يقول "صحفي" أو مدون إن مسؤولا ما فاسد و يذكره بالإسم أو يحدده بالوظيفة .
الطبيعي هنا بل البديهي أن يفتح تحقيق و تتم معاقبة أحد الاثنين : فإما أن يكون المسؤول فاسدا بالفعل و يعاقب و إما ان يكون الصحفي كاذبا و حق له العقاب.
لكن النظام يعرف أن المسؤول فاسد و أن من فوقه أفسد منه و من تحته و من جنبه أفسد من الجميع ، فلا يستطيعون فتح تحقيق و لا يستطيعون إسكات الحق.
هناك فعلا فوضى إدارية خلقت فوضى "إعلامية" حولت كل متسكع معتوه صحفيا . أما الحرية فلا علاقة لها البتة بأي من هذه الممارسات : فلا الصحفي حر في الوصول إلى الحقيقة و لا القضاء حر في فتح التحقيقات و إصدار أحكام نزيهة و لا المشرع حر في تصميم أحكام ردع تناسب الجرائم الخاصة بالمجتمع. في دائرة هذه الفوضى العارمة التي تسمونها حريات ، يتم تصميم الأحكام بأوامر و يتم تجاوزها بأوامر و يتم السكوت عن نبشها بأوامر. فأين الحرية هنا ؟
هل يستطيع صاحب تسجيلات آكرا و نكرانها ثم الاعتراف بها ، أن يديننا إذا وصفناها بالجريمة الساقطة الدنيئة؟
هل يستطيع صاحب صناديق كمبا با أن يحاكمنا إذا قلنا إنه لص كان يجب أن يقدم للعدالة و أن مثل هذه السوابق لا ينبغي لصحابها أن يكون رئيس دولة ؟
و كان باستطاعة ولد عبد العزيز أن يقول بأنه موريتاني مولود في دارمستي، لكن أن يزور أوراقا بأنه مولود في أكجوجت فهذه جريمة ، لا معنى للحرية التي تتكلمون عنها إذا كانت عاجزة عن جره إلى العدالة رغم صراخنا بها؟؟
و لم يولد ولد عبد العزيز موريتانيا بل حمل أوراق بلد مولده و دخل المدرسة كمواطن سنغالي بكامل أوراقه. و من شروط التأهيل لرئاسة البلد أن يكون المترشح مولودا موريتانيا ، عكس حالة ولد عبد العزيزالمرفوقة بجريمة تزوير ميلاده في اكجوجت. و هنا يكون المجلس الدستوري خائنا و البرلمان خائنا : و حين يخون المجلس الدستوري و يخون البرلمان ، يكون على الجيش التدخل و هو ما لم يحدث ليصبح الجيش خائنا هو الآخر أما خيانة الإعلام الموريتاني الرسمي و غير الرسمي فلها ألف وجه آخر تتبرأ منها حرية التعبير..
ما معنى حرية التعبير إذا كانت لا تغير خطأ و لا تثير لغطا؟
رغم هذا كله تجد من يتحدث حتى من المعارضة ، عن حرية التعبير و "المكتسبات الديمقراطية" و حرية الصحافة و احترام القانون : هل نحن شعب مجنون ؟ هل نحن خرافة تاريخية غير مفهومة؟
يمنع القانون الموريتاني الصفقات المباشرة و يحدد صفاتها و عقوبتها و درجة جنايتها . و قد فرض ولد عبد العزيز أن تكون الصفقات المباشرة هي القاعدة الوحيدة المباحة و الملزمة في الممارسة اليومية في البلد؛ فمن سيحترم قانونا تتبول عليه السلطات التي تحميه؟ ماذا سيقول قاض موريتاني نزيه لمجرم حين يسأله لماذا فعلت هذا الأمر الممنوع في القانون ، حين يرد عليه؛ فعلته كما تفعل السلطة الصفقات المباشرة الممنوعة؟
كل ما يحدث في هذا البلد أمور غريبة بكل المعايير و شاذة و محيرة : ما حدث في سونمكس و إينير و دكاكين مدرسة الشرطة و فندق الملعب و صناديق كومبا با و اعترافات مامير (...) ، لا يمكن أن يحدث اليوم في بلد آخر على وجه المعمورة. و مع أنني متأكد أن أصحابه جميعا سينالون جزاءهم قريبا مهما كانت طبيعة الحكم الذي ستنتجه هذه الألاعيب السخيفة، إلا أنني أستغرب من دون أي حد من المبالغة ، كيف يطلق عاقل على ولد عبد العزيز صفة "رئيس الدولة" أو على ما يحدث في البلد عبارة "حرية التعبير" أو على مثل هذه البلطجة السخيفة أي معنى للديمقراطية.