أخطاء وجرائم ارتكبوها في لحظة طيش ، فمنهم من تمكن من الافلات من العقاب ومنهم من دفع الثمن غاليا وراء القضبان .
و في ظل غياب العدالة والإهمال في موريتانيا تمكنت صحيفة سوابق المسبوقين قضائيا من الاختفاء تدريجيا من اختصاص القضاء ، حيث لا توجد قاعدة بيانات تتيح الاطلاع على السجل الجنائي لكل مواطن.
وعلى عكس جميع دول العالم وخاصة دول الجوار التي تتعامل مع اصحاب السوابق بوضع بصمة سوداء على صحيفة سوابقهم العدلية تظل مسجلة ، لتبقى تلاحقهم، مدى الحياة ، عندما تصل الجرائم إلى مرحلة تمنعها من السقوط بالتقادم.
أما في موريتانيا فالذاكرة قصيرة ، لدرجة ان مجموعات من نفس الصنف تتخلل النخب السياسية ، ورجال الاعمال ، وتتخذ من دعم النظام القائم وسيلة لتصدر المشهدين السياسي والمالي.
وجدير بالذكر أن السجين بعد قضاء عقوبته بالمؤسسة العقابية وخروجه منها يجد نفسه أمام دائرة مغلقة ، ابرزها صحيفة سوابقه العدلية والتي تظل حجرة عثرة في طريق التسوية مع نظرة المجتمع اتجاهه ، مما يرجح فرضية تجاوز السوابق واردا من باب دمج صاحبها في المجتمع خلسة .
لكن الغريب في الامر هو "ترشت" شهادة التبريز وحضورها في جميع الملفات في ظل غياب قاعدة بيانات تميز بين الغث والسمين .
والأغرب من ذلك إعادة المواطنين إلى مناطقهم لاستصدار شهادة تبريز ، ما يجعل القضية مدعاة للسخرية "شر البلية ما يضحك".
ولولا وجود شهادة التبريز موقعة في جميع الكشكات والوراقات المحاذية لقصر العدل لشكلت القضية مشكلة معقدة للمواطن الموريتاني ، لكن والحمد وجود شهادة التبريز جاهزة على غرار شهادة الصحة ، اختصر المسافة على المواطن وأتاح له فرصة تجهيز ملفه ، وهو اجراء يمكن المواطن من استغلال الوضع القائم والاستفادة من فساد القضاء وأعوانه على الأقل .
هذا وقد تمكن بعض المفرج عنهم بحرية مؤقتة من الترشح في الانتخابات الماضية ولم يكن اصدار شهادة التبريز عائقا أمامهم.
وكشفت النسخة 58 من الاستقلال والتي احتضنتها مدينة "النعمة" تدافع وتنافس لسياسيين ورجال اعمال كانوا بالأمس القريب نزلاء سجون بسبب جرائم قد لا يسقط بعضها بالتقادم حسب العارفين بالقانون.
وقد شكلت زيارات الرئيس في ولايات الداخل فرصة للقادة الجدد لطمس حاضر بغائب ومحو ماض اسود قاتم بحاضر ابيض يقط في ذاكرة المجتمع ، وذاك يتجاوز الاندماج نحو القيادة.
ويُعتبر الموكب الرئاسي مصدرا الهام لجذبهم وتتبعه لإبداء الولاء والدعم لرئيس الجمهورية بكل الوسائل المتاحة لديهم بغض النظر عن مصدرها.
ولعل دعم نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز يجب ما قبله!! ، فإن هولاء لم يتمكنوا من دمج انفسهم من جديد في المجتمع فقط ، بل تصدروا المشهد السياسي والاقتصادي بلا منازع.
ومهما يكن من امر فإن العادات والمفاهيم الجديدة ، والتي من ابرزها اتبتيب واللهيط والتملاح والتطيار تتحول من عيوب شاذة إلى ثقافة بلد بكامله ، لتكتسي اقبالا تختفي معه النزاهة والكرامة والضمير الانساني .
مولاي الحسن ولد مولاي عبد القادر