منذ انطلاق الحملة الإنسانية التي عمت أرجاء الوطن، لإغاثة مئات الٱلاف من العائلات والأسر التي تقاسي الفقر المدقع، ارتفعت اصوات حملة تشويه وانتقاد منكرة، موازية، يفتعل ربابنتها اامنهجية، فيجادلون بحجج ظاهرها المنطقية، فيما تستبطن مغالطات بادية العوار، لا تخطئها الفطنة، حين تتحجج بأن إنفاق المبالغ الضخمة التي خصصت لحملة الإغاثة تلك، على إقامة مشاريع تنمية مستدامة، كان خيرا وابقى، من صرفها منحا عينية زهيدة، على بعض العائلات والأسر المستهدفة بالحملة.
ومن حيث المبدأ، لا مشاحة في هذه الحجج المنطقية، حيث المعول عليه، في تقدم الدولة وتبدل احوال المواطنين، إنما هو برامج التنمية الشاملة، التي تمنح الأولوية المطلقة للمشاريع المستدامة، امتصاصا لبطالة العاطلين، وحفزا للإنتاج والتصدير، وضبطا للاستيراد والمضاربة، ومحاربة للغلاء، وضمانا لضروريات الحياة بلا رهق للمواطن؛ لكن المغالطة في هذه الأطروحة المنطقية تتمثل في التغاضي عن تلك الحالات الإنسانية المستعجلة، التي لا تحتمل الإرجاء، والتي استهدفتها حملة الإسعافات العاجلة.
إن الأمر يتعلق بأكثر من نصف مليون نسمة من ضحايا نظم الإقصاء والتهميش، ونهج التغابن والفساد في الارض؛ شيوخ وعجائز ومرضى وزمنى، كالأشباح، ومن حولهم ذرية ضعاف، كافراخ الطير، زغب الحواصل لا ماء ولا شجر، فراشهم الثرى ولحافهم السماء، هدهم النصب واللغوب، يطوون الأيام والأسابيع والشهور، بلا شبع من طعام.... بربكم، ألا تمثل نجدة هؤلاء واستنقاذهم من هلاك محقق، اولوية قصوى على كل البرامج والمشاريع التنموية، مهما لمعت بروقها، وسال اللعاب لوعودها، ومهما كانت حجية التنظير لها؟!
صحيح ان تلك الإغاثة، على اولويتها، لا تلغي أو تعرقل الخطط والبرامج والمشاريع التنموية الشاملة، على ٱمادها المختلفة، قريبة ومتوسطة وبعيدة، فهي تسبقها وتتقدمها، حتما، لكن دون ان تكون بديلا عنها...وتلك حقيقة تترجمها جلبة البناء والتعمير المدوية في فجاج الوطن العزيز، وقد بات ورشة إصلاح وإنجاز وإنتاج، مفتوحة على كل الصعد، بعد زحزحة العراقيل والعواىق والمثبطات، واولها الفساد بإرثه الثقيل، وشرره المستشري في مفاصل الدولة، بارقامه الفلكية، وشخوصه وأسمائه التي تملأ، ما زالت، الأسماع والابصار، تضاف إليها تبعات وتداعيات الوباء، والتي قهرت أقوى النظم البشرية وأغناها.
هل كانت حملة الانتقاد الممنهجة لعملية إغاثة الحالات الإنسانية المستعجلة، تلك، إلا وظيفة ضمن عملية شغب منظمة، تحركها دوائر علنية معروفة، من خارج النظام، واخرى خفية داخله، لفتا للانتباه بعيدا عن حالة الإقلاع المتسارعة، للانتقال بتعهدات رئيس الجمهورية، وأولوياته ووعوده، إلى واقع معيش، تتطابق مضامينه، بأبعادها الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع بشاراته وعناوينه الموحية، إعلانا تأكيدا على أن جهود حجب الحقيقة الناصعة، قد فشلت وشبعت فشلا؛ وهل تحجب الغرابيل شمس الظهيرة .؟!