إن بلدنا قليل السكان كثير الثروات لا يحتاج إلا لقيادة عاقلة رشيدة تستخدم ثرواته استخداما صحيحا لبنائه وخدمة شعبه المتطلع لإنهاء بؤسه وفقره وجهله الذي استمر طويلا يرزح تحت عبئهما الممضي فيعم الخير والبركة والنماء.
إن معدن الحديد وحده قادر لو استغل بشكل صحيح أن يحولنا إلى بلد غني تماما، ولقد كانت فرنسا عند تفكيرها في ترك موريتانيا دولة مستقلة تعتقد أنها ستتحول إلى” سويسرا “هذه المنطقة اعتمادا على استغلالها لمناجم الحديد وكان ذلك الوقت أقل كثيرا مما تم اكتشافه وبدؤ استغلاله فيما بعد!! ولقد تحدثت جهات كثيرة ووضعت دراسات علمية تتحدث كلها عن قدرة قطاع الصيد البحري على جعل البلد جد غني إذا تم استغلاله بشكل صحيح، وتم تسويق إنتاجه والتصرف في استغلاله بما لايضر استمراره.وتحدثت دراسات كثيرة عن الإمكانيات الزراعية ومايتوفر من أراض صالحة للزراعة المروية وأراض أخرى قادرة على إنتاج الكثير من أنواع المنتوجات الزراعية في المواسم المطرية، ذوإن ١٣٠ ألف هكتار التي على ضفة النهر يمكن باستغلالها استغلالا صحيحا أن تتحول البلاد إلى مصدرة للحبوب التي تمتص من دخولنا اليوم الكثير الكثير، وإنما يتوفر لنا من ثروة حيوانية لو تم رعايتها والمحافظة له على االبيئة والمساحات الرعوية لاستطاع تزويدنا بملايير الدولارات إذا وقعنا اتفاقيات تصدير للحوم مع الدول الإفريقية والعربية والتي تبحث في كل الجهات في استراليا وغيرها عن حاجاتها من اللحوم الحمراء ..
هناك ثروات يتم هدرها والتفريط في مصير الأجيال المستقبلية كالذهب الذي كنا نحصل منه على ٣% قبل أن يرتفع إلى أربعة او خمسة بالمئة من صافي إنتاجه ويقترن إنتاجه باحتمال إبقاء السموم في التربة وإمكان تسربها للمياه الجوفية، إن اتفاقيات استغلال الذهب واليرانيوم وإن ظروف البحوث الاستكشافية واستغلال النفط والغاز فيها من الثغرات والعيوب مايشكل خطرا مستقبليا على البيئة، كما أن الاستفادة منها دون المستوى وهي ثروات استراتيجة مهمة وقابلة للاستنزاف والانتهاء ،وهناك مناجم معروفة ومكتشفة لم يتم استغلالها منها الفوسفات ومعادن أخرى!!
إن هذا البلد في أشد الحاجة لقيادة رشيدة تضع سياسات صحيحة تجعل استفادة البلد من ثرواته واقعا عند بدئ خطط تطوير البلد، وتوفير شروط الحياة المناسبة للشعب بشكل فعلي لا بالادعاء ولا بالدماغوحية.
لقد كنا دائما نشيد بالرؤساء ونصنع منهم شبه آلهة ونجعلهم مخلصين ومنقذين وغيره مما تختلقه ذهنياتنا المريضة ،لمن سرعان ماننهي القصة بغياب ذلك الذي كنا نتعلق به ونمدح وننعت بأفضل النعوت فنتحول إلى من حل محله ونتجاوز في مدحه والتعلق به كل حدود قبل أن يحل محله من نحول ولاءنا له ؛ سرنا بهذه السيرة مع المختار بن داداه رحمه الله فسميناه أب الأمة وكان يستحق الكثير من الأحترام لكنه عند الانقلاب عليه من طرف جنود شباب غير معروفين للكثيرين، ملأنا الشارع مظاهرات تأييدا لمن لانعرف ونسينا أب الأمة!! وجعل أطراف من طيفنا السياسي إسلاميين ويساريين من ولد هيدالة قائدا فذا وجعلوه في عدله يشبه بعمر الفاروق في الوقت الذي كانت سجونه ملآ بمواطنين ، وتعلق به الكثيرون وحظى بالكثير من المدائح بالشعر الفصيح والشعبي ولايمكن لأحد أن ينسى الشاعر الشعبي المبدع بوكم بن اعليات وما ألف في مدح ولد هيدالة وأعماله وبعد الإطاحة بولد هيدالة تحول الجميع إلى معاوية ولم يقصروا في مدحه وإظهار التعلق به وبمنجزاته التي يعددونها ويتفننون في الإشادة بها كاالمكتبات ودور الكتاب التي نتشرت ومحو الأمية، وإن خطب بعض وزراء النظام الحالي المسجلة التي دبجت ترحيبا بمعاوية تحتوي من المبالغة مالا يمكن تجاوزه من أي مطبل، وتتكرر العادة الثابتة لهذا الشعب الذي أصبح منافقا خالصا فيتحول بعد الإطاخة بمعاوية إلى أحد الجنود الذين كانوا يحرسون معاوية قبل أن يطيحو به فيبالغوا في مدح محمد بن عبد العزيز والإشادة بخصائصه وصفاته وشمائله ويقترب بعضهم من تأليهه وبعضهم يطالب بمبايعته ملكا، ويتنافسون في التملق حتى يحاولوا فرض استمراره في السلطة رغم إرادته !!
هؤلاء هم نفس المتحولين فقد نسوا ولد عبد العزيز وهم اليوم مع غزواني ،ويحاولون البلوغ به ما بلغوا بمن سبقه ،وهو يبدو مطمئن لهم وسائر في وجهتهم ونعتقد نتيجتها كارثية ،إذا لم يدرك غزواني حقيقة هؤلاء الذين يكذبون عليه بولاء مزيف وتأييد منافق فإنهم سيسيرون به إلى حيث ساروا بمن سبقه، وسيراهم كما رآهم ولد هيدالة وولد الطائع وولد عبد العزيز كأنهم لم يكونوا يعرفوهم!!
إن هذا البلد يحتاج قادة لم يجدهم بعد وكان يحب أن يكون أحد كل هؤلاء الذين مروا عليه قادرين على بدئ طريق البناء والتقدم وإنهاء هذا الوضع المزري ؛ لكنهم لم يستطيعو استعاب مشاكل الواقع ومعرفة أساليب تمكن من العلاج، كانوا ينشغلون بتصفيق المنافقين وتملق الانتهازيين، وخلق طبقات مستفيدين يعيثون في الأرض فسادا وهم مطمئنون راضون حتى تكبوا بهم أفراسهم فيدركون الواقع حيث لاينفع الندم!! من يرى تجميع حزب الإنصاف لبعض الجماهير يدرك شبه الليلة بالبارحة ؛ فهل نسى أحد التحشد الذي كان يحشد لمعاوية ومحمد بن عبد العزيز؟ وأين هو من هذا الجمع المتواضع ،وهل يذكر أحد منكم كم كان يحشد للأمين العام للحزب الجمهوري عندما يكون في زيارة للداخل؟! إن تفكير هذ الكيف السياسي الذي يواصل نفس الأسلوب يدل على غباوة غير مسبوقة، فهذه الأساليب لن يصدق أحد انها تعني شيئا وإذا كانوا يعتقدون أن غزواني يصدقهم فيما يظهرون فإنهم بذلك يتهموه بعدم النضج والبلادة !! على غزواني ومن يؤيد غزواني اتباع سياسات تحارب الفساد ومن الفساد هذا النفاق والتظاهر بما ليس حقيقيا ؛ من يدعم النظام يدعم نجاحه ونجاحه ليس في التطبيل والتصفيق وإنما في الإنجازات الفعلية التي لن تتحقق إلا في ظروف الوعي والإخلاص والنزاهة والشفافية والعفاف ..
التراد ولد سيدي