لم تكن الطريقة التي تم بها التسجيل على اللائحة الانتخابية سوى مؤشر على بداية الحدث ، و لم تكن البداية في حزب "الإنصاف"، عند التشاور مبشرة، فقد كانت لجان الحزب في أغلبها تعبر عن طيف واحد و جهة واحدة ، و بعد التشاور ظهرت ترشحات قيل إنها بيعت في المزاد الخفي، بين الحزب و الراغبين من أصحاب المال في الترشح، و رغم ذلك كان هناك دائما أمل في رئيس الجمهورية أنه سيعيد ترتيب الأشياء، و أنه سيوعز للأغلبية بأن الترشح من أحزابها لا يختلف عن حزب "الإنصاف" .
التصريحات الأولى لقيادة الحزب و الوزراء المنخرطين في الحملة كانت ضربة في حرية الاختيار، فقد انتشرت التصريحات المهددة للأطر و الوجاء و القرى و التجمعات و التي تحذر من مواجهة الدولة و تعتبر أحزاب الأغلبية كأحزاب المعارضة .
دخل المال بكثافة و تم شراء بطاقات التعريف، و انتهت الحملة بعد تعطيل الكثير من الأصوات .ظهرت مكاتب الإشراف على التصويت و أظهرت الوجه الحقيقي ل"سيني"، من ضعف و محاباة و تماه و ربما تواطؤ ، و أرسلت للمكاتب المحسوبة على الأسر رؤساء طوع بنان هذه الأسر، و بالموازاة مع التحضير للاقتراع، انطلقت عملية كبيرة لشراء الذمم في جميع المناطق التي يخشى ألا تصوت لخيارات الحزب، فعلى سبيل قسمت في بلدية مقطع لحجار وحدها، ليلة الاقتراع، 13 مليون أوقية ، غيرت المئات من المواقف .
و تأخر الاقتراع عدة ساعات لعدم وجود بطاقات بعض المرشحين في عدة مكاتب، و في حالة إرباك تام من "سيني"، و ظهرت حالات تواطؤ تام مع الحزب من رؤساء المكاتب، الذي أعتبر بعضهم أن الموسم موسم استثمار .
انتشرت بطاقات التصويت خارج المكاتب في عدة مناطق حيث مكنت من التأكد من تصويت الأصوات التي تم شراؤها، و أغلقت مكاتب قبل الوقت، و طرد ممثلون،و ملئت أكياس في مناطق مختلفة دون رقيب، و منع الكثير من الممثلين من المحاضر، و استمر التصويت في بعض المكاتب حتى الصباح، و حررت محاضر في غياب الممثلين و أعضاء المكاتب.لقد تمت مصادرة آراء الناس في هذه الانتخابات،و تم ضرب الديمقراطية في الصميم، و تم إرجاعنا إلى الفترة الطائفية و الحزب الجمهوري في سنواته الأولى، و كل ذلك من أجل أن يتحكم نفس اللوبي الذي أفسد العشرية و عطل خمسية الرئيس، و يسعى للهيمنة على النظام في المأمورية القادمة.
أعتقد أن على رئيس الجمهورية أن يعي حجم المخاطر و درجة الاحتقان التي سببتها هذه الانتخابات ، و يبادر باتخاذ إجراءات تعالج الاختلالات و تولد طمأنينة لدى الرأي العام الوطني. إن أي انتخابات رئاسية ستكون بحاجة إلى إعادة هيكلة الحزب، و تغيير قياداته و بنائه على انتساب جديدة، كما أن البلد بحاجة لمسح الطاولة بكل العناصر التي ولدت الاحتقان و ضربت الديمقراطية في مقتل ..
أعتقد أن الذين أشرفوا على عمليات التزوير و شراء الذمم أرادوا أن يتضرر رئيس الجمهورية و برنامجه ، و أرادوا أن يؤثروا سلبا على الانتخابات الرئاسية القادمة ، و في اعتقادي أن الخطوات القادمة للرئيس يجب أن تظهر بعده من هؤلاء و انحيازه للديمقراطية و للهدوء السياسي الذي أسس ، و إلى السلم الأهلي الذي تحتاجه موريتانيا .
بقلم / إسلمو ولد أحمد سالم