هكذا دأب رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز اطال الله بقائه ، إذا اراد ان يتخلص من احد اعوانه ، عينه على الحزب الحاكم! ، او اقحمه في صراعات الحزب ، لينتهي به المطاف في غيابات الدبلوماسية.
ولعل السلك الدبلوماسي اصبح العقاب الناعم ، والإحالة المباشرة إلى التقاعد السياسي .
وفي خضم المستجدات والحراك السياسي الذي تشهده البلاد في وجه الانتخابات السياسية الحالية كتب الوزير السابق والسفير الموريتاني الحالي في المملكة المتحدة تدوينة جاء فيها ما يلي:
المخطار أو المختار...
في التدوينة الماضية تساءلت عفويا -بمشاركة بعض الإخوة مشكورين- عن مدى دقة الترجمة إلى لغة الضاد لعنوان مذكرات المرحوم المخطار ولد داداه، أول رئيس لبلادنا؛ وبدلا من التفاعل مع هكذا موضوع جامع وجوهري، اختار البعض -كعادته-أن ينظر إلى الأمر من "زاوية حادة" جدا تتعلق ب-"تلحيني" بخصوص حرف "الطاء" في لقب هذا الرجل العظيم. ليست هذه المرة الأولى التي تصلني فيها هذه الملاحظة الغريبة؛ وأذكر أنني أجبت مرة لهجيا كالتالي: "افكوش انگولو المخطار..."، فظننت أن الأمر قد انتهى، وبما أن هذا "الجدل الهامشي" لا زال يستهوي بعض الإخوة، أود إبداء الملاحظات التالية، لعلنا نركز معا مستقبلا على مواضيع مشتركة أشمل وأكثر فائدة.
١- لدي أخ إسمه "المخطار" ولا يخطر ببالي أن أطلق عليه لقب "المختار" لأن هذا ليس اللقب "اللي انزرگ اعْلِيه العود وانذبحت عليه الغنم..."، وأنا على ذلك من الشاهدين...
٢- أتوجس، لو أطلقت على أخي اللقب بالتاء، أن ينظر يمنة ويسرة بحثا عن من أعني...
٣- عودة إلى منطقة گوش (آمرج) ذات الثقافة العريقة، لو نطقت هناك اللقب "المختار" لضحك جلسائي تهكما دون استثناء ولتهموني بالتكلف المفرط وربما وجهوا إلي تهما أخطر، الشيء الذي قد يحرجني...
٤- لدي مقربون أعزاء في ولاية اترارزه يحملون لقب "المختار" ولا أجرؤ أبدا على نداء أحدهم بلقب "المخطار"، لنفس السببين أعلاه وتفاديا للإحراج الثقافي...
٥- لا يمكن أن "نعرِّب" لقبا دون آخر، فعلى سبيل المثال لا الحصر، نقول "محنض" و"امحمد" و"مامادو" و"ماهامات"، كلها ألقاب تقريبية للقب خير البرية (الأكثر اطرادا)، فما بالكم بألقاب أخرى...
٦- المرحوم المخطار ولد داداه، وأي رئيس للبلاد، يجب أن نعتبره منحدرا من كل شبر من هذا الوطن الواحد، وبما أنني تعودت كل هذا الوقت تسميته بهذا اللقب، فلا أجد مسوغات مقنعة اليوم لتغيير ذلك، ولكن لا يفاجئني طبعا إذا أسماه بعض الموريتانيين ب- "موكتار دادا" وبعض الأجانب بمجرد "دادا"،
٧- لو قبلت التنازل عن "الطاء" لصالح "التاء"، فمن يضمن لي أنه لن ينبري أحد مثقفي "الساعة الخامسة والعشرين" ليطالبني بأن أنطق "الْمُخْتَارُ" بدلا من "الْمخْتَارْ" وأن أحرك أواخر الكلم بخصوص هذا الإسم العلم؟
قد يتساءل البعض: ما الحل إذا؟
أعتقد أن التسامح (بيت القصيد) يجب أن يكون سيد الموقف، فنعتبر أن اللقب "المخطار" واحد وطنيا ويحق لأي موريتاني أن ينطقه حسب الحيز الجغرافي والثقافي الذي ترعرع فيه، وهذا ما أفضله شخصيا من باب المحافظة على تنوع ثقافي لا مبرر لاستهدافه شططا، أو أن نعتبرهما لقبين مختلفين ونترك الحرية لنطق كل منهما.
أما محاولة "نصف التعريب" لأسماء العلم، فلا أحبذها لأنها ستفتح الباب لاجتهادات لغوية (غير محكَّمة) نحن في غنى عنها، علما بأننا بحاجة إلى توظيف طاقاتنا الذهنية في ما يجمعنا ويعود علينا بفائدة ما...