العسكر والسياسة / بوياي سيد أحمد اعلِ

ثلاثاء, 04/13/2021 - 11:27

منذ الانقلاب على حكم المختار ولد داداه والعسكر يسيطرون على القرار السياسي فى البلاد ، كل العسكريين الذين تولوا تدبير الشأن السياسي رفعوا شعارات براقة أرادوا من خلالها مغازلة المواطن البسيط وكَسْبِ وده ليجد نفسه داعما لعسكري انقلب على الحكم تحت يافطة الإصلاح المزعوم والتسويق لغدٍ زاهر .

لقد انطلت شعارات الانقلابيين على العوام وعلى غالبية النخبة الثقافية فشكل ذلك غطاءَ مباركةٍ وشرعيةٍ للحُكام الجدد منذ 1978وحتى 2005م ؛ إلا أن الاستثناء الأبرز كان إجماع الطيف السياسي وغالبية النخبة على رفض انقلاب الثامن أغسطس 2008 م حيث أبان ذلك الانقلاب عن وعي وثقافةٍ لكن سرعان ما تم الالتفاف على ذلك الوعي بفلسفة خلع البدلة العسكرية وتنظيم الانتخابات .

لم يُحسن المثقف فى كل هذه المحطات قراءة خطاب الحاكم المنقلب ولم يضع فى الحسبان البحث فى العقيدة العسكرية ومنافاتها لتدبير الشأن السياسي المحض الذي هو من اختصاص المدنيين فى ظل الأنظمة المدنية الديمقراطية .

لقد كانت علاقة العسكريين بالسياسة منذ نهاية السبعينات علاقة حميمية ولم يستطع هؤلاء العسكر رغم الإمكانات التى تتوفر عليها البلاد بناء الوطن وانتشاله من براثين التخلف فى كل المستويات؛فلاهم استطاعوا النهوض بالتعليم وإخراجه من دائرة السياسة والتجاذبات العرقية والاستلاب الفرنسي ،كما لم يستطع كل من حكموا البلاد بناء مؤسسات حزبية قادرة على أن تكون لِسان الموالاة والمعارضة لتطرح قضايا السكان وتساهم فى ترسيخ الوعي المدني وإن كانت هناك استثناءات حزبية لكنها لاترقى إلى حجم وتطلعات التوَّاقين أن يكون كل مواطن يعي حقوقه وواجباته دون أن يساوم عليها.

لقد مر ما يزيد على أكثر من أربعة قرون ولم نلاحظ - رغم ماحبانا الله به من ثروات متعددة كالسمك والحديد والنحاس والذهب والثروة الحيوانية - بُنًى تحتية متطورة وأهتماما مُتزنا ومتوازنا بشبه المشاريع التى تدشن فى العاصمة ، إذ أن ولايات الوطن نصيبها من شبه تلك المشاريع يكاد يكون معدوما .

ليست سياسة موريتانيا التعليمية والصحية والاقتصادية وحتى فى كل المجالات بالسياسة الناجعة فرغم تعدد الموارد وقلة السكان فلازال البلد بحاجة لمراجعة سياساته بشأن التنمية وتدبير الموارد وتوزيع الثروات والتخطيط بالفعل لابالقول للنهوض بالبلاد ومحاربة الفساد والاستقبالات الكرنفالية وإبعاد سماسرة الجيب عن الحديث أمام الرئيس باسم الشعب وترميم العقليات .

إن مانعيشه من تخلف وانحطاط وتردٍ لمنظومتنا الأخلاقية والقيمية يعود إلى ثقافة الانقلابات التى سادت البلاد وتملق بعض المثقفين والساسة ومحاباتهم ومجاملاتهم كل هذه السلوكيات والأفعال وإهمال بناء العقول على حساب جمع المال والدوس على القيم والاخلاق .

إن علاقة العسكَر بالسلطة يجب أن تتمحور فقط حول مطالب القادة العسكريين بتطوير مؤسسة الجيش لوجستيا وبدنيا ويجب أن تظل علاقة الجيوش أيضا بالجغرافيا وحماية الحوزة الترابية وتنفيذ مايصدر عن السلطة التنفيذية بمالايخالف الدستور .

لاشك أن زواج العسكر بالسياسة وتخلى المدنيين عن دورهم وضعف دور المثقف وانحسار طموحه فى مصلحة ذاتية كل هذه العوامل مجتمعة فضلا عن عوامل أخرى هي ماأدت بعدم وصول قطار تنميتنا إلى مبتغاه شئنا أم أبينا.