افتتاحية: أثار تحقيق اللجنة البرلمانية أزمة جديدة بين رموز الفساد وفضائح اختلاس المال العام، وبين إمكانية إعادة تدويرهم في مناصب جديدة .
وقد أيقظت الازمة ثقافة جديدة ومتداولة بين رموز الفساد ، تعتمد اقتناء السنة سُوء وأقلام مدح مأجورة للدفاع عن خلفيتهم السيئة ، ومحاولة الظهور بوجه جديد وتجاوز خلفيتهم الفاضحة من حيث سوء التسيير واختلاس المال العام.
ولعل الثقافة الجديدة اصبحت تتسع لتصبح ثقافة إعلام ، كُتاب ومدونين يتحولون إلى اغوياء وراء اباطرة الفساد في الحقب الماضية ، بعد أن كشفت ممارساتهم عورة فسادهم أمام الجميع .
مسؤلين لم يكونوا مسؤولون في تسيير المال العام ، تلطخت ايديهم بالفساد ، ولطخوا محيطهم بممارساتهم في سوء تسيير المال العام.
واستجابة لوحي الثقافة السائدة والموضة الجديدة ، وعلى درب الزملاء فإننا في موقع "صوت" قد نسمح بانتقاد أي إطار إلا الاطار البارز والنزيه "احمد قماقم"!.
ولمن لا يعرفه فهو الاطار البارز صاحب المواهب في السرقة ، والذي يسرق الكُحلة من العين ، جاء ذكره في الليلة السادسة بعد الثلاثمائة من ألف ليلة وليلة .
حيث قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوالي لما دخل على زوجته قالت له ذلك الكلام وحلف لها بالطلاق فمكنته وبات ولما أصبح الصباح اغتسل، وصلى الصبح وجاء إلى السجن وقال: يا أحمد قماقم يا سارق، هل تتوب مما أنت فيه?
فقال: إني تبت إلى الله تعالى ورجعت وأقول بالقلب واللسان: أستغفر الله فأطلقه الوالي من السجن وأخذه معه إلى الديوان وهو في القيد ثم تقدم إلى الخليفة وقبل الأرض بين يديه.
فقال له: يا أمير خالد، أي شيء تطلب?
فتقدم أحمد قماقم يخطر في القيد قدام الخليفة فقال له: يا قماقم هل أنت حي إلى الآن?
فقال: يا أمير المؤمنين إن عمر الشقي بقي فقال: يا أمير خالد لأي شيء جئت به هنا?
فقال له: إن له أماً مسكينة منقطعة وليس لها أحد غيره، وقد وقعت على عبدك أن يتشفع عندك يا أمير المؤمنين في أنك تفكه من القيد وهو يتوب عما كان فيه وتجعله مقدم الدرك كما كان أولاً. فقال الخليفة لأحمد قماقم: هل تبت عما كنت فيه?
فقال له: تبت إلى الله يا أمير المؤمنين فأمر بإحضار الحداد وفك قيده على دكة المغسل وجعله مقدم الدرك وأوصاه بالمشي الطيب فقبل يد الخليفة ونزل بخلعة الدرك ونادوا له بالتقديم فمكث مدة من الزمن في منصبه، ثم دخلت أمه على زوجة الوالي فقالت لها: الحمد لله الذي خلص ابنك من السجن وهو على قيد الصحة والسلامة فلأي شيء لم تقولي له يدبر أمراً في مجيئه بالجارية ياسمين إلى ولدي حبظلم بظاظة?
فقالت: أقول له، ثم قامت من عندها ودخلت على ولدها فوجدته سكراناً. فقالت له: يا ولدي ما سبب خلاصك من السجن إلا زوجة الوالي وتريد منك أن تدبر لها أمراً في قتل علاء الدين أبي الشامات وتجيء بالجارية ياسمين إلى ولدها حبظلم بظاظة، فقال لها: هذا أسهل ما يكون ولا بد أن أدبر له أمراً في هذه الليلة وكانت تلك الليلة أول ليلة في الشهر الجديد وعادة أمير المؤمنين أن يبيت فيها عند السيدة زبيدة لعتق جارية أو مملوك أو نحو ذلك وكان من عادة الخليفة أن يقلع بدلة الملك، ويترك السبحة والنمشة وخاتم الملك ويضع الجميع فوق الكرسي في قاعة الجلوس وكان عند الخليفة مصباح من ذهب وكان ذلك المصباح عزيزاً عند الخليفة.
ثم إن الخليفة وكل الطواشية بالبدلة والمصباح وباقي الأمتعة ودخل مقصورة السيدة زبيدة فصبرأحمد قماقم السراق لما انتصف الليل وأضاء سهيل ونامت الخلائق وتجلى عليهم بالستر الخالق، ثم سحب سيفه في يمينه وأخذ مقفله في يساره وأقبل على قاعة الجلوس فتعلق بها وطلع على السلم إلى السطوح، ورفع طابق القاعة ونزل فيها فوجد الطواشية نائمين، فبنجهم وأخذ بدلة الخليفة والسبحة والنمشة والمنديل والخاتم والمصباح الذي بالجواهر ثم نزل من الموضع الذي طلع منه وسار إلى بين علاء الدين أبي الشامات وكان علاء الدين في هذه الليلة مشغولاً بفرح الجارية فدخل عليها وراحت منه حاملا
فنزل أحمد قماقم السارق على قاعة علاء الدين وقلع لوحاً رخاماً من دار القاعة وحفر تحته ووضع بعض المصالح وأبقى بعضها معه، ثم جبس اللوح الرخام كما كان ونزل من الموضع الذي طلع منه وقال في نفسه: أنا أقعد أسكر وأحط المصباح قدامي وأشرب الكأس على نوره ثم سار إلى بيته فما أصبح ذهب الخليفة إلى القاعة فوجد الطواشية مبنجين فأيقظهم وحط يده فلم يجد البدلة ولا الخاتم ولا السبحة ولا النمشة ولا المنديل ولا المصباح فاغتاظ لذلك غيظأ شديداً ولبس بدلة الغضب وهي بدلة حمراء، وجلس في الديوان فتقدم الوزير وقبل الأرض بين يديه وقال له: أي شيء حصل?
فحكى له جميع ما وقع وإذا بالوالي طالع وفي ركابه أحمد قماقم السراق، فوجد الخليفة في غيظ عظيم، فلما نظر الخليفة إلى الوالي قال له: يا أمير خالد كيف حال بغداد?
فقال له: سالمة أمينة، فقال له: تكذب فقال له: لأي شيء يا أمير المؤمنين?
فقص عليه القصة وقال له: ألزمتك أن تجيء بذلك كله فقال له: يا أمير المؤمنين دود الخل منه فيه ولا يقدر غريب أن يصل إلى هذا المحل أبداً، فقال: إن لم تجيء لي بهذه الأشياء قتلتك، فقال له: قبل أن تقتلني أقتل أحمد قماقم السراق فإنه لا يعرف الحرامي والخائن إلا مقدم الدرك فقام أحمد قماقم وقال للخليفة: شفعني في الوالي وأنا أضمن لك عهدة الذي سرق وأقص الأثر وراءه حتى أعرفه ولكن أعطني اثنين من طرف القاعة واثنين من طرف الوالي فإن الذي فعل هذا لا يخشاك ولا يخشى من الوالي ولا من غيره.
فقال الخليفة: لك ما طلبت ولكن أول التفتيش يكون في سرايتي وبعدها سراية الوزير وفي سرايا رئيس الستين
فقال أحمد قماقم: صدقت يا أمير المؤمنين ربما يكون الذي عمل هذه العملة واحد قد تربى في سرايا أمير المؤمنين أو في أحد من خواصه
فقال الخليفة: وحياة رأسي كل من ظهرت عليه هذه العملة لا بد من قتله ولو كان ولدي ثم إن أحمد قماقم أخذ ما أراده وأخذ فرماناً بالهجوم على البيوت وتفتيشها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.