السالك ولد دقفك جندي موريتاني (إجيجبي) من مواليد مدينة ألاك أو ضواحيها (لا شك أن من بينكم من يعرفه أو من يستطيع السؤال عنه في منطقته ليتعرف عليه). سنة 1984 ، كان يعمل في وحدة عسكرية في أفديرك بقيادة الملازم محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني . حينها كانت الناس لا تزال تراعي تجنب الحرام و القبيح و غير اللائق و كان الضبط و الربط العسكري من أهم شروط التميز و كان الضابط رتبة تقديرية مقرونة بالمسؤولية و الاحترام و الالتزام. لكن حرب الصحراء فتحت الباب في سنواتها الأخيرة لجيل من الضباط تم تجاوز الكثير من المعايير في اكتتابهم (الشهادة و المظهر و اللياقة و القيافة و القامة و التقويم الشخصي) و حلت بالجيش الموريتاني لعنة "مكنس" التي يكفي فقط أن نذكر أن ولد عبد العزيز تخرج منها ضابطا من دون أن يكمل تعليمه الابتدائي . و حتى إذا تجاوزنا تزوير الشهادات و الوساطة و ظروف الحرب في موريتانيا ، فلا يمكن أن نتجاوز لأكاديمية عسكرية تحترم نفسها تخرج ضابط منها لم تسمع أذنه قط كلمة معادلة رياضية و لا يتكلم أي لغة حية . و لا شك أن مكنس أكاديمية عسكرية محترمة لكنها تماما مثل المدرسة العليا للإدارة (ENA) و غيرها من الكليات المغربية ، ظل شرط تخرج الموريتانيين منها الوحيد هو التسجيل و الحضور (غير الإلزامي في بعض الأحيان).
و في حين تمن علينا المغرب اليوم بتكوين العديد من الطلاب في كلياتها ، فإن الحقيقة التي تشهد عليها سوق العمل في موريتانيا ، هي أن المغرب تسجل منا موقفا عدائيا بتخريج أجيال من المعقدين بشهادات عليا و عقول خاوية، أصبحت المؤسسات الوطنية (قبل ولد عبد العزيز) تتعاقد معهم على شهادة الإعدادية أو الثانوية لتفادي مشاكل مسطرة العمل المفروضة من قبل الوظيفة العمومية.
كان ولد الغزواني مثل رفيق دربه، من هذا الجيل المعد كيفما اتفق.. كان يفتقد إلى كبرياء الضابط و معنويات المرتوي من العقيدة العسكرية و الإحساس بالمسؤولية . و حين خلا له الجو مع جنوده ، لم يكن في نفسه ما يربأ به عن التنازل عن شروط القيادة و التحلي بالمسؤولية و التشبث بالمثل : كان مولعا بلعب القمار (بوكير) و يمضي يومه و ليله في الشجار مع هذا الجندي حين يخسر أمامه و مع ذلك حين يغشه و مع هؤلاء حين لا يستلفونه في الأوقات الحرجة . و في أحد الأيام كانت خسارته في البوكير أمام الجندي السالك ولد دقفك، فأعرض الأخير عن تجاوزات الضابط و تطاوله عدة مرات و حين لم يجد بدا من مواجهته ، أشبعه ضربا و ركلا حتى أشرف على الموت . و انتقلت طائرة عسكرية من نواكشوط لتأتي به في حالة إغماء . و بعد فترة تماثل جسمه للشفاء لكنه كان يعيش حالة شرود ذهني شبه كاملة، فتم إرساله إلى مستشفى الأمراض العقلية "مستشفى جاه" (و يستطيع من منكم له علاقة بالعاملين فيه الآن أن يخرج لكم ملفه ، إذا لم يتلفوه في أحد الأيام القادمة). و بعد اليأس من حالته ، شكلت القيادة العامة للجيش لجنة طبية لتسريحه ، وصلتها الأوامر بإنهاء مهمتها بعد تدخلات عدة من بعض الشخصيات الوازنة.
هذا لمن يعتقدون أن سكوت الغزواني الآن و انعزاليته حالة صحية تعبر عن أخلاقه الفاضلة و هو أيضا لمن يعتبرون انفلاته باتجهات أخرى ، حالة عادية بلا مقدمات..