غم تعدد مجالات تدخل النصوص القانونية فإن مجال حماية حقوق الإنسان والحريات الفردية الأساسية يبقى الأخصب والأكثر حيوية، وكان علي المشرع التدخل في مناسبات عديدة لعل أهمها على مستوى النصوص الجزائية اعتبارا لارتباطها الوثيق بحقوق الإنسان فمجتمع كمجتمعنا الموريتاني الذي لم تنتشر فيه بعد الثقافة القانونية يعتبر كل موقوف اوكل من اوقف احتياطيا ولو تمت تبرئته يبقي في اعين المجتمع مجرما؛ اضافة الي ان النيابة بسبب السلطة التقديرية المخولة لها تتابع بأدني شبهة للمتابعة الا ان ذلك قد يسبب لبعض الاشخاص في المجتمع أضرار معنوية لا يمكن احتوائها وكان من العدل والإنصاف تعويض كل من تمت متابعته وثبتت فيما بعد براءته بحكم قضائي.
و بغياب قانون للتعويض يسمح بتفادي بعض التساؤلات التي طالما كانت قائمة والمتعلقة أساسا بمن تم إيقافهم احتياطيا ثم تمت براءتهم أو الذين تمت محاكمتهم ونفذت عليهم عقوبة السجن وثبتت براءتهم بما يجعلنا إزاء وضعية غير مقبولة واقعا وقانونا وتمس بذلك أحد أهم الحريات الأساسية بل وتجعل مظاهر اللاعدالة تتجلى بشكل واضح وجلي بما يخلف امتعاض المجتمع حيال هذه الوضعية الاستثنائية التي بقيت دون تدخل تشريعي.
و من هنا تأتي الأهمية الي تدخل المشرع وذلك إما لغرض دعم نصوص قانونية قائمة كتنظيم الحراسة النظرية أو إرساء مؤسسات قانونية جديدة نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات، وكذلك التدخل لغرض تكريس الصبغة الإصلاحية للعقوبة وذلك بإقرار عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة للتخلص من ظاهرة اكتظاظ السجون وذلك الي جانب اقراره التقاضي على درجتين في المادة الجنائية، كل ذلك من أجل تكريس كرامة الإنسان وإن كان مذنبا اعتبارا إلى أن العقوبة لا تكون فقط لغرض الردع والإقتصاص للمجتمع وإنما كذلك لإصلاح من زلت به القدم والعمل على إعادة تأهيله لإدماجه مجددا في المجتمع وان لايكون القضاء وسيلة لإضرار مجتمعه . و من هنا تأتي الأهمية الي تدخل المشرع وذلك إما لغرض دعم نصوص قانونية قائمة كتنظيم الحراسة النظرية أو إرساء مؤسسات قانونية جديدة نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات، وكذلك التدخل لغرض تكريس الصبغة الإصلاحية للعقوبة وذلك بإقرار عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة للتخلص من ظاهرة اكتظاظ السجون وذلك الي جانب اقراره التقاضي على درجتين في المادة الجنائية، كل ذلك من أجل تكريس كرامة الإنسان وإن كان مذنبا اعتبارا إلى أن العقوبة لا تكون فقط لغرض الردع والإقتصاص للمجتمع وإنما كذلك لإصلاح من زلت به القدم والعمل على إعادة تأهيله لإدماجه مجددا في المجتمع وان لايكون القضاء وسيلة لإضرار مجتمعه .
فقد جعل الدستور من السلطة القضائية الحامية لحقوق وحريات الأفراد وفقا لترتيبات (المادة 91), فأكسب هذه الحماية تبعا لذلك قيمة دستورية عليا بتكريسه فكرة القاضي الحامي للحقوق والحريات من خلال الضمانات الدستورية. فيكون التشريع الموريتاني قد جعل القضاء وحده الساهر على ضمان الحقوق والحريات أثناء الاحتفاظ والإيقاف التحفظي من خلال مراقبته لذلك، بما يجعل كل انتهاك لهذه الرقابة انتهاكا لنص الدستور فيعاقب مرتكبوه على أساس أنها جرائم ضد الدستور المواد(111-119من القانون الجنائي) وعلي انها اعتداء على الحرمة الجسدية ؛ وقبل ذلك لا بد من الإشارة إلى أن الشريعة الإسلامية لم تتعرض إلى فكرة التعويض إذ تعتبر الأحكام عنوانا للحقيقة بحيث لا يتم الرجوع عنها فما حكم به القاضي في مسائل الاجتهاد هو حكم الله تعالى ويجب على الجميع إتباعه، ويحرم على أي كان إبطاله، والرأي المستقر في الفقه الإسلامي أنّ قضاء القاضي لا يبطل كقاعدة عامة، فإذا قضى القاضي قضاءا ثم ظهر له خطؤه فلا يجوز له أن يبطل قضاءه الأول. وبناءا على ذلك إذا قضى قاضي في دعوى معينة باجتهاده قضاءا معينا ثم رفعت إليه دعوى أخرى مماثلة فقضى فيها آخر باجتهاده أيضا، فإنه يمنع عليه التعرض لقضاء الأول، كما أنه يمنع على أي قاض إبطال هذا القرار بعد صدوره صحيحا، فالخليفة الأول أبو بكر الصديق كان يصدر بعض الأحكام بناء على اجتهاده وكان عمر ابن الخطاب يحضر جلسات الحكم ومع أن رأيه كان غير رأي أبي بكر في بعض هذه الأحكام فإنه لم يبطل شيئا منها بعدما عهد إليه منصب الخلافة، والعلة في عدم جواز مناقشة الأحكام في الشريعة الإسلامية هو أن إبطالها يؤدي إلى عدم استقرارها واضطرابها وعدم الوثوق فيها وهو خلاف للمصلحة التي نصب القاضي لها.
كل هذه المعطيات تجعل إمكانية إثبات البراءة بعد صدور الحكم أمرا صعبا رغم إقرار بعض الفقهاء إمكانية إعادة المحاكمة حيث توجد استثناءات لمناقشة الأحكام في الحالات التي تصدر فيها خلافا للنص أو الإجماع أو القياس وهي في واقع الأمر وجوه للطعن في الأحكام تقابل وجوه الطعن المعترف بها في القوانين الحديثة. حيث أن هذه الأحكام قابلة لإعادة النظر في حال رجوع الشاهد عن شهادته في الحدود والقصاص على اعتبار أن الحدود والقصاص تدرأ بالشبهات فرغم إمكانية إعادة الحكم هذه فإن الفقه الإسلامي لم يتعرض إلى مسألة تعويض المحكوم عليه جزائيا وإن تم الرجوع في الحكم الصادر بالعقاب.
وعلى كل حال فإقرار إمكانية التعويض للموقفين والمحكوم عليهم الذين ثبتت براءتهم لابد من ارسائه في المنظومة القضائية الموريتانية باعتباره لبنة جديدة من لبنات تطوير منظومة حقوق الإنسان ودعم الحقوق الفردية الأساسية اعتبارا إلى أن الضمانات التي يتيحها نظام الإجراءات للمتقاضين وأقصد بذلك أساسا حق الطعن والدفاع، ولئن كانت مهمة’ من حيث إعطاء الفرصة لإثبات البراءة، فإنها لا تكفي في مطلق الأحوال للحيلولة دون إيداع أناس أبرياء السجن تنفيذا لقرار أو حكم قضائيين ؛ وعلى هذا الأساس فإن إقرار نظام للتعويض يساهم في تعزيز ضمانات القضاء في مستوى الإجراءات وكذلك في مستوى الحقوق الموضوعية للمتقاضين من حيث خضوعه لمبادئ وإجراءات خاصة تختلف عن نظام المسؤولية العادية فضلا عن كونه يجعل المنظومة القضائية متكاملة وخاصة في احترامها للاتفاقيات التي صادقت الجمهورية الإسلامية الموريتانية عليها وخاصة في مجال احترام وتكريس قواعد حقوق الانسان .
وفي الأخير فأنني اقول كما يقول الأستاذ"قارو" إذ يري انه:
" من سوء الحظ أنه يستحيل تنظيم العدالة الزجرية بشكل يسمح بتفادي كل خطأ قضائي وعليه يجب مسح إدانات لحقت أشخاصا أبرياء، وهذا الخطأ لا يمس الضحية فقط بشكل مباشر بمقتضى هذه اللاعدالة المجسدة في الحكم، ولكن ذلك يلحق أيضا اضطرابا بل " فضيحة " بالمرفق القضائي وكذلك بالضمير الجمعي. و لابد من ارساء قانون للتعويض المادي لهؤلاء في المنظومة القضائية الموريتانية مما يجعلها -المنظومة القضائية - متكاملة وخاصة في احترامها للاتفاقيات التي صادقت الجمهورية الإسلامية الموريتانية عليها وخاصة في مجال احترام وتكريس قواعد حقوق الانسان .