إن المتتبع لمسار بلادنا السياسي لاشك سيهتم بهذه المرحلة التي نعيشها اليوم ونحن على أبواب إنتخابات رئاسية خلال الشهرين القادمين حسب الأجال القانونية التي وردت في الدستور.
تلك الإنتخابات التي قد تكون فرصة للتغيير بأبعاده السياسية والإقتصادية وذالك من خلال العمل على تغيير قواعد النظام السياسي المعتمدة في دستورنا منذ الإستقلال والذي هو عبارة عن نسخة مترجمة من دستور الجمهورية الخامسة الفرنسية 1958م.
كما تعتبر الإنتخابات الرئاسية فرصة للتداول السلمي على السلطة ، وربما يكون هذا العامل الأهم عند الفرقاء السياسيين والمهتمين بالسلطة والحكم في هذه المرحلة.
إن مفهوم التغيير السياسي يشمل مجمل التحولات التي قد تحدث في البنى السياسية في المجتمع و التفاعلات بين القوى بحيث يعاد توزيع السلطة والنفوذ داخل الدولة نفسها.
ويأتي التغيير إستجابة لعدة عوامل نذكر منها:
الرأي العام الوطني ومطالب الشعب والنخبة من النظام من أجل المزيد من الحريات ومحاربة الفساد و استقلال القضاء.
ضرورة إحداث إصلاح سياسي من خلال تعديل في النظام والقواعد الناظمة لطريقة الحكم بحيث يسمح بفصل السلطات و استقلاليتها.
وذالك ماحدث في تونس ،حين تمت المصادقة على مسودة دستور جديد يعطي صلاحيات لرئيس الحكومة في ظل النظام الرئاسي ، كما يعطي دور للأحزاب السياسية في تشكيل الحكومة.
لقد تعرض دستورنا لعدة تعديلات نتيجة حوارات سياسية ومبادرات رئاسية ، لكن لم تمس جوهر النظام حيث لم يتم فصل السلطات .
وفي ظل نظامنا ، يعتبر رئيس الجمهورية المسؤول الوحيد عن وضع السياسات العامة وتطبيقها و تساعده في ذالك حكومة يختارها.
مع أن هذا النظام يسمح بوجود تعددية وحرية في إنشاء الأحزاب والمبادرات المستقلة، لاتوجد أليات تمكن من إحداث تغيير على مستوى القواعد والطرق المتبعة في الحكم لأن كل صلاحيات التعديل في يد مؤسسة الرئاسة.
وفي هذه الحالة يصبح كرسي الرئاسة ذا أهمية كبيرة للقوى المتحمسة للسيطرة على الحكم و إمتلاك السلطة والنفوذ لإدارة البلد.
كماتؤدي هذه الحالة الى تعلق المواطنين والمطالبين بالحقوق والخدمات و أصحاب المصالح بالرئيس من أجل الحصول على تلك الحقوق أو المنافع الخاصة.لذااك مانشهده من مبادرات تملقية و إبداعية في النفاق ليس الا ظاهرة من ظواهر تكريس السلطات في يد رئيس الجمهورية.
إن أي مرشح رئاسي يدعو للتغيير ،عليه أن يضع في برنامجه تعديل الدستور من خلال تقوية المؤسسات وإستقلاليتها.اذ لا معنى لأي دعوة للتغيير بدون المساس بالدستور ومشاركة الأحزاب في الحكم من خلال حكومة تتحمل كامل المسؤولية عن برنامج انتخابي طموح وتطبقه و تتم محاسبتها من طرف ممثلي الشعب في البرلمان.
لاشك أن هذه المرحلة ستعطي فكرة عن التحول القادم . وحسب ما تم تداوله من برامج المرشحين فإن المرحلة القادمة مرحلة تداول على السلطة و هو ماسيؤدي الى تغيير واجهة النظام والبقاء على الأصل والمرتكز .
وفي هذه الحالة سينصب الإهتمام حول المرشح الفائز و على ارادته في احداث تغيير على المستوى السياسي و التنموي.