمة السياسية نواكشوط، وهو شرط وقف حمار السلطات الجهوية في النعمة أمامه حائرا بسبب الغلاء.
كما ارتفعت أسعار المواشي في سابقة من نوعها هذه السنة، رغم تصنيف الولاية ولاية رعوية.
وتشهد الولاية اليوم حراكا جديدا عنوانه زيارة الوزير الأول، حيث اطلقت التحضيرات العنان لمشاكل ليس لها آخر.
فقد ارتفعت مادة اللحوم إلى أسعار قياسية، متأثرة بالنحائر المقدمة للضيوف الذين وجدوا أنفسهم بين بؤس وحرمان سكان ولاية الحوض الشرقي، رغم عدم اقتناعهم بجدوائية الحدث.
كما زادت الأسعار ارتفاعها استقبالا للضيف الجديد، بل انقطت بعض المواد الغذائية في سوق النعمة بسبب احتكارها للضيوف، وهو ما زاد الطين بلا.
وكانت أول بادرة اهتمام وحسن نية من النظام القائم، هو عنما أعلن رئيس الجمهورية في خطاب ألقاه من مدينة تمبدغه، خلال إشرافه على افتتاح النسخة الأولى من معرض الثروة الحيوانية، عن إنشاء صندوق لترقية التنمية الحيوانية، بثمانية مليارات أوقية قديمة.
كما أعلن فخامته عن إنشاء مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري يعهد إليها بإنشاء مزارع لتربية المواشي وتشييد مسالخ عصرية وبناء مصانع لاستغلال المشتقات الحيوانية، ومؤسسة عمومية ذات طابع إداري يعهد إليها بالعمل على تحسين السلالات وتسيير المسارات الرعوية والبنى التحتية المائية الرعوية وإعداد مختلف الدراسات وتأطير المنظمات المهنية الناشطة في القطاع.
وقد تجلى ذلك نظريا بإنشاء مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري تدعى الموريتانية للمنتجات الحيوانية، مازال الخلاف سيد الموقف فيها، حتى من حيث اقتناء مقر لها في نواكشوط، رغم المطالبة بفتح المقر الرئيسي في احدى الولايات الرعوية.
وتسود حالة من الشك والريبة بين المنمين حول مماطلة الحكومة بتطبيق تعهدات الرئيس في أول معرض للثروة الحيوانية بالحوض الشرقي ، والذي لم يلامس حياة المنمي حتى الآن، ولم يتجلى في التنمية الحيوانية.
ورغم غياب الفاعلين في مجال التنمية الحيوانية في المعرض المذكور بسبب تهافت السياسيين، إلا أن المبادرة أعادت الأمل بمستقبل أحسن من ذي قبل، لكنها بقيت حبرا على قلم.
وتستقبل ولاية الحوض الشرقي الوزير الأول في أعقاب خريف قليل الامطار، قليل الكلأ، يبشر بعام رمادة جديدة، يترنم المنمين الآن، بسيناريوهات أقلها الهجرة إلى الجارة "مالي" حيث اريد للأمن أن يكون على كف عفريت.
وتستقبل ولاية الحوض الشرقي الوزير الأول في ظل ارتفاع الاسعار وتردي الوضع المعيشي للمواطنين، وزيادة مستوى الفقر بين سكان الولاية، وانتشار البطالة والجهل بين الشباب.
وتستقبل ولاية الحوض الشرقي الوزير الأول، حيث لم يبقى فيها إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا.
حالة مستكملة من الازمات بالحياة المعيشية اليومية تعيشها ولاية الحوض الشرقي، وخاصة عاصمة الولاية، تعززها التحضيرات لزيارة الوزير الأول والتي يتولاها ادعياء الولاية الذين لا يعيشون بين ظهراني سكانها ولا يتألمون لحالها!!.
مولاي الحسن مولاي عبد القادر