بدأت في ظلام بعض الليالي الرمضانية؛ لقاءات بقصد التشاور والتنسيق غير الرسمي للانتخابات الرئاسية القادمة، وتأسيسا على المعلن منها؛ فإنها تبدو للمتابع النبيه باردة إذا كان ممن تابع المشهد في الاستحقاقات الماضية، ويعود ذلك لأسباب مفهومة على ما يبدو؛ فقد كادت لوحة المشهد القادم أن ترتسم بألوان باهتة، إذ لا تلوح في الأفق منافسة شديدة على الكرسي الذي هو قبلة الطامحين والطامعين، ويعود ذلك إلى عدم وجود أشداء المنافسين في التأثير من أجل دعم المتنافسين عليه، وإلى غياب المعارضة وأحزابها عن المشهد، نظرا لجو التهدئة والتصالح السائد في هذا الظرف المعاش.
أما بالنسبة لنا -معشر أهل جكني خاصة- فهو الأمر الذي سيعتبره البعض منا -وحق له ذلك- فرصة لتمديد عمر تصدره للمشهد الذي بات وشيك النهاية، وعامل يتأخر به فجر أصبح يقيني البزوغ، تنتهي بطلوعه القطبية المضروبة، التي أظهرت الانتخابات الماضية وسابقاتها زيف الادعاء بها، وزعامة ورَّثتها العمالةُ للمستعمر، ومغالطةُ الولاء للكراسي، لا لمن يجلس عليها، بل لها ولذاتها.
فلو كان التنافس علي أي مقعد غير مقعد الرئاسة؛ الذي يبدو محجوزا -عندنا على الأقل- بفعل مساندة المؤثرين الحقيقيين (كرئيس حلف الأمل) الذي جر جميع الفاعلين السياسيين والموظفين والوزراء والمستشارين والزعماء والأحلاف التقليديين والمتمالئين السياسيين والكائدين لكل متطلع إلى التغيير ولتجديد الطبقة السياسة؛ إلى شوط ثان، رغم التهديد والتخويف والاغراء، ورغم وسائل الدولة من قبيل؛ مليارات تآزر، ومليارات مفوضية الأمن الغذائي، وعقود الاقتصاد والمالية، وملايين منقبي الذهب، وكذلك التفاهمات على أساس منطقتي الجوار والاعتبار القبلي؛ (جكني وتنبدغة) بتأثيره إلى إعادة الشوط.
وسيفرح هؤلاء بعدم الاختلاف على دعم برنامج رئيس الجمهورية واختياره لمأمورية ثانية، وهم بكل تأكيد أصحاب حظ في ذلك؛ لأن أصوت الداعمين له لا يمكن التمييز بينها، مما قد يمنحهم تمديدا وهمي السبب على حساب مصالح المطحونين الداعمين له وليس لهم، ولا لتأثيرهم، ولسان حالهم؛ ما روي عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه، إذ روي أنه كان يقول: "لو كان للذنوب رائحة لما جالسني منكم أحد". ونحن نرى وبحق -وقد يرى معنا المنصفون- أنه لوكان للأصوات رائحة لفاحت رائحة الأصوات المناوئة لسلطان الرجعية التحكمية، وراحة أصوات الكارهين لهم ولمغالطاتهم، ولأزكمت أنوف من يعتبرون أنفهم مرجعيات أو زعامات حيث لا زعامة بينهم إلا بالتمالئ، ولخرجوا يبحثون عن مستقر؛ حين يقرر النظام -تبعا لذلك- انصاف أصحاب التأثير الحقيقي غير المضروب، وأصحاب الأتباع المقتنعين دون تزوير للإرادات.
رأي مهتم