لاشك ان فكرة إقامة مهرجان المدن التاريخية كان قرارا ظاهره لفتة إلى ثقافة وتراث كاد يندثر ، وصيانة مدن تاريخية وتثبيت ساكنتها بعد ان خلت من أهلها.. او كادت! .
إلا أن الحدث بدى ولأول وهلة حق اريد به باطل ، حيث دأب المشرفين على المهرجانات الممسكين بمخصصاتها على الابتعاد من الاهداف تدريجيا في كل نسخة ، لتنكشف عورته في نسخته التاسعة التي احتضنتها أم الوطن مدينة شنقيط.
هكذا استطاعت اللجنة المشرفة على المهرجان في رهطه التاسع أن تتماسك بنفس التشكلة من الرهط الاول حتي التاسع ، لتثبت للجميع أن المهرجان لا يعدوا تبريرا للاستيلاء على مئات الملايين من أموال الشعب.
وقد اختلفت النسخ الماضية من الحدث عن الاخيرة ، ليس في سرقة أموال الشعب الجائع فحسب ، ولكن من حيث الشهية فمثلا ، كانت النسخة الماضية في مدينة ولاتة ، أقل استحياء من الاخيرة ، مع أن الوزير نفسه ولد محم جاء بمحاسب خاص لترشيد النفقات بغية الابقاء على سهم الاسد من مخصصات المهرجان.
إلا أن نسخة شنقيط الاخيرة تميزت بلجنة مفتوحة الشهية في تقاسم كل شيء ، وزادها شراسة ، تكليف احد مستشاري الوزير الأول بقيادتها.. .
فقد ابدعت اللجنة في الفساد والاستهتار بأموال الشعب في أول حدث مهم يتزامن مع تولى الرئيس الجديد محمد ولد الشيخ الغزواني غير آبهين بمشروعه الاصلاحي والتزاماته الانتخابية .
فبعد تخصيص 400 مليون أوقية لمهرجان مدينة شنقيط التاريخية التي تعاني جميع مشاكل الدنيا وتنعدم فيها ابسط مستلزمات الحياة ، وبعد تلبية نداء المدينة من طرف اخواتها من المدن التاريخية الاخرى ، تم تجاهل كل شيء ، وتحركت لجنة إشراف من 21 عضوا كلهم من وزارة الثقافة كالعادة يحملون 400 مليون من بيت مال المسلمين على كف عفريت وكانت اولوياتهم كالتالي :
اقصاء المعارض وتجاهل المعروضات ، واقصاء الوفود القادمة من المدن التاريخية ، وتقليل الجوائز ، ثم انتقاء الفائزين.
قبل الانطلاق إلى المدينة تقرر نقل جميع المصادر البشرية في وزارة الثقافة على نفقة المخصصات، ليحلوا ضيوفا ثقلاء على مدينة شنقيط.
حاولت اللجنة اقصاء الاعلام الحر فاستقدمت محاسبة قبل الانطلاقة بساعة وزودتها بلائحة تعويضات البنزين لسيارات رؤساء المصالح وعمال الوزارة ، وبعض المواقع الالكترونية التي تم خصم المبالغ المتواضعة المقررة لها ب70% بحجة TVA والحمد لله ان الضريبة ليست هكذا 70% ، مع ان الصحافة ليست لديهم فاتورة على المبلغ ليتم خصم ضريبة منها، لكنه الامعان في الفساد والسرقة التي ليست لها حدود تبرر كل ذلك.
وصلت الوفود واكتظت المدينة الكريمة بالضيوف من كل حدب وصوب لكن اللجنة المشرفة تعرف من أين تأكل الكتف ، فقد جربت الحدث وعرفت مكامن الضعف والقوة.
حرصت اللجنة على ترشيد الانفاق من حيث الترتيبات واللوازم كالنقل وتعويض المحروقات ، حتى تمكنت من الوصول بأكبر حشد في المدينة ، ثم اعلنت اولوياتها كالتالي.
المحاضرات 60 محاضرا كلهم يلقب بالدكتور مع أن أحدهم نقل معه بطاقات الشحن موريتل وكان يبيعهم لبعض اعضاء اللجنة.
الوقت المخصص للمحاضر 7 دقائق فقط لدرجة أن أحدهم انتهي وقته وهو يحاول تنظيم فضفاضته.
المقابل لكل محاضر 150 ألف أوقية قديمة مع أنها قد لا تسلم من TVA وزارة الثقافة.
أما الشعراء فقد تم انتقاء 5 شعراء فقط للدعم المتواضع.
وكانت لجنة الاشراف وهي نفس اللجنة تقريبا ، تستفيد من المهرجانات الماضية بتعويضات معلنة تصل 400 ألف أوقية قديمة لكل عضو ، إلا أن هذه النسخة تميزت بحصول أعضاء اللحنة على 750 ألف أوقية قديمة للعضو الواحد مقابل الفضول.
أما بقية المخصصات فقد دخلت ظلاما حالكا ، فهل ستعيد اللجنة مئات الملايين المتبقية؟
سؤال وارد قد يطرحه أي مواطن ، يؤمن ببرنامج رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
وهل تستدعى الرؤية الجديد الحرص على المال العام ، والاخذ بحلاقيم الفاسدين وتقييئهم ما ابتلعوه من اموال الشعب.. لست ادري.
مولاي الحسن بن مولاي عبد القادر لموقع صوت