لقد أصبحت التنمية السياحة من أهم الظواهر المميزة لعصرنا نظرا لما تتمتع به من أهمية في جوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي ذات أهمية كبيرة بالنسبة للعالم ككل، وبالنسبة لموريتانيا بصفة خاصة.
السياحة من أهم صناعات العالم، فهي تلعب دوراً كبيراً في الاقتصاد العالمي، فلقد تنامت وازدهرت، حتّى أصبحت الآن غذاء الروح وصناعة العصر والمستقبل، وخاصة في ظل مفهوم التنمية المستدامة، حيث أصبحت السياحة الصناعة التي لا حدود لتطورها والأكثر حضارة والأقل تلويثاً للبيئة.
وتلعب السياحة دورا هاما في التنمية المستدامة، على إعتبار أنها تبرر عمليات المحافظة على التوازن الثقافي في المواقع السياحية، وتحافظ على عناصر الجذب السياحي من حيث:
1- الأهمية البيئية والعمرانية: تساعد السياحة على تحقيق إستغلال أمثل للموارد الطبيعية وتدفع للمحافظة عليها وعدم إساءة إستخدامها، على إعتبار أنها ثروة وطنية، كذلك تدفع النشاطات السياحية على تنظيم وتخطيط وتحديث إستخدامات الأرض بالشكل الذي يحقق أقصى منفعة مع الإهتمام بالبيئة وبالبعد الجمالي للمعطيات، سواء كانت طبيعية أم من صنع الإنسان، وتبرز هذه الأهمية خاصة من خلال :
أ- المحافظة على المعطيات العمرانية: تساعد السياحة في تبرير تكاليف عمليات الحفاظ على المواقع الطبيعية الهامة، كتطوير العمليات الطبيعية وإنشاء الحدائق الوطنية والإقليمية، والبنايات ذات الطابع الجمالي وذلك لكونها عناصر جاذبة للسياح.
ب- تحسين نوعية البيئة: توفر السياحة الحوافز لتنظيف البيئة من خلال مراقبة الهواء، الماء، التلوث، الضجيج، معالجة النفايات، كما تساهم السياحة في تحسين الصورة الجمالية للبيئة من خلال برامج تنسيق المواقع، والتصاميم الإنشائية المناسبة، إستخدام اللوحات التوجيهية وصيانة المباني.
2- الأهمية الإجتماعية والثقافية: بالإضافة إلى أنه من خلال السياحة يمكن تعلم ثقافة مختلف المناطق، وبالتالي يزداد التفاهم المشترك والإحترام وتلاقي القيم والعادات قبولا من الجانبين وتخلق روح الوحدة بين المجتمعات، وتقريب المسافات الثقافية بينهم، إضافة إلى أن السياحة تمكن من معرفة ماضي الشعوب وتاريخها وحماية التراث التاريخي والحضاري للشعوب مما يزيد من حركة الإتصال والتواصل فيما بينها، مما قد يؤدي لتطوير السياحة المحلية في الكثير من دول العالم، كما توفر السياحة الحوافز وتساعد على دفع تكاليف المحافظة على المواقع الأثرية والتاريخية، والتي إذا لم يتم الحفاظ عليها ستتعرض للدمار والتدهور، وبالتالي إلى ضياع التراث التاريخي للمنطقة، إضافة إلى ما يلي:
أ- المحافظة على الموروثات التاريخية والثقافية والأنماط المعمارية المعاصرة المميزة.
ب- إحياء الفنون والمناسبات التقليدية والصناعات التقليدية وبعض مظاهر الحياة المحلية.
ج- تساعد العائدات السياحية مختلف المتاحف والمرافق الثقافية المختلفة، كذلك تنظيم المهرجانات والمناسبات الثقافية كونها عناصر جذب للسياحة الداخلية والخارجية.
د- دعم التبادل الثقافي بين المجتمعات ( السياح والسكان ).
3- الأهمية الإقتصادية: للسياحة العديد من الآثار الإقتصادية الأخرى والتي من ضمنها ما يلي :
أ- تحقيق الرواج الإقتصـادي: إن المبالغ التي تدخل قطاع السياحة تدور في حركة الإقتصاد الوطني، فالإستثمار في القطاع السياحي يؤدي في كل الأحوال إلى زيادة العمالة التي بدورها تتحصل على رواتبها والتي تمثل قدرة شرائية جديدة، كما أن الأموال التي تدخل للدولة من السياحة تستخدم في غالب الأحيان لتنمية هذا القطاع، وبالتالي تدخل ضمن الدورة الإقتصادية للدولة.
إضافة إلى أن الضرائب والرسوم المفروضة على هذه البضائع والخدمات المستوردة وكذا المدخول من إعادة بيع المنتوج السياحي إلى المستهلكين وأصحاب الأعمال، تؤدي إلى دورات جديدة من الشراء والإنفاق داخل الدولة، وبالتالي تؤدي إلى مضاعفة الدخل السياحي.
ب - تسويق بعض السلع: غالبا ما يقدم السياح عند زيارة بلد ما على شراء سلع تذكارية أو سلع تشتهر بها تلك الدول المستقبلة، وطبيعة هذا الإنفاق على هذه السلع يعد بمثابة تصدير لمنتوجات وطنية دون الحاجة إلى شحن أو تسويق خارجي، فكلما زاد عدد السياح القادمين من الخارج كلما زادت الصادرات.
ج- تنمية المرافق الأساسية والبنى التحتية: تحتاج السياحة حتى تؤدي مهمتها على أكمل وجه، إلى بنى تحتية متنوعة كالطرق ومشروعات صرف المياه، ومياه الشرب، وسائل النقل، بالإضافة إلى مطارات وموانئ مناسبة، إضافة إلى التطوير العمراني للمناطق الرئيسية من أجل الجذب السياحي.
وبالتالي فإن زيادة الحركة السياحية تتطلب تطوير خدمات النقل وخدمات البنية التحتية الأخرى خصوصا مصادر المياه وشبكة الصرف الصحي وأنظمة التخلص من النفايات والإتصالات، من أجل تلبية حاجات قطاع السياحة.
د- زيادة الإستثمار الوطني والأجنبي: تتضمن السياحة مجالات مختلفة للإستثمارات مثل بناء الفنادق، المطاعم، الملاهي، مراكز الرياضة، القرى السياحية، شركات السياحة ووكالات السفر ووسائل النقل، وبالتالي ترتفع الإستثمارات في هذا المجال، كما تؤدي السياحة إلى دعم الأنشطة الإقتصادية الأخرى في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات وذلك من خلال زيادة الطلب على المنتجات الزراعية والصناعية والإستثمارات فيها.
وتأسيسا لما سبق يمكن تأشير أهمية تنمية الصناعة السياحية من خلال:
ه- تحسين ميزان المدفوعات: وذلك من خلال تدفق رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في المشاريع السياحية وكذلك من خلال الاستخدامات الجيدة للموارد الطبيعية وما ستحققه السياحة من موارد نتيجة ايجاد علاقات اقتصادية بينها وبين القطاعات الأخرى في الدولة ، متزامنا مع ما تحصل عليه الدولة من منافع اقتصادية حيث من الإيرادات المتحققة من العملات الصعبة الناجمة عن الطلب السياحي للسياحة الخارجية وكذلك الداخلية مما يسهم في زيادة الناتج القومي للدولة بشكل مباشر وغير مباشر وبالتالي المساهمة في عملية البناء الاقتصادي فضلا عما تحققه هذه الصناعة من انتعاش شرائح واسعة من المجتمع .و- توفير فرص عمل وحل مشكلة البطالة: ذلك أن التوسع في صناعة السياحة والمشروعات المرتبطة بها يساهم في توفير فرص عمل جديدة مما يخفض من البطالة وبالتالي يؤدي ذلك الى ارتفاع مستوى الدخل والرفاهية للمجتمع وزيادة معدل نمو إنفاق السياح والتأثير المباشر للسياحة في توفير فرص عمل يكون أولا من القطاع السياحي للقطاعات المرتبطة به.