شكلت وجود شركة تازيازت منذ الوهلة الأولى أبرز اوجه النهب المنظم في موريتانيا ، حيث بدت ولأول وهلة ، وكأنها بنيت على اسس اتفاق تقاسم ثروة بلد بين شركة أجنبية وأصحاب النفوذ فيه ، ما ترك للشركة الحبل على القارب ، وطلق عنانها في احتقار العامل والمواطن ومضايقته بالأجنبي ، بل وتفضيله عليه.
وقد دأبت الشركات الأجنبية على استنزاف خيرات باطن الارض الموريتانية ، إلا أن شركتي تازيازت و MCM كانتا سباقتين في استنزاف ما تحت الأرض من خيرات، وما فوقها من سكان ، بما في ذلك العمال .
فمن نهب الخيرات دون رقيب مرورا بتبديد السموم وتلويث البيئة وانتهاء بمصادرة حقوق العمال المواطنين ، وجلب عمالة لمنافستهم على أرضهم واصلت الشركات ارعن الممارسات في إهانة واحتقار المواطنين ، واستنزاف خيراتهم دون رقيب او حسيب.
ولعل غياب الشركتين عن دعم أي مجال من أوجه الحياة في موريتانيا ، كان أبرز سمات وجودهما ، حيث تنتصب الشركات العملاقة في مناطق يفتقد سكانها إلى أبسط مستلزمات الحياة الكريمة ، بينما يتم نهب ملايين الاطنان من الذهب والنحاس من تحت أقدامهم.
"لمعيط" يصل تازيازت
وبعد انتظار ومعانات مريرة ، تمكن عمال شركة تازيازت المواطنين من مواصلة اضرابهم ومطالبة الشركة بتلبية تلك المطالب المشروعة ، وعلى رأسها وقف سياسة التمييز ضدهم على أرض بلدهم ، والتي تعتمدها الشركة ضد مواطنين تستنزف خيرات بلدهم.
وقد استجاب للدعوة الى الاضراب ما يناهز 500 عامل موريتاني وهو ما يفوق نسبة 80 في المائة .
وحسب معلومات إعلامية مؤكدة ، فقد ادى اضراب العمال الى توقف شبه تام لإنتاج الشركة .
وكانت الشركة الاجنبية التي تحتقر المواطنين ، قد قللت من شأن الاضراب ،معلنة ، ان نسبة الاضراب لم تتجاوز 39 بالمائة وهو ما نفاه مناديب العمال الذين شكروا العمال على سرعة استجابتهم وتلبيتهم للدعوة للاضراب.
وتقف الشركة على مفترق طرق ، قد يرسم مستقبل وجودها في موريتانيا ، أما خيارات محدودة أبرزها احترام المواطن ، وقانون العمل الموريتاني والاتفاقيات الجماعية .
وكانت شركة تازيازت قد أوغلت في احتقار المواطن الموريتاني العامل ومصادرة حقوقه ، أكثر مما اوغلت في استنزاف خيرات بلده .
ومهما يكن من أمر فإن على شركة تازيازت أن تفهم أن عهد رشوة السلطات العليا والتآمر على حقوق العمال ومصالح البلد ، قد ولى بدون رجعة ، وأن الواقع الذي يفرض نفسه هو الحوار ومدونة الشغل والاتفاقيات الجماعية والدولية ، صيانة لحق المواطنين وحفاظا على علاقات العمل.