الشباب هم النواة التى تقام عليها المجتمعات القوية وأسس التقدم والتحضر وهم قوة الخارقة التى تنهض بها المجتمعات وترتقي مكانتها وكيانها بين الأمم الأخري وأكثر المجتمعات وأشرفها مستقبلا هى أغناها شبابا.
فالشباب هم السواعد القوية التي تنهض بها الأمم، وتبني بواسطتها الشعوب حضارتها، وتضع بصماتها الواضحة على صفحات التاريخ، هم وحدهم الفئة التي يكون عليها رهان المستقبل وليس الشيب ولا الأطفال فقط الشباب لأنهم يقتسمون مع بقية الأجيال الحاضر والمستقبل بوعي وقوة وفكر ونضوج، لذا يكون التعويل عليهم دائماً.
لقد أعطي النبي صلى الله عليه وسلم الشباب الثقة ومنحهم المسئولية خلافاً لما يعيشه كثيرٌ من الناس اليوم. إن النبي صلى الله عليه وسلم قد منح زيد بن حارثة وهو شاب وجعفر بن أبي طالب وهو شاب وعبد الله بن رواحة وهو شاب منحهم الثقة، وسلمهم قيادة جيش مؤتة وما أدراك ما مؤتة! أول معركة بين المسلمين والرومان!
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أسامة بن زيد قيادة جيش فيه رجال من كبار الصحابة أمثال أبي بكر وعمر رضي الله عنهم، وقد كان عمر أسامة آنذاك ثماني عشرة (18) سنة. و يرسل معاذاً إلى اليمن وفي مهمة عظيمة ومسئولية جسيمة ومعاذ لا يزال بعد في ريعان شبابه.
نريد لشبابنا أن يتصالح مع مجتمعه، ويتفاعل معه، ويتشابك مع أنسجته وروابطه؛ وأن يقود زمام المجتمع ويضفي عليه حيوية الشباب وطاقته الموارة التي يتميز بها؛ فيتكامل ذلك مع حكمة الشيوخ وخبراتهم التي توارثوها من تراكم السنين والتجارب.
وهذا يستدعي أن يفسح المجتمع المجال أمام الشباب، وأن يعمل على تمكينهم في المجالات المختلفة، وأن يثق بقدرتهم على استيعاب التحديات والتعامل معها، وأن يدرك المجتمع أن الأفضل هو صناعة الشباب على أيدي من سبق في التجربة والخبرة، بدلاً من إهمالهم ثم نفاجأ بفشلهم حين تسند إليهم الأمور لاحقاً، ونشتكي من عدم تحملهم المسئولية.
هكذا كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم في صناعة قيادات من الشباب على عينه، بالنصح والتوجيه، وبإسناد مسئوليات كبيرة لهم.
لقد أصبح الشباب في واقعنا المعاصر يعانون من مشاكل كثيرة بسبب البطالة وهدر طاقاتهم وعدم الاهتمام بهم بالشكل المطلوب، إضافة إلى ارتفاع مستوى المعيشة وغلاء الكثير من المواد المهمة المستخدمة في حياتهم اليومية، وقد سبب ذلك انطواءهم وعزوفهم عن الزواج وتهربهم من المجتمع بطرق ملتوية وانخراطهم في بيئة سلبية.
وهنا يأتي دور الإعلام كالوسيلة مهمة لتوجيه الشباب بالوجهة الصحيحة وترسيخ القيم والأخلاق الفاضلة من خلال الدور المهم الذي يطلع به الإعلام.. فالإعلام هو في حقيقته قوة حضارية أو عملية ثقافية تجري في بيئة معينة مؤثرة فيها ومتأثرة بها، وهناك تفاعل مستمر بين وسائل الإعلام والمجتمع، فهذه الوسائل لا تؤثر على المجتمع بنظمه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فحسب، بل إن هذه النظم قد تؤثر فيه أيضاً.
من هنا نجد أن المنطلق الأساسي الذي يدور حول حقيقة جوهرية مؤثرة هو أن الإعلام يبث القيم والأخلاق الفاضلة في المجتمع إن كان ذلك الإعلام،إعلاماً صادقاً نابعاً من صميم الأمة والمجتمع المسلم الأصيل.
فيجب تعليم الشباب ضرورة التطلع إلى المستقبل والسعي وراء تحقيق مستوى أفضل والاستعداد للعمل من أجل تحقيق ذلك، فواجبهم كالمواطنين يملي عليهم التطلع إلى التقدم وتحقيق القوة والعظمة لأمتهم وذلك من خلال التحديث ونشر الأفكار والمعلومات الجديدة التي تحفز الشباب في تعبئة طاقاتهم ومقدرتهم على تخطيط وبرامج المستقبل.
الشباب هم طاقة هائلة وعنصر قوي وفعال داخل الدولة يمكن الاستفادة منه على أكمل وجه في تحقيق الرخاء والنماء والتقدم والرقي، فالدولة التي لديها نسبة كبيرة من عنصر الشباب فإنها تمتلك عنصر قوي لوقت السلم ووقت الحرب، فطاقة الشباب الهائلة عند استغلالها في وقت السلم من خلال منح الشباب الدعم من جانب الدولة ومنحهم الفرصة في التعلم واكتساب الخبرات والمهارات الحديثة من شأنه أن يكون مفيد جداً في الارتفاع بشأن المجتمع عالياً. الدولة المتقدمة تقوم على العلم والعمل الجاد بسواعد أبنائها من الشباب والذي يقدم خبرته وعلمه للمشاركة في بناء وتطوير بلده والعمل على تقدمها وازدهارها، فهم الركيزة الأساسية التي تبنى عليها المجتمعات المتقدمة من خلال إشراكهم في الحياة العامة والعملية والسياسية لديهم دائماً رؤية واضحة وبعيدة فيما يتعلق بأمور الوطن يجب الأخذ بها ودراستها والاستفادة منها.
دائماً ما يكون للشباب رؤية مختلفة وثاقبة لكثير من الأمور التي تتعلق بمستقبل الوطن وتتوافق مع ما نعاصره من تقدم في كل المجالات، والاستفادة من عنصر الشباب داخل الدولة وما يمتلكه من أفكار ورؤى واضحة لابد وأن يأتي بالفائدة الكبيرة على حاضر الوطن ومستقبله.
ولذلك كان على الدولة الاهتمام بالشباب عن طريق:
~ منح الشباب حقوقهم الكاملة في الحياة من أجل إعطائهم الفرصة في التعلم وكسب الخبرات.
~ فتح المجال أمام الشباب في المشاركة فالحياة العامة للدولة والاعتماد عليهم في بعض الشئون.
~ إعطاء الشباب الفرصة للإبداع والابتكار وفتح الآفاق الواسعة للعلم أمامهم .
~ إشراك الشباب في أمور الإدارة في مختلف المجالات من أجل الاستفادة من علمهم.
~ توفير فرص العمل للشباب داخل الدولة واستثمار طاقتهم والاستفادة من علمهم بدلاً من التفريط فيها لدول أخرى.
~ وضع بعض التسهيلات أمامهم في مشوار العلم ومنحهم اهتمام من جانب الدولة من أجل بناء جيل قوي للشباب قادر على تعمير بلاده.
وقبل أن نسائل الشباب عن قيامهم بالدور المنوط بهم، علينا أن نسائل أنفسنا: ماذا أعطينا للشباب؟ هل قدمنا لهم خططاً عملية وأفسحنا المجال أمام إمكاناتهم التي نشيد بها دائماً، أم اكتفينا بالتأكيد على أهمية دورهم وضرورة إشراكهم في المجتمع؟
إن ما نريده من الشباب كثير؛ وما ينبغي أن نقدمه لهم أكثر.. ولا مفر من العناية بهم، وتذليل العقبات أمامهم؛ إن كنا نريد مستقبلاً أفضل، وتطوراً أكثر عمقاً واتساعاً.
ليكون الشباب على درجة من الوعي والإدراك، والمفاهيم الرفيعة التي تعينهم على الارتقاء بمجتمعاتهم وأوطانهم، وتحصينها بالقوة والثقافة والفكر وسلامة العقيدة ضد أي فكر ضال أو منحرف أو تطرف، ولن تنهض المجتمعات والشعوب إلا بوعي أبنائها وسلامة عقولهم وتفكيرهم واعتدالهم في المنهج. و بذلك نصل إلى ما نصبو إليه من القوة والمنعة والرفعة والازدهار.
لا يخفى على الشباب بأن النظرة الحالية لهم بأنهم طائشون وغير مسؤولين ولا يستطيعون تحمل الصعاب فهذه النظرة الخاطئة كفيلة بكسر وتحطم القدرات الجبارة عند الشباب وتساعد في هروبهم وارتمائهم في أحضان من يريد بهم وبأمتهم وبمستقبلهم سوءاً.
عبدالرحمن الطالب بوبكر الولاتي