الرسائل القادمة من ولاية آدرار صريحة رغم ما تثير من تساؤلات و ما تعكس من تطورات الوضع الداخلي و ضعف أداء النظام خلال المأمورية الراھنة و تدني تأثير القيادات المحلية التقليدية فبعد أن كاد المرشح للرئاسيات السيد بيرام الداه أعبيدي لا يجد مضيفا إبان الاستحقاقات البرلمانية و الجھوية و البلدية السالفة يتفاجؤ المتتبع لتحرك المرشح بالكم النوعي و الكمي المعتبر الذي كان في استقباله في عاصمة الولاية ، أما في مقاطعة أوجفت فقد كان الأستقبال الشعبي الحار الذي خصصه السكان بشكل عفوي للمرشح للرئاسيات الاستاذ العيد ولد أمبارك لافة للإنتباه و ھو ما تتم قراءته بأكثر من معنى لخصتھا و لو جزئيا نتائج الإستحقاقات الاخيرة حينما خرجت قلعة أوجفت من سرب قلاع الحزب الحاكم.
وخسر الحزب الحاكم نيابيات و بلدية و ادان و بلدية المداح التي كانت أھم مؤشرات إنسجام صناع القرار المحلي في الولاية عموما.
إن العارفين لخبايا السياسة المحلية يدركون بكل سھولة أن الولاية تشھد مخاضا جديدا بدأ يفرز نمطا جديدا من التعاطي مع الشأن العام يختلف شكلا و مضمونا مع ما ألِفته النخبة و تعودت عليه الانظمة ؛ ويزداد المشهد غرابة حينما يكون مرشح النظام السيد محمد ولد الشيخ الغزواني سيطلق حملته من عاصمة الولاية التي يحسب عليھا كأحد أطرھا وتحديدا مقاطعة أو جفت ، و تزداد غرابة عزوف السكان في الولاية إذا علمنا انه خلال الأشهر الأربعة الأخيرة تقريبا حظيت الولاية بزيارة رئيس الجمهورية و زيارة السيدة الأولى و زيارات عديدة لوزراء في الحكومة ، فھل أدرك النظام متأخرا أھمية المنطقة جغرافيا و سياسيا و أقتصاديا، أم انه أدرك ضعف مساھماته في تخفيف معانات الشعب الذي يتصاعد شعوره بالغبن و الإقصاء و ضعف التمثيل في الدوائر الحكومية و عجز من رمت به الصٌُدف و الحظوظ في مراكز صنع القرار و أتساع المساحة بينھم و بين الشعب.
الصور الملتقطة من إستقبال السكان لمرشحي المعارضة لا تعدوا كونھا أحد الاحتمالات التالية:
الاحتمال الأول و قد وردت إمكانية حدوثه و ھو أن تنسيقا دقيقا و محكما قد تمت الموافقة عليه -ولو ضمنيا- بين المعارضة و الأغلبية .
الاحتمال الثاني ھو أن لغة جديدة تكلمھا الشمال عموما ونطقت بھا و لاية آدرار و فھمھا النظام متأخرا تستوجب ھذه اللغة أكثر من تكريم ولاية تعاني الظروف الصعبة و تقف وحيدة في مواجھات تحديات التنمية و الأمن و المشاركة بإنصاف في الثروة و في التوظيف .
الاحتمال الثالث أن القيادات المحلية الموجودة على الساحة عجزت عن فھم اللغة الجديدة و فشل الأساليب العتيقة في مواصلة ضمان الولاء للنظام بل و للقادة أنفسهم و وضوح شغور مكانة الراحل النائب و الزعيم التقليدي المخضرم المرحوم محمد المختار ولد الزامل.
وكمتابعين عن قرب للتطورات المحلية المتلاحقة والتي أدت في مجملھا إلى تراجع مكانة الحزب الحاكم مع دخول أحزاب أخرى وبقوة كحزب تواصل و بعض أحزاب الاغلبية الأخرى فإننا نراقب ظھور خط سياسي جديد قوامه من الشباب و بعض قيادات الصف الثاني و على النظام أن لا يركن لتبرير قيادات إنتھت صلاحياتھا أو إستنفذت وسائل إقناعھا أو رضيت أن تضحي بعلاقاتھا مع الشعب و الولاية ، فالإستياء الواضح في مدينة أوجفت و ريفھا يزداد حدة في عاصمة الولاية " أطار " و على طول الطريق الرابط بينھا و تجكجة عاصمة ولاية تكانت و ھو المنجز في العشرية التي لا تزال ظلالھا أھم الانجازات ، و لمواجھة ھذ التراجع و التململ الحاصل سيكون التركيز على القيادات الشابة النظيفة و الواعية بضرورة مواكبة التحديات الجمة و القادرة على دعم و تقديم الحلول الناجعة لمعظم التساؤلأت المطروحة بالحاح في المجال السياسي و الإجتماعي و التنموي ، سيكون التركيز على ھذه القيادات الصاعدة الحل الأمثل لمعالجتها وعلى النظام الإنطلاق من ھذھ الخلاصة....