صحيح أن الوصول إلى الحكم في هذا البلد كان يمر دائما إما باستمراره أو بمغازلة من يحكم .
و صحيح أن ولد الغزواني مغازل متهور و مخبب لعوب كما تقول ضحاياه .. و صحيح أكثر أن مغازلة متبلد مثل ولد عبد العزيز تحتاج درجة من التعري اللفظي لا تلامس شغاف القلب إلا بقدر خدش الحياء، حد التحرش.
لهذا و ذاك ، كان آخر مجلس وزراء لـ"مرشح الإجماع"، حفل تعري ، تبول فيه ولد الغزواني على الدستور حين قال : "كما كنت أدعم المأمورية الثالثة و سعيت ليستمر ولد عبد العزيز في السلطة و لكنه هو من رفض ذلك رفضا باتا" و تبول على إرادة الشعب و مشاعره حين قال : " و كل ما قمنا به قمنا به معا و من بينها الانقلابات و ترشيحنا لسيدي ولد الشيخ عبد الله ثم الانقلاب عليه" و كشف بأعلى درجات التعري و الوقاحة و الغباء أنه يدخل حلبة الصراع على الحكم اليوم بلا طموح و لا برنامج و إنما يأتي فقط لملء الفراغ الذي تركه عزيز حين قال : "أما أنا فلم يكن لي طموح يوما للسلطة و لا رغبة فيها و كنت أنوي التقاعد و التفرغ لحياتي الخاصة ". و كما ودعت القذافي بالدموع و الفرح (إذا غدرت حسناء وفت بعهدها...) ، تمايلت خضراء الدمن على وقع الصبابة "بصفتها الشخصية لا كوزيرة (يعني كما لو كانت في غرفة نومها) ، " أعتبر هذا ثقة منكما فينا و لهاذا أجدد الولاء لكما و "أتعهد" لكما بالدعم و المساندة" . ترى ما سر حديث غزواني "و أعرف معنى العهد" و خضراء الدمن "أتعهد" لكما بالدعم و المساندة" ، عن أنبل المشاعر الإنسانية ، في أسوأ لحظات الخيانة و الازدراء بالوطن؟
و بهدير قدرها اليغلي دوما، يلتف ساق خضراء الدمن بساق غزواني بـ"إجماع" في قرار دعم حزبها اليوم ، في عناق محتالين يموت في أي حين إذا لم يتجدد.
ملحمة عاطفية ، موغلة في الغباء و الشعوبية ، يُزَف فيها الدونجوان "مرشح الإجماع" الغافل عن نبوءة لغة الوحي و نباهة الأعراب ؛ فمن "جَمَعَ" خرب المال العام و من "أجمَعَ" أزبد "صامت" فحشائه وأجدبت الأرض و من "جامَعَ" أفسد الأخلاق و اشمأزته الأنفس. و أينما جمع و أينما اجتمع و أينما جامع و أينما استجمع "مرشح الإجماع"، حل الخراب و توالى المفسدون و تزاحم المنافقون .
كل هذا و ما زال "بعضهم" يريد أن يقنعنا باختلاف غزواني عن عزيز و يذكرنا بمنبع تربيته الأصيلة في غمز جبان إلى سبب هذا الاختلاف: غزواني أسوأ ألف مرة من عزيز و أكذب من عزيز و أجبن من عزيز ..
على الشباب الموريتاني أن يرص صفوفه في هذه المعركة المصيرية الصعبة طبعا، لإخراج هذه العصابة من عرين الرئاسة و يقدمها واحدا تلو الآخر أمام العدالة. و عليه أن يفهم أن من يُسوِقونها اليوم و يدفعون بالمبررات الأقبح من ذنوبها ، أسوأ منها و أخطر منها .
إلى متى تُحتل بلادنا بكذبة الديمقراطية؟
إلى متى تتعاقب هذه العصابات الشيطانية على الحكم في بلادنا بكذبة الانتخابات؟
إلى متى يحتل الجهلة واجهة المشهد في بلادنا بكذبة الحرية؟
لقد أفسدت هذه العصابات و قرناؤها ، زمنها المشؤوم و ها هي الآن تسطوا على زمنكم لتفسده ، فكونوا لها بالمرصاد.
"و من يتهيب صعود الجبال / يعيش أبد الدهر بين الحفر "