سرقات يقوم بها بعض الكتاب في موريتانيا دون أدنى تدليس ولا إعادة هيكلة في ممارسات فات أصحابها أن محركات البحث لا يمكن معها محو أثر عملية التلصص على أفكار الآخرين واستغلال إنتاجهم وإضافته دون عناء، وعند الحديث عن عمليات السطو هذه ستتداعى إلى الذهن عشرات الصور التي تؤكد اختطاف مهنة الصحافة في بلد لا زال يتلمس طريقه نحو احترام المساطر وتقدير جهود العمل والإنتاج.
والحقيقة أن العمل الصحفي في موريتانيا فتح المجال واسعا أمام كل من طردته المهن وفشل في اكتساب خبرة أن يزاحم الأيادي العاملة ويجد نفسه في المقدمة نتيجة لاعتبارات متعددة أكاد أجزم أنها لا توجد إلا في هذه البلاد المغلوبة على أمرها.
وحين النظر إلى الصف الأول من رواد الإعلام في موريتانيا ومعاونيه نجد أن الكتابة بمعناها المهني والإنتاج بمراجعه الصحفية لا يمكن أن يكون المعيار الوحيد لتقدم مجموعات يحتار المرء حين محاولة إيجاد الخيط الجامع بينها، حيث تمثل التجمعات الصحفية حالة غريبة من الرتابة وإسقاط الأشخاص كما هم والتحكم من خلالهم في الجسد المنهك لهلام يأبى إلا أن يكون ممثلا لمهنة الصحافة المسكينة.
أما جيل الصحفيين الشباب فقد اختار أغلبهم الانزواء حتى لا يكونوا تبعا لهذه الحالة المريضة، ورغم أن بعضهم تقدم نحو تفكيك تعقيدات الحزازات داخل الجسم الصحفي إلا أن العدوى كانت سريعة، حيث أرسى المتحكمون في الجسم معاول ظلت تلاحق أي منتسب جديد وكأن قدره أن يسير على نفس الخطى لتتبخر آماله وطموحاته مدانا في عمليات التحايل التي اعتاد عليها ممتهنو ما قيل إنها مهنة صحفية وعمل إعلامي يقدم نفسه لقيادة الرأي العام.
ورغم النظرة التشاؤمية التي تطبق على الأسطر أعلاه إلا أن الكتاب الصحفيين ومنتسبي الحقل لا يمكن لهم الانفكاك عن مسار اختاروا الانضمام إلى فلكه في وضح النهار وعن وعي، حيث ستظل هنا وهناك نقاط مضيئة تستحق المغامرة فالاختطاف لن يدوم وأجيال الغد أقدر على وقف هذا العمل السيزيفي الهدام.
وقد اخترت دق ناقوس الخطر من أجل التسامي نحو المستقبل وتجاوز الماضي والسير بالمهنة إلى حيث يستحق المنشغلون بها حتى تتساقط مع الأيام أوراق التوت ويتخلص الحقل من أدعياء لا هم لهم سوى امتهان صور العيش على أكتاف الآخرين.
ومن نافلة القول أن هذا التشخيص قد يضطر المنشغل به لاستطلاع الحالة السياسية للبلاد ومستوى سيادة القانون وتحكيم المساطر، وهو منحى سيقدم مزيدا من الإجابات على الأجواء الضبابية التي نسير فيها بعد عقود من تجارب الدولة المركزية التي زرعت في أيامها الأول بذرة الرأي الواحد وسيادة الفرد قبل أن تؤول الصراعات بين موازين القوى المحلية إلى حالات ونماذج عززت التعددية حد الإغراق والتمييع، وها نحن في نتائج هذا المسار نحصد تبعاته ونرى ثماره في حياتنا اليومية وفي أركان البيت الصحفي الواسع.
ومهما يكن فإن السطو على أفكار الآخرين ولوك إنتاجهم ليس من عوامل النجاح ولا يمكن إلا أن ترمي به المهنة من النافذة لتكرم الكتابة وتعزز الخط المهني، وذلك ما سيتحقق ولو بعد حين.