دأب شعب هذه الأرض التي اصبحت موريتانيا رغم خلاف واختلاف قبائلهم على محبة آل البيت وموالاتهم، ونصرتهم، وإكرامهم، والاهتداء بهديهم، والاقتداء بسيرتهم.
ومما لا مراء فيه أن لأهل البيت حقوقاً معلومة خاصة بهم ليست لغيرهم , ولا يجوز تركهم بغير هذه الحقوق , ولا تحل لهم الزكاة , إلا إذا لم يأخذوا حقهم على الصحيح .
ومن حقوقهم خمس الغنيمة كما في قوله تعالى : (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الأنفال:41] .
ورغم أنه لا وجود لهذا الخمس الآن ، فإن الواجب إعطاؤهم من بيت المال المسلمين ما ينوب مناب ذلك , بالطريقة التي يذكرها أهل العلم، وخزينة الدولة هي بيت مال المسلمن.
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم أنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيباً بماء يدعي خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به -فحث على كتاب الله ورغب فيه- ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم.
ويخز في النفس ما آل إليه حال الاسر الشريفة التي وجدت نفسها جزء من هذا الشعب الموريتاني ، رغم عدم صدور أسماءها في قوائم الدولة الإسلامية .
رحلة الحرمان
فقد نشأت الدولة الموريتانية الاسلامية في ظل ما يبدو إصرارا واضحا على اضطهاد العترة الطاهرة وحرمانها من حقوقها في بيت المال ، إذ لم يتم التبويب عليها عن قصد في بيت مال المسلمين ، في أول خطوة تتجاهل الحق الشرعي لآل البيت ، وتستهدف تعكير صفو عيشهم بين مجتمع يجلهم ويقدرهم حق تقدير.
وكان لا فتا محاولة حرمان آل البيت من "الهدية" التي دأب المجتمع القبلي على تقديمها إكراما لذرية أسباط رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد تم تحويلها بسم الدين إلى جهات أخرى يضيق المقام لذكرها ، في أول خطوة لكسر عرف اجتماعي ، وتجعيد أسباط رسول الله في ظل كيان الدولة الإسلامية الجديدة .
ومن المتعارف عليه بين سكان هذه الأرض المسلمة أن الهدية في المدر والوبر هي سهم متعارف عليه لآل البيت .
وقد برزت نخبة متفقهة في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم افتت بحرمان آل البيت من الصدقة والزكاة متعللة بأنهما وسخ المال ، وأن العترة الطاهرة التي تمت محاصرتها على هذه الأرض الطيبة لا يحق لها أخذها ، لإن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد إنما هي أوساخ الناس.
بعد محاصرة آل البيت في موريتانيا ، أطلق دعاء التضييق على آل الرسول حملة تجاهل وتقزيم وتبهيت، وفتح باب الادعاء واسعا أمام الجميع !!، لتكتمل فصول رحلة الحرمان والحصار والاضطهاد التي تعرض آل البيت في موريتانيا!.
مولاي الحسن ولد مولاي عبد القادر