" الهـابا " طاق البصل.. يغني بدينار ويسكت بدانق (افتتاحية)

أحد, 02/14/2021 - 02:47

شكلت الارهاصات السلطوية لترويض أصحاب مهنة المتاعب ، وتطويع الحقل الانسيابي ، أبرز تجليات المشهد الإعلامي في عهد الانفتاح والحريات العامة.

ولعل تغول السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية في ملاحقة المؤسسات الإعلامية المستقلة ، يؤكد أن نازلة أزفت، تدفع بعصى سلطة الهابا إلى اختصاص جديد ، بعد عقود من تأسيسها لهدف غامض عنونته ممارساتها ، التي أثبتت جليا أن ابرز اختصاصاتها هو أن "لا تفعل شيئا" أو على الأقل، ما دأبت عليه منذ إنشاءها.

سنين.. ظلت سلطة الهابا حديقة مونقة لمن عليها ، ورياض زاهرة لمن فيها ، وطرفة نادرة يتداولها منتسبي الحقل الإعلامي ومتطفليه.. ولم تكد الهابا تستفيق من سبات نومها  ، حتى كشرت عن أنيابها ملوحة بعصا سلطتها ، لتبدو عبوسة الوجه جهمة المحيا ، محاولة أن تقنع بعدلها من عجزت أن تسعهم بفضلها وتنصفهم من عملها.

بعد سنين من صمت سلطة الهابا على ضيزي قسمة صندوق دعم الصحافة المستقلة ، وعلى بعد أسابيع من أغرب قسمة وأكثرها ظلما وحيفا ، نزعت قناعا من تلطخ عنوانه الزبونية والمحسوبية ، صفر تحت قفا لجنة تسيير وتوزيع الصندوق ، وحاضنتها ، وجعل منهما حديث الساعة ، وهو ما يبدو أنه تطلب تصرفا غير اعتيادي ، وبديهية عاجلة للفت النظر عن قسمة جحا وزوجته وابنه والثلاثة دجاجات.

لا جديد يستحق الذكر سوى أن سلطة الهابا كشرت عن أنيابها ، متسلحة بدوافع  تحسبها قانونية حول مرسوم القانون المنشئ لها ، رغم أنه لا أحد يطالب بإعادة النظر في ظرفية إنشاءها ودوافعه الغامضة!.

لا جديد يستحق الذكر سوى محاولة تكريس الواقع الأليم ، فلا زالوا يخاطبون الإعلامي على قدر أُبهته وعلوه وارتفاعه وانتمائه ، وهو تهجين وتمييع لمعنى المهنة وإخلال بقدرها ، ويتحدثون بالقصص الطـــوال عن إصلاح وتمهين الحقل وتطبيق القانون .

وكفي بالله للمظلوم ناصرا

موجبه أننا تلقيا في موقع "صوت" اتصالا هاتفيا من سلطة الهابا لم يكن مدرا للدخل بالضرورة ، بل كان مفاده تحذيرا للموقع ودعوة لتوخي الحذر حول دقة الخبر ، رغم أننا حاولنا وجود الهابا قبل سنة في قضية ظلم وقع علينا داخل مباني السلطة ، صمتت خلاله صمت الحملان ، قبل أن يحطم سكوننا رنين مكالمتها تحذر وتتوعد.

كنا نأمل ان يكون موضوع المكالمة عرض حول اقتراحات تخص هستيريا التكوين الذي الم بالسلطة منذ قدوم رئاستها الجديدة ، أو أن يكون الموضوع متعلقا بصيانة ماء وجه السلطة حول الظلم الذي وقع عمدا على موقعنا جراء ممارسات لجنة تسيير صندوق الدعم للسنة الماضية ، أو تصحيح لزحلقة توزيع لجنة تسيير الصندوق الحالية ، أو أن يكون موضوع المكالمة تأكيدا على أن المساواة أصبحت مبدء ومنهاجا تعتمده السلطة الوصية على مهنة المتاعب.

ولعل مكالمة الهابا التوجيهية بدت بذاء وشكاسا أثار استياء وحسرة ، بعد إقصاء موقعنا من جدول أعمالها المنتظرة ، وسقوطه من قوائم لوائحها المختصرة .

بعد كل هذا وذاك فإننا إذ نطالب دعاة الاصلاح بالوقوف على مسافةواحدة من الجميع ، نرفض تكريس الواقع الأليم الذي يعيشه الاعلام المستقل بعد تمييع حقله ، وفتحه على مصراعيه أمام الجميع ، وتطويعه لمصلحة خلية لا تتجاوز أصابع اليد ، لتظل آنية بعضهم من ذهب وفضة ، وغريمهم خاو وجارهم طاو ، كل ذلك تحت سقف الاسرة الواحدة التي تحاول الهابا تمثيل دورها .

وقيل قديما دع الضرع يدر لغيرك كما در لك ، أما لجنة تسيير وتوزيع الصندوق فجناية تحبسها وتوبة تُطلقها ، وأما سلطة "الهابا" فمراقب مؤتمن كما ينبغي أن تكون ، وليست  طاق البصل الذي كان يغني بدينار ويسكت بدانق.

موقع "صوت"