قد يعيد التاريخ نفسه، فتكرر العاطفة السياسية ثورانها، وتقدم تضحيات آلاف من الشباب والمناضلين طعما للعبة قرار متهور، باسم مكتب سياسي لحزب: شاخ فكره، أو انكشفت مظلاته الخارجية، أو اختطف من قبل أفراد قميصهم " تشي جيفارا"، أوالشهيد حسن البنا، أو الشهيد صدام حسين، أو إغلاق حزب ، أو تهريب
لمليار من علب التدخين، القاتل للعقول ورئات التنفس.
لن يكون ممكنا أن يكرر رفاق " سميدع" لعبة الكتيب الأحمر و"بيعة الاندماج"، وليس بمقدور أبناء انتفاضة1983 أن يتركوا "دم المهندس" والشهيد، يباع بالمزاد لكرار المناصب "الفرار" عند المصاعب، وهل يقبل بنوك الاستهداف في المحاظر والمساجد، وفي المزارع و الجامعات، أن يأكل كتفهم"الزوار"، ممن أكل من زاد كل الأحزاب، وكل الأنظمة، وكل رجال الأعمال، وساس مغمضا عينيه لسبع وعشر ، مخافر التكميم و بنوك الربا، ومراكز قرارات التمييع والتطبيع.
بعضهم تصور بعاطفته في اتحاد الطلاب سنة79 أن التحالف بين القوميين العرب والزنوج سيصنع منتجا غير عنصري من حركات " فكرها ومبناها : اللون والعرق"، وبعضهم تصور79 أن التحالف بين الحكومة ومن يرى بأعين الجمعية الثقافية، أن حكم الشريعة طبق وانتصر ، وادعى أن عمر الفاروق بعث بالقصر الرئاسي بانواكشوط.
ها نحن في عصر "وادي السيليكون"، و صعود" اليمين المتطرف"، وعصر"الهرج: القتل القتل، لا يدري القاتل فيما قتل، ولا المقتول فيما قتل"، وانهيار أغلب الدول والمجتمعات العربية والافريقية، يكرر معارضونا القرارات المرتبكة، والتمسك بالكانتونات الحزبية، ويفشلون في النضال والوحدة ، ويهرعون الى لعبة حراك "رحلة" أنور السادات"، الذي أدار فجأة ظهره للأمة وللشعب وشهداءه، وتاريخ مقاومته وقال لحزبه: الإصلاح هو الانكفاء نحو ضم شريط سيناء، و التشبث بالصلح مع من حاربنا قرونا باسم شعار أسماه حزبه غررا : "الواقعية السياسية"؟
هل كتب لهؤلاء الذين يركبون عواطفهم، ويكررون أخطاء حساباتهم، باسم الواقعية طورا، وباسم الكفاح أطوارا، أن تضيع أعمارهم وأحلامهم في كل مرحلة، تماما كالغازلة "التي نقضت غزلها أنكاثا من بعد قوةّ"؟
ليست أرض التنوع والأحلام، موريتانيا "هذا المنكب البرزخي"، لعبة وزارة أولي، تمنح ثم تمنح، ثم تحلب وتحلب بقرتها ، بجرة قلم، أوجرار من الدينار والدرهم.
وليس نضال أجيالنا عبر ستين سنة، وعشرة قرون مضت، ورقة شيك مصرفي يشتري سلطة زمنية ويبيع أخرى، بقبضة من الربا ، وزهوا من التعصب ولونا من فيح الغضب....
يمنحكم عهد الإجماع الوطني، "فرصة "أغلى من أن تضيع، مهما اختلفت أهواءكم، أو جنحت عواطفكم
"فرصة " بناء أخوة بلا رشوة، ومحبة بلا كراهية
تحصن فيها المواد الدستورية، وتبنى فيها دولة العدل والكرامة
مهما تخاصمتم وتماريتم في أنديتكم، و تناهشتم في أسواقكم ومساوماتكم، وتبارزتم في أحزابكم وجمعياتكم.
ستسمعون صوت المؤذن محمد، فهو الصوت الوحيد اليوم الذي يجمعكم ويوحدكم، وهو نداء الجمعة المباركة الذي صدح فيكم قائلا: بكم جميعا يكتمل النجاح.، وكل منكم يمكن في مشارق البلد، وفي مغاربه ، أن يقدم لبلده فكرة بناءة ، وأن يضع في بنيان وطنه، الذي لا يتنهي العمل فيه، لبنته بمميزات بصمته" .
محمد الشيخ سيد محمد/ أستاذ وكاتب صحفي