حذر صندوق النقد الدولي، الخميس، من أنّه لا يستبعد حصول "انهيار اقتصادي في بعض الدول"، إذا لم تتّخذ مجموعة العشرين إجراءات عاجلة لتخفيف أعباء الديون عن هذه الدول، والحدّ من تداعيات الجائحة التي لا تزال خارج السيطرة.
وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، ومديرة الاستراتيجيا في الصندوق سيليا بازارباسيوغلو، في مدوّنة الخميس: "قد نشهد انهياراً اقتصاديا في بعض الدول إلا في حال قبلت الجهات الدائنة في مجموعة العشرين تسريع إعادة هيكلة الدين، وتعليق خدمة الديون، بينما يتم التفاوض على إعادة الهيكلة".
وردّاً على سؤال لوكالة فرانس برس، لم يُسمّ الصندوق الدول التي قد تكون معنيّة بالانهيار المحتمل.
وعند بدء انتشار الجائحة، قرّرت دول مجموعة العشرين الغنية تعليق تسديد خدمة الدين للدول الفقيرة حتى نهاية العام 2020، ومدّدتها بعد ذلك إلى نهاية العام 2021.
إلغاء ديون
وبموازاة مبادرة تعليق خدمة الدين، استحدثت المجموعة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 "إطاراً مشتركاً" يهدف إلى إعادة هيكلة وحتى إلغاء ديون الدول التي تتقدّم بطلبات بهذا الخصوص. لكن حتى الآن تلجم الأطراف الدائنة الخاصة، لا سيما الصينية منها، تطبيق هذه الآلية.
وشدّدت المسؤولتان في المؤسّسة النقدية العالمية على أنّه "من الضروري أن تضع الأطراف الدائنة الخاصة تخفيف الدين موضع التطبيق بشروط مماثلة".
وحتّى الآن، تقدّمت ثلاث دول فقط، هي تشاد وإثيوبيا وزامبيا، بطلبات لصندوق النقد الدولي لتخفيف عبء الديون بموجب الإطار المشترك، إلّا أنّ الصندوق لا يزال يتأخّر في معالجة هذه الملفات الثلاثة.
ومنذ بداية الجائحة في ربيع العام 2020، قدّمت المؤسسات الدولية، بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مساعدات كبيرة للبلدان الأكثر عرضة للخطر.
ورغم إجراءات المساعدة المتّخذة منذ بدء الجائحة، "تتعرّض نحو 60% من الدول المتدنية الدخل لخطر مرتفع، أو تعاني من عبء مديونية كبير"، بحسب المسؤولتين في صندوق النقد. وفي العام 2015 كانت هذه النسبة أقل من 30%، على ما أكّدتا.
وأضافت غورغييفا وبازارباسيوغلو: "تتراكم الصعوبات على كثير من هذه الدول"، مؤكّدتين أنّ انتشار متحوّرات جديدة لفيروس كورونا قد يعيق النشاط الاقتصادي أكثر.
ودعت المسؤولتان إلى "تحرّك متعدّد الأطراف من الآن لمكافحة انعدام المساواة بشأن اللقاحات على الصعيد العالمي، ولدعم تسوية سريعة ومنظمة لسداد الديون".
تراكم المتأخرات
وأقرّ صندوق النقد الدولي بأنّ تأخّره في إعادة هيكلة ديون تشاد وإثيوبيا وزامبيا، مرتبط جزئياً بصعوبات تنسيق العمل بين نادي باريس والدائنين الآخرين، بالإضافة إلى مؤسسات ووكالات حكومية عديدة في الدول الدائنة.
وبالنسبة لزامبيا، أوصى صندوق النقد الدائنين من مجموعة العشرين "بتشكيل لجنة من الدائنين الرسميين بسرعة"، والبدء في العمل مع السلطات والدائنين من القطاع الخاص؛ لتخفيف الديون، داعياً إلى "تعليق مؤقت لخدمة الدين" خلال فترة المناقشات.
وخلص صندوق النقد الدولي إلى أنّه "بخلاف ذلك، فإنّ البلد يخاطر بمواجهة الخيار المستحيل المتمثّل في خفض الإنفاق على الأولويات (الصحّة والتعليم مثلًا) أو تراكم المتأخّرات".
وخلال جائحة كوفيد-19، تخلّفت زامبيا، الواقعة في أفريقيا الجنوبية، عن سداد ديونها؛ لأنّها ترزح تحت دين خارجي ضخم تبلغ قيمته 12,7 مليار يورو.
وأشار المتحدث باسم صندوق النقد الدولي، جيري رايس، إلى أنّ "ديون زاميبيا لا تُحتمل". وأضاف: "لذا، سيحتاج صندوق النقد الدولي ضمانات كافية للتمويل من قبل الدائنين قبل التوصّل إلى اتفاق بشأن تسهيل ائتماني ممتدّ".