رسم تقرير سري لخبراء الحكومة البريطانية سيناريو صادما لمستقبل وباء كورونا في بريطانيا.
وبحسب التقرير الذي أعده مسؤولو الصحة في البلاد، فإن أزمة كورونا يتوقع أن تستمر حتى الربيع المقبل (2021). وخلال هذه الفترة يمكن أن يصاب نحو 80 في المئة من السكان، وهو ما وصفه كبير خبراء الحكومة بـ"المناعة الجماعية" للسكان. ويبلغ عدد السكان في بريطانيا نحو 65 مليونا.
ويتوقع التقرير الذي كشفت عنه صحيفة "الغارديان"، أن يحتاج 15 في المئة من المصابين (7.9 مليون) للدخول للمستشفى خلال هذه الفترة، وهو ما يعني زيادة الضغط على الخدمات الصحية الوطنية (NHS) التي تعاني أصلا من أزمة.
وبالنظر إلى أن الخبراء يقدرون نسبة الوفيات بفيروس كورونا بواحد في المئة من الإصابات، فإن هذا يعني أن الوفيات ستتجاوز 500 ألف حالة. وإذا تم الأخذ بتقديرات أخرى تحدد الوفيات عند 0.6 في المئة، فإن العدد يدور حول 318 ألفا، وهو رقم كبير أيضا.
والتقرير سري ومتاح فقط لكبار المسؤولين في قطاع الصحة في البلاد، وقالت الغارديان إن مسؤولا صحيا أطلعها على ملخص له.
ووصف المستشار الطبي للحكومة البريطانية، البروفيسور كريس ويتي، هذه الأرقام بأنها "السيناريو الأسوأ"، متوقعا أن تكون الأرقام النهائية أقل من ذلك.
ويمثل التقرير خلاصة تفكير المؤسسات الرسمية في التأثيرات المحتملة للفيروس على الخدمات الصحية وقطاعات أخرى مثل الشرطة والنقل.
ويقول أستاذ الطب في جامعة إيست أنجيليا، البروفيسور بول هنتر، إن "الناس سيشعرون حقا بالانزعاج وبكثير من القلق"، بسبب التقديرات الواردة في التقرير بشأن استمرار أزمة كورونا لعام كامل.
وأوضح البروفيسور هنتر، المتخصص في علم الأوبئة، أن التوقع باستمرار الأزمة حتى الربيع القادم ربما يكون معقولا، لكن الأرقام الواردة ليست مفهومة تماما.
وتوقع أن ينحسر الوباء بحلول الصيف (حزيران/ يونيو)، ليتصاعد مجددا ابتداء من الخريف (تشرين الثاني/ نوفمبر)، أي بوتيرة مشابهة لموجات الرشح ونزلات البرد العادية.
وقال: "أعتقد أنه (كورونا) سيستمر للأبد، ولكن سيصبح أقل حدة عبر الوقت، حيث إن المناعة (تجاهه) ستتطور".
من جهة أخرى، يحذر التقرير من أن العدد الكبير للذين قد تظهر عليهم أعراض الإصابة؛ قد يجعل المختبرات غير قادرة على إجراء الفحوصات للجميع للتأكد من إصابتهم بالفيروس.
ومن الآن فصاعدا، فإن الاختبارات الخاصة بالفيروس ستجرى فقط لمن يواجهون أعراضا حادة تستدعي دخولهم إلى المستشفى، أو داخل دور الرعاية والسجون.
ويتوقع البروفيسور ويتي أن تتصاعد أرقام المصابين خلال 10 أسابيع إلى 14 أسبوعا من بدء الأزمة، ثم تبدأ بعدها بالانخفاض. وينتظر أن تنخفض الوفيات خلال الصيف، لكنها لن تصل إلى الصفر.
وهذا يعني أن الذروة يمكن أن تكون بين أيار/ مايو ومنتصف حزيران/ يونيو، وهي فترة تواجه فيها الخدمات الصحية ضغطا كبيرا.
وتقوم خطة الحكومة البريطانية على إطالة أمد أزمة الفيروس، بحيث يتاح المزيد من الوقت للخدمات الصحية للاستعداد لمواجهة التداعيات، كما يمكن حينها أن يكون قد تم التوصل لعلاج، رغم أن التوقعات تشير إلى أن التوصل لمصل لعلاج الفيروس قد يحتاج لنحو 18 شهرا.
وتقلل التوقعات باستمرار الأزمة لعام آخر؛ من شأن الآمال بتراجع وتيرتها بحلول الأجواء الدافئة في الصيف.
وأشارت آخر حصيلة رسمية نشرت الأحد، إلى تسجيل المملكة المتحدة 1,372 إصابة (بزيادة 232 عن اليوم السابق) و35 وفاة (بزيادة 14).
وأكد وزير الصحة مات هانكوك، خلال مداخلة عبر محطة سكاي نيوز، المعلومات الصحفية التي أشارت إلى أنّ الحكومة تعتزم عزل الأشخاص الذين يزيد عمرهم على سبعين عاما، لمدد تصل إلى أربعة أشهر.
ووسط سيل الانتقادات التي يوجّهها باحثون إلى الحكومة لاعتبارهم أنّها تتأخر في اتخاذ إجراءات جذرية، تكشف حكومة بوريس جونسون في شكل محدود عبر وسائل الإعلام الخطوات التي ستدخل حيز التنفيذ "في الأسابيع المقبلة".
وتنوي الحكومة بشكل خاص منع التجمعات الكبيرة بدءا من نهاية الأسبوع المقبل، وهو إجراء سبق أن أقرته دول أوروبية عديدة. وما زالت الحكومة ترفض اتخاذ إجراءات مثل إغلاق المدارس والجامعات.
وأعطت الحكومة التي تسعى حاليا إلى تأخير ذروة الوباء إلى الصيف، بهدف استيعاب أثر الصدمة على القطاع الصحي، توجيهات إلى الأشخاص الذين يشعرون بأعراض الإصابة بالبقاء في منازلهم أسبوعا.
وسعى هانكوك أيضا إلى إخماد الجدل القائم حول "المناعة الجماعية"، التي تحدث عنها مستشار الحكومة للشؤون العلمية باتريك فالانس، والتي تستوجب إصابة 60 في المئة من السكان على الأقل. وقال إنّ "المناعة الجماعية لا تمثّل هدفنا أو سياستنا، إنّه مصطلح علمي"، مضيفا أنّ "هدف سياستنا حماية الأرواح وهزم الفيروس".