في آخر أيام الدولة العباسية وتحديدا زمن الأيوبيين تذكر المصادر التاريخية أن جيشا من الفاتحين مر بجنوب الجزائر حيث أسس تجمعا للبكريين ما زال قائما هناك ثم مر أيضا بشمال أزواد وقام هناك بتأسيس التجمع الإسلامي بشمال أزواد ومازال موجودا وهذا الجيش كان تحت إمرة القائد الفقيه إبراهيم بن أبي بكر الملقب بيك والذي ينتهي نسبه إلى مولانا أبي بكر الصديق رضي الله عنه ثم وصل هذا الجيش إلى مدينة ولاته في العقد الأخير من القرن السادس الهجري بقيادة الأمير إبراهيم حيث تحدثت وثيقة تاريخية بمكتبات ولاته عن هذا القائد العربي البكري الذي مكث فترة قصيرة في ولاته وتزوج إمرأة حسنية من قبيلة لمحاجيب ورزق منها ولدا ثم توجه بعد ذلك إلى مدينة كومبي صالح عاصمة مملكة غانا والتي أعلن أهلها الدخول في الإسلام طواعية بعد مفاوضات مع جيش إبراهيم القائد الذي عسكر في مدينة زارا وكان معه ولده محمد بن إبراهيم الذي قدم معه من المشرق حيث تذكر بعض الروايات أن محمد هذا أمه مصرية .
وكان القائد إبراهيم قد تزوج أيضا أثناء مقامه في مدينة زارا من بنت أمير السوننكى وأنجبت له ولدا سماه محمود (جد اهل الطالب هامه)وبعد وفاة القائد إبراهيم دفن في مقابر مدينة زارا مع جموع من جيشه الذي كان معه ومن بينهم أتراك واكراد وعرب توجد أضرحتهم الآن في تلك المدينة خرج الابن الاكبر لإبراهيم والمعروف بمحمد قلي إلى الشمال حيث نزل بقلة جبل كيطي وهو مرتفع طمرته الرمال يوجد الآن على بعد ميلين او ثلاثة شرق شنقيط الحالية وصار الناس يتوافدون عليه طلبا للعلم ثم أسس بعد ذلك المدينة المعروفة (شنقيط) مع رجال نزلوا عليه حسب العلامة المجدد سيدعبدالله ولد الحاج ابراهيم العلوي نذكر منهم يحي وأعمر يبني من إدوعلي وجد قبيلة إديجر وشمس الدين جد أسماسيد الذي تذكر بعض الروايات انه أخوه لأم --والله أعلم-- وتختلف الروايات حول الفترة التي قضاها محمد قلي إماما وقاضيا ومفتيا بشنقيط ما بين ثلاثين إلى أربعين سنة إلى أن ظهرت كرامته فصار لزاما عليه أن يتوارى عن الأنظار خوفا من الرياء والعجب وهي صفات يكرهها الصالحون وأنشد قصيدته التوسلية الرائعة المعروفة بقصيدة القمح والتي مطلعاه:
الحمد الله مادام الوجودله حمدايبلغنا منه الرضا أبدا
وكانت اول شعر عربي فصيح حفظته الذاكرة في هذه البلاد لأن سكانها كانوا إما من قبائل صنهاجه الناطقة بالآزيرية او الزنوج الناطقين بلهجاتهم المحليةوخلف ابنه الثاني محم على الإمامة مباشرة وكان له ولدان هما محم ومالك وبنت هي فاطمة التي ستكون فيما بعد أما لشرفاء لقلال (اولاد سيدي) وأم أبناء محمد قلي هي إمرأة علوية تسمى رازكه بنت يحي العلوي .
وحول تسمية محمد قلي تضاربت الروايات كثيرا --وإن كان لا يترتب شيء على التسمية --فهناك من قال بأنها من كلمة قولى السوننكية التي تعني الأبيض لأنه عربي ومن قائل بأنه كان يتقن لغة العجم --وهو أمر مستبعد لأنه حديث السن وقادم من الجزيرة العربية--وكان يترجم بين والده الفقيه إبراهيم وبين العجم فيقول له قل لي وقل لهم كما ذهب البعض إلى أن الكلمة مشتقة من قلة الجبل الذي نزل عنده ك(كيطي) وحتى إن البعض ذهب إلى أنها بالغين وليست بالقاف .
والذي نميل إليه أنها التسمية أخذها بعد وصوله مدينة شنقيط عندما صار الناس يتوافدون عليه طلبا للفتوى في الامور الشرعية فكانوا يقولون له يا محمد قل لي ما حكم كذا؟
مع أن التسمية موجودة بكثرة في المناطق العربية مثل الجزيرة والمغرب وغيرها .
أما عن تسمية مدينة شنقيط فقد تضاربت الروايات حولها أيضا فقد ذكر شيخ شيوخنا العلامة سيد عبد الله ولد الحاج ابراهيم العلوي أنها كلمة بربرية معناها عيون الخيل إلا أن رواية أخرى ذهبت إلى أن الكلمة تعني سن كيطي فحرفت السين ونطقت شينا فصارت شنكيطي زيرى المؤرخ البحاثة المرحوم شغالي ولد أحمد محمود أنها مشتقة من الشنقطة التي تعني صناعة الأواني من الخزف وغير ذلك مما لا يترتب عليه شيء .
وكما تضاربت الروايات حول التسمية فقد تضاربت أيضا حول تاريخ التأسيس وإن كان الجمهور يذهب إلى تأسيسها سنة 660 هجرية إلا أن البحاثة المؤرخ شغالي ولد أحمد محمود يرى أن التأسيس بدأ سنة620هجرية ويرى العلامة المجدد ابن الحاج ابراهيم العلوي أنها أسست في بداية القرن التاسع الهجري بينما يرى آخرون أنها تأسست740هجرية .
وقد ذكر العلامة المجدد سيد عبد الله ولد الحاج ابراهيم العلوي في رسالته صحيحة في علوية إدوعلي بكرية محمد قلي أن شنقيط بدأت قرية صغيرة ولكنها صارت مع الوقت من أكبر المدن في ذلك حيث أن مدينة آبير القديمة (116---160هجرية ) قد خربت بفعل الحروب والصراعات الداخلية وتحول سكانها إلى المدينة الجديدة (شنقيط)وذكر ابن الحاج ابراهيم العلوي أنه صارت في شنقيط إثناعشر مسجدا وأنه خرجت منها قافلة محملة بالبضائع تتكون من 32ألف جمل عشرون ألفا منها لأهل تيشيت وإثنا عشر لأهل شنقيط متجهة نحو مدينة زارا وباعت القافلة كلها في زارا فتعجب الناس أي المدينتين أكبر؟
وهنا لا بد أن نذكر بأن الفقيه محمود بن إبراهيم وهو الاخ الأصغر لمحمد قلي قد خرج من مدينة زارا إلى تيشيت في حدود 680 هجرية وأستقبله أهل تيشيت بالحفاوة والتقدير وتزوج من إمرأة من مجموعة ماسنه وأنجبت له ولدين هما الطالب هامه والولي محمد الحنشي المعروف صاحب الكرامات والذي أخذت منه مجموعة البكريين في تيشيت إسم لحنوشه إخوة لقلال
سيد محمد ولد هيدي ولد لحبيب