أثناء خطاب له، عندما كان نائبا لرئيس حزب "تكتل القوى الديمقراطية "، أنصتت إلى الرئيس "كان حاميدو بابا"
وهو يشرح الخصوصية الموريتانية ضمن المحيط شبه-الإقليمي؛ حيث أكد -على ما أذكر ومن بين أفكار أخرى-، أن "الموريتاني ذي الأصول العربية"، عندما يزور دولة إِفريقية جنوب الصحراء، فهو لا يعتبر "عربيا" فحسب بل يعتبر "عربيا موريتانيا"، كما أن "الموريتاني ذي الأصول جنوب الصحراء"، عندما يسافر إلى دولة مغاربية فهو لا يعتبر "مواطنا من جنوب الصحراء" فقط بل يعتبر "مواطنا من جنوب الصحراء وموريتانيا"، وفي كلا الحالتين يحصل هذا "الضيف"، أيا كانت خلفيته الثقافية، على معاملة أفضل مقارنة بغيره من مواطني دول شبه-المنطقة.
ومن منظور حقوق الملكية الفكرية، لا يراودني أدنى شك في أن الرئيس "كانْ" سيقبل مني الإضافة البديهية الموالية -والتي قد تغيظ دعاة "النقاء العرقي" في هذا البلد مهما كانت بشرتهم-: أغلبية ساحقة من المواطنين الموريتانيين، إلم يكن جميعهم، تختلط في خلايا جسم كل واحد منهم "جينات" عربية ب-"جينات" جنوب الصحراء...
استحضرت هذه الملاحظات الإيجابية التي عبر فيها الرجل -بشكل تربوي ومن خلال ظاهرة السفر والغربة- عن أهمية التنوع الثقافي والبشري بالنسبة للمجتمعات عامة وللمجتمع الموريتاني على وجه الخصوص، استحضرتها إذن وأنا أقرأ بعض النصوص وأستمع إلى بعض التسجيلات وأشاهد بعض العناصر السمعية-البصرية الموغلة في التطرف، حيث يتوهم أصحابها أن بوسعهم المساهمة في نشر ثقافة التسامح والانفتاح والمساواة والمواطنة من خلال الترويج للعنصرية البدائية والحقد الأعمى والشرائحية التفريقية والتحريض على العنف المدني. لقد آن الأوان أن يفهم هؤلاء أن "كلوه وفرسن ما يخلطو افشدگ واحد" وأن قدر موريتانيا - طبقا للمعطيات التاريخية والإكراهات الجغرافية وصونا للمصلحة العليا- هو أن تظل دولة مسلمة-مسالمة-وسطية-وسيطة، تعامل مواطنيها على قدم المساواة طبقا لقواعد الإنصاف وينعمون داخلها بالحريات الفردية والجماعية المعاصرة ويتسامى فيها الجميع على الاعتبارات الضيقة والعقليات البائدة الضارة بالنسبة للجميع.