الفاجعة التي وقعت صباح يوم السبت 18 مايو 2019 قرب قرية "يغرف " على طريق (أكجوجت ـ أطار) كانت بسبب حفرة عميقة على الطريق انحرفت عنها السيارة حسب ما رواه بعض أقارب الضحايا لموقع "صحراء ميديا".
أسرة أخرى راحت ضحية حادث أليم تسببت فيه حفرة لم يتم ردمها ولا ترميمها. توفى الأب والأم وأحد الأبناء وأصيبت البنت بجروح وصفت بالخطيرة، فيما توفى شخص آخر كان يرافق الأسرة. رحم الله من توفى من هذه الأسرة، وعجل بشفاء المصاب، وخالص التعازي لكل أهل وأقارب من توفى في هذا الحادث الأليم.
صحيح أن السرعة المفرطة تتسبب في حوادث كثيرة، وأنه في حالة القيادة بسرعة معقولة فإنه سيكون بالإمكان التخفيف من خطورة الحوادث التي تتسبب فيها الحفر، كل ذلك صحيح، ولكن الصحيح أيضا أن الحفر وتهالك الطرق يتسبب في الكثير من الحوادث المميتة.
هذه الفاجعة الأليمة تجعلنا نشك من جديد في صحة الإحصائيات الرسمية التي تقدمها وزارة التجهيز والنقل، والتي تقول بأن 25% من حوادث السير هي بسبب السرعة المفرطة، و14% بسبب نعاس ونوم السائق، و 31% أخطاء في السياقة، و 15% التجاوز الخطر، أي أن 85 % من حوادث السير هي بسبب أخطاء بشرية، في حين أن وضعية الطرق تتسبب فقط في 9% من الحوادث، و 6% الباقية هي بسبب وضعية المركبة.
فاجعة "يغرف" تفرض علينا أن نذكر من جديد بحوادث أليمة أخرى تسببت فيها الحفر وتهالك الطرق، ففي دراسة ميدانية أعدها رئيس قسم الحالات المستعجلة بمستشفى "حمد في بوتلميت" وصل مجموع الحوادث التي تم تسجيلها في العام 2018 على مقطع طوله 100 كلم، ( 50 كلم شرق مدينة بوتلميت و50 كلم غربها) إلى 129 حادث سير، كانت حصيلتها الإجمالية 454 إصابة موزعة على النحو التالي : 50 حالة وفاة، و 46 إصابة خطرة ، و 91 إصابة بكسور، والبقية إصابات متوسطة و خفيفة.
تسع حوادث سير من هذه ال 129 حادث سير التي تم تسجيلها على المقطع المذكور وقعت على الخمسين كلم الواقعة شرق مدينة بوتلميت، في حين أن 120 حادث سير، أي ما يمثل نسبة 93.1 % من مجموع الحوادث التي تم تسجيلها على المقطع 100 كلم وقعت على الخمسين كلم التي تقع غرب مدينة بوتلميت. تكرر حوادث السير بهذا الحجم الكبير على هذا المقطع الذي لا يتجاوز 50 كلم كان يستوجب ـ لو كان هناك اهتمام حقيقي بحياة المواطنين ـ إجراء دراسة ميدانية لمعرفة الأسباب وراء تكرر الحوادث بهذه النسبة الكبيرة على هذا المقطع بالذات. ستة حوادث سير من المائة والعشرين حادث سير التي وقعت على هذا المقطع في العام 2018 كانت هي الأثقل حصيلة، ففي هذه الحوادث الست توفي31 شخصا، أي بمعدل 6 قتلى في كل حادث سير. وتمثل هذه ال31 نسبة 60 % من مجموع الوفيات على هذا المقطع.
إن 60 % من الوفيات في العام 2018 بسبب حوادث سير على هذا المقطع، توفوا في حوادث سير تسببت فيها حفر على الطريق، ونتج عنها تصادم سيارتين، ومع ذلك تكرر الحكومة على مسامعنا بأن رداءة الطريق لا تتسبب إلا في 9% من حوادث السير.
هذه الحوادث الست وقعت في التواريخ والنقاط التالية :
ـ في يوم 23 مايو 2018 وقع حادث سير عند المدخل الغربي من بوتلميت، وكان بسبب حفر، وتوفي فيه 5 أشخاص.
ـ في يوم 26 مايو 2018، أي بعد ثلاثة أيام فقط من الحادث السابق، وعند الكلم (20 ـ 21) غرب مدينة بوتلميت وقع حادث سير بسبب حفر، وكانت حصيلته 5 وفيات و7 إصابات خطرة.
ـ في يوم 4 أغسطس 2018 تسببت نفس الحفر الموجودة على الكلم (20 ـ 21) غرب مدينة بوتلميت، في وقوع حادث سير آخر كانت حصيلته هذه المرة وفاة 8 أشخاص وإصابة 14 شخصا. هذه الحفر بالذات كنتُ قد حدثتُ عنها الرئيس في الفرصة الوحيدة التي أتيح لي فيها أن أتحدث معه، وقدمتها كدليل على الإهمال والتلاعب بأرواح المواطنين، فبأي منطق تتسبب حفرة على مقطع حيوي في وفاة 5 أشخاص وتترك بدون ترميم وردم لتسبب بعد أقل من ثلاثة أشهر في حادث سير آخر يتسبب في وفاة 8 أشخاص؟
ـ في يوم 15 أغسطس 2018، أي بعد أقل من أسبوعين من حادث الكلم (20 ـ 21)، وعلى بعد واحد كلم، أي عند الكلم 19 وقع حادث آخر بسبب الحفر، وتوفي فيه 5 أشخاص وإصابة شخصين بإصابات خطيرة.
ـ في يوم 1 نوفمبر 2018، وقع حادث عند الكلم (49ـ 50) بسبب الحفر، وكانت الحصيلة 3 وفيات.
.ـ في يوم 10 ديسمبر ، وعند الكلم 10 غرب بوتلميت وقع حادث سير آخر بسبب الحفر، وكانت حصيلته 5 وفيات وأربع إصابات.
إن هذه الحوادث الست والتي تسببت في وفاة 31 شخصا على الأقل، وعلى مقطع لا يتجاوز 50 كلم، والتي كانت كلها ناتجة عن رداءة الطريق (الحفر) تجعل من الصعب جدا تصديق هذه النسب التي تكررها الجهات الرسمية على مسامعنا.
أختم هذا المقال بالتذكير من جديد بالمطالب الست لحملة "معا للحد من حوادث السير"، وهي المطالب التي سيتم تسليمها ـ إن شاء الله ـ خلال هذا الأسبوع للمترشحين للرئاسة، وذلك من أجل أن يقبلوا بإدماجها في برامجهم الانتخابية.
المطالب الست لحملة "معا للحد من حوادث السير" :
1ـ المسارعة في إصلاح وترميم المقاطع المتهالكة من الطرق الحيوية، وخاصة طريق "الأمل" وطريق "روصو نواكشوط".، على أن تكون عملية الترميم من بعد ذلك فورية على هذه الطرق الحيوية، أي أنه كلما ظهرت حفرة على هذه الطرق الحيوية يتم ترميمها بشكل فوري
2ـ توفير فرق إسعاف وإنقاذ بكامل التجهيزات على كل المقاطع الحيوية من الطرق
3ـ تفعيل نقاط التفتيش والصرامة في تطبيق قواعد السلامة المرورية
4ـ إجبار شركات النقل على وضع أجهزة مثبت السرعة في حافلاتها (90 كلم/ للساعة) مع ضبط وتنظيم حركة الشاحنات وتحديد أوقات معينة لتحركها، وخاصة على مقطع (نواكشوط ـ بوتلميت)
5ـ مراجعة مبلغ الدية، وتفعيل دور شركات التأمين.
6ـ الاهتمام بالتوعية والتحسيس، وتخصيص أسبوع وطني للسلامة المرورية.
حفظ الله موريتانيا...
محمد الأمين ولد الفاضل