ذكرني نقاش “الألبان المحلية” بقصة سمعتها (مبكرا) عن الحكيم “ديلول”؛ حيث يحكى أن الرجل قام بسكب كميات من لبن الإبل والبقروالنعاج والمعز في أوان مغلقة وطمر الأواني الأربعة داخل كهف عميق. بعد سنة، عاد الداهية لاستئصال الأواني فوجد أن لبن الإبل لم يتغير،أما لبن النعاج فتحول إلى دهون (“ادهن”)، وتحول لبن البقر إلى غضاريف (“آگراويش”)، وتحول لبن المعز إلى حشرات دقيقة…
لو كُتب لسكان هذا البلد أن اهتموا بتجارب كهذه بشكل أفقي ومستدام، مثل اهتمامهم بمجالات معرفية أخرى تميزوا فيها تاريخيا ولايزالون كذلك، لكان إسهامهم في تطور العلوم والتقنيات يتناسب وإسهامهم في المجالات المذكورة، فجل الاختراقات العلمية والتقنية جاءتثمرة -غير متوقعة في الغالب!- للفضول الريادي لشخصيات حقيقية أو أسطورية (جماعية) مثل “ديلول” وتجربته العلمية مكتملة الأركانهذه.
ولا تنقص الملاحظة أعلاه من أهمية التراث العلمي والتقني لدى شعبنا في مجالات المعادن والطب (خاصة الأعشاب) والفلك وغيرها، إلا أن الجهدالتطويري المستمر لم يحظ، من المنظور التاريخي، بالاهتمام والدعم المطلوبين.
فالتنمية الاقتصادية علمية وتقنية في بعض أبعادها الرئيسة.