في خرجته اليوم أكد وزير النطق أنه سيتكلم بلغة الأرقام و الوقائع ، ليُعرَف المفسد من المصلح ، تحدث الوزير كثيرا و غالط أكثر !
تكلم الوزير عن عن شراء شركة كينروس لمنجم تازيازت سنة 2010 دون أن تستفيد الدولة الموريتانية أوقية واحدة من عملية البيع ، و شدّد الوزير على وضع خط تحت الرقم 2010 ، في إشارة واضحة أن العملية جرت في عهدة الرئيس السابق ، و تلك حقيقة أريد بها باطل ، ببساطة لأن الدولة حينها لم تشتر و لم تبع ، و إنما رخصة الاستغلال كانت تعود ملكيتها لشركة “ريد باك ماينينغ الكندية” التي اشترتها من شركة “لاندين” البريطانية بـ 600 مليون دولار ، لتقوم بعد ذلك باستثمار 210 مليون دولار ، لتبدأ عمليات الاستغلال سنة 2008 و بعد سنتين أي في سنة 2010 ، كما أكد الوزير – و هو صادق في هذه – قامت مجموعة كينروس للذهب الكندية بشرائها بمبلغ 7 مليار دولار .
وقد أشار إلى ذلك الرئيس السابق في خرجته يوم أمس ، حيث قال إنه حين بحث في الأمر وجد أنّ القانون الساري يومها يعفي الشركة من أي التزام تجاه البلد ، فأمر بتعزيز الترسانة القانونية لحماية مصالح البلد بدءا بمنح رخص التنقيب و ما قد يعقب ذلك من عمليات بيع و ما شابه ، و بدل أنْ ينسب الوزيرُ الفضل للرئيس السابق في السعي لحماية مصالح البلد ، اختار أنْ يغالط ليوهم المتلقي بعكس ذلك .
وفي حديثه عن الأرقام دائما تحدث الناطق – و ليته ما فعل – عن مراجعة الدولة لحصتها من المبيعات من 3% إلى 6% ، و عن ديون للشركة على الدولة من ضرائب دُفعت عن المحروقات المعفية أصلا من الرسوم ، و الحقيقة المؤسفة – و التي بيّنها الرئيس السابق – هي أنّ كينروس كانت تتلاعب بهذا الإعفاء الضريبي لتستورد ما يزيد على حاجتها بأضعاف مضاعفة ، ليستفيد منه كل وسطائها على حساب الدولة الموريتانية !
أما الرقم 6% الذي يفتخر به الوزير ، فهو الكارثة العظمى التي تمّ بها التفريط في معدن “تمايه” الجاهز للاستغلال ، و الذي تم استرجاعه بعد أنْ أخلّت الشركة بدفتر التزامات الاستغلال ! لتتخلى عنه حكومة الوزير مقابل نسبة 6% مع العلم أنّ المنقبين بوسائلهم البسيطة كانوا يستخرجون منه ما يقارب انتاج الشركة المعلن عنه ، فلا هم تُركوا يستغلونه ، و لا حكومة الناطق فاوضت للوصول إلى مناصفة الأرباح !
أخيرا ختم الناطق حديثه الذي أراد له ألا يكون خشنا – كما قال – بعملية بيع قال إنها تمّت في شهر مايو سنة 2019 “يشير الوزير إلى أواخر عهدة الرئيس السابق” لمنجم افديركْ لأسرة أسترالية تسكن في غانا ، و يواصل الوزير ركضه وحيدا في المضمار ، ليقول إنّ النظام الحالي بإبطاله لعملية البيع هذه ، أنقذ البلد من خسارة سنوية تقدر بأربعمائة و عشرين مليون دولار !
و مع أنّ الجميع يعلم أنّ القصة تتعلق ببساطة بعرض تمّ تقديمه من طرف شركة معروفة ، عن طريق وسيط معروف ، و بعد الاطلاع على العرض من طرف الرئيس السابق تم رفضه ، و انتهى الموضوع ، و الشهود أحياء يرزقون من الوسيط إلى مدير اسنيم آنذاك . و مع ذلك كنا سنصدق الوزير لو استظهر بوثيقة تؤكد عملية البيع ، بل إنها إِنْ وُجدت ستكفي لإدانة الرئيس الذي ما برح يتحدى الجميع ، ثم إنها قد تساعد في إنهاء جهود عامين كاملين من البحث المضني فوق الأرض و تحتها عما يدين الرئيس السابق فيستريحوا و يُريحوا .
كنا سنصدق الوزير بل ليته كان صادقا ، فالنظام القادر على إبطال اتفاقية موقعة مع شركة أجنبية ، لا شك أنه قادر على إبطال مثيلاتها في “كينروس تازيازت” و “أمْ سي أمْ” المجحفتين ، فماذا يمنعكم سيادة الوزير ؟!
كنا سنصدق الوزير و هو يتحدث عن الشفافية النظيفة للنظام الجديد ، لولا أنّ رأس النظام اعترف علنا بشوائب و اختلالات في صندوق كورونا ، و لولا تقارير محكمة الحسابات التي بقيت حبرا على ورق ، و لولا تدوير المفسدين ، و تعيين بالوعات الفساد ..
أخيرا و دون المرور بايطاليا ، و لكي لا نذهب بعيدا ، كان بودنا أن نصدق الوزير الناطق لولا أنه كان اللسان الذرب المنافح عن الرئيس السابق ، قبل أنْ يستقبل من أمره ما استدبر ، و لله الأمر من قبل و من بعد !
Bechir Bayade