قيل إن ضبعا كان يسكن مع زوجته وحماته في غابة وكان الضبع يذهب في رحلة صيد كل يوم ويعود إلى زوجته وأمها غانما .
وذات يوم وأثناء عودته مع الطريق الوعر والوحيدة المؤدية إلى خيمته اعترضه أسد شرس قائلا: لا داعي للهروب ، لديك خيارين إما الاغتصاب وإما القتل ، ففضل الضبع البقاء على حياته ليعود إلى اسرته.
وبعد وصوله إلى خيمته وجد حماته (ام زوجته) تستعد للسفر إلى خيمتها في غابة أخرى ، فقال لزوجته ، ماذا تريد أمك ، قالت هي تريد السفر إلى قريتها بعد انتهاء زيارتنا ، فقال لها قولي لها ان السفر غير ممكن والطريق ليس آمنا هذه الأيام ، فقالت لماذا؟ ، فقال لها : لأن الطريق الوعر الوحيد المؤدي إلينا يوجد عليه أسد ، قالت ومن اخبرك بذلك؟ قال وجدته بنفسي!.
فذهبت الزوجة لتحذر أمها وبعد ان اخبرتها بالقصة ، عادت الأم إلى زوج ابنتها الضبع لتستفسر منه أكثر.
فقالت له ماذا قلت يا زوج ابتي؟ قال هو ما اخبرتك به ابنتك ، قالت صحيح هو أسد؟ قال نعم! ، قالت أنت رأيته بأم عينيك؟ قال نعم! بل قضيت بصحبته وقتا! ، قالت لعله أسد رحيم لا يريد الضرر بالمسلمين؟ قال كلا.. إنه شرس وقوي ولا يترك أحدا يمر حتى يخيره بين ان يقتله ويأكله ، او يغتصبه ويتركه!! ، قالت وأنت أيهما اخترت؟ وماذا فعل بك؟ فنظر إليها ساعة.. ثم قال لها... أكلني!! فقالت الحمد لله..
هكذا وصل قادة المعارضة الموريتانية ، طريق مسدود ومحفوف بالرعب والشهوات ، يوضح ان تقسيمها أصلا إلى معارضتين مُحاورة ، ومُقاطعة ، كانت ابرز نجاحاته ، يوم قرر النظام الموريتاني احتواءها وشيطنة أهدافها ، واستغلال بعضها في مواجهة الآخر.
لكن تشابك المصالح الشخصية لقادة المعارضة ، وتطورات الأوضاع الميدانية أعادت خلط الأوراق على المعارضة ، وفوتت الفرصة عليها في صياغة التحالفات بين الاطراف المعارضة ، وفضلت الارتهان لدى النظام والصراع على فتاته ، ليتم استدراج قادتها واحدا بعد واحد بعيدا عن انظار قواعدهم الشعبية المتواضعة .
زيد يرى ان عمر ارتمى في احضان النظام ، ولم تعد تنطبق عليه صفة المعارض ، وتلك هي نظرة عمر اتجاه زيد ، ويذهب عمير ابعد من ذلك ليتهم الجميع بالخيانة قبل ان يقبض عليه في حالة تلبس!! ، فيما حرن سعيد في زاوية حاملا العلم القديم ، وهددا بإلقاء نفسه من الطابق العلوي..
هكذا ضاعت فرصة النضال على البعض ، كما فاتت فرصة المشاركة والتمثيل على آخرين ، وبدى بعضهم في موقف خيانة وانتهاز لا يحسد عليه ، وخيم الصمت المدقع أو المدفوع الثمن على المشهد السياسي!!.
فبعد شعارها "الشعب يريد تغيير النظام" اصبح الشعار الذي يفرض نفسه هو "الشعب يريد تغيير قادة المعارضة" ، وبعد شعار رحيل النظام اصبح رحيل قادة المعارضة مطلبا ملحا ، بعد ان "اكلهم النظام"!!!.
قيادات معارضة ثبت فشلها فى كل الاستحقاقات الانتخابية ، تتكوم ُ في مكانها وتتشبث بالقيادة منذ اكثر من نصف قرن وتطالب بالتغيير!!
من السخرية بمكان ، وبعيدا عن قواعد المنطق ، أن يطالب الشعب قيادات عجزت عن تغيير نفسها ، كي تعطي مثالا على التداول السلمي للسلطة ، تغيير النظام.
عقود من الزمن ومازالت مسرحية المعارضة تلعب نفس الادوار وتحتفظ بنفس الاسماء ، لم يطرى عليها سوى ، مجموعة حلت أخيرا كضيف شرف على المعارضة ، تعلن النفير العام ، وتحاول اختراق النسيج الاجتماعي ، وتبث الفتن وتتقمص دور المعارضة لتبدوا بمظهر الضحية ، متسغلة كل الوسائل اللامشروعة!!.
فما الذي تغير في عهد قادة المعارض الحاليين بين الأمس واليوم؟
لم يتغير سوى ان النظام ........أكلهم!!.
مولاي الحسن بن مولاي عبد القادر