قردان وقعا في الزنا فقامت جماعة القرود برجمهما.."لا أستطيع أن أتقبل هذا الحديث".. هكذا استنكر أحد المتصلين بالشيخ وسيم يوسف، الداعية الإماراتي، في برنامجه من رحيق الإيمان المذاع على قناة أبو ظبي الفضائية، حديث من رأى قرد وقردة زنيا وتم رجمهما في حفرة، قائلًا إنه لا يستطيع أن يتقبل هذا الحديث والعقل والمنطق ينكره، فسأله وسيم يوسف قائلًا "ما هو نص الحديث هل تعرفه؟" موضحًا أنه ليس حديثًا منقولًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم، بل هو حديث روي عن الصحابي، فليست كل أحاديث البخاري منقولة عنا لرسول، مضيفًا أن الصحابي هو من سمى الحادثة بالزنا وليس الرسول صلى الله عليه وسلم من وصفها بذلك، وانفعل وسيم يوسف قائلًا: "الصحابي رأى الحادثة وأسماها هو زنا فلا تلصقوها بالنبي.. فهذا ليس حديثًا عن رسول الله".
أما نص هذا الحديث فقد أورده البخاري عن الصحابي عن عمرو بن ميمون قال: "رَأَيْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ ، قَدْ زَنَتْ، فَرَجَمُوهَا، فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ".
وقد ذكر ابن حجر هذه الحادثة في كتابه "فتح الباري" في شرح صحيح البخاري عن الصحابي حيث روى أن عمرو بن ميمون ذكر أنه كان في اليمن يرعى الغنم فرأى قردين زوجين تركته القردة لتذهب مع قرد آخر "فوقع عليها" ثم عادت للقرد الأول فعرف من رائحتها أنها واقعت قردًا غيره، فصاح واجتمعت القرود وجاءوا بالقرد الآخر والقردة وحفروا لهما حفرة رجموهما فيها حسب رواية الصحابي..فيقول ابن حجر: ساق الإسماعيلي هذه القصة من وجه آخر مطولة ، من طريق عيسى بن حطان ، عن عمرو بن ميمون قال:
كنت في اليمن في غنم لأهلي وأنا على شرف ، فجاء قرد من قردة فتوسد يدها ، فجاء قرد أصغر منه فغمزها ، فسلت يدها من تحت رأس القرد الأول سلا رفيقا وتبعته ، فوقع عليها وأنا أنظر ، ثم رجعت فجعلت تدخل يدها تحت خد الأول برفق ، فاستيقظ فزعا ، فشمها فصاح ، فاجتمعت القرود ، فجعل يصيح ويومئ إليها بيده ، فذهب القرود يمنة ويسرة ، فجاءوا بذلك القرد أعرفه ، فحفروا لهما حفرة فرجموهما ، فلقد رأيت الرجم في غير بني آدم
من هو عمرو بن ميمون؟
يصف الذهبي عمرو بن ميمون في سير أعلام النبلاء بـ "الإمام الحجة" وذكر أنه أدرك الجاهلية ، وأسلم في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم ثم قدم الشام مع معاذ بن جبل ، ثم سكن الكوفة .
ويرى الطبري أن البخاري قد أورد هذه الرواية لا لشيء إلا لدلالة على أن عمرو بن ميمون قد أدرك الجاهلية لا لإثبات ما ظنه ابن ميمون بشان القرد والقردة، فيقول في كتابه الجامع لأحكام القرآن: ".إن صحت هذه الرواية فإنما أخرجها البخاري دلالة على أن عمرو بن ميمون قد أدرك الجاهلية ، ولم يبال بظنه الذي ظنه في الجاهلية".