تواصلت لليوم الثالث على التوالي بقصر العدل في ولاية نواكشوط الغربية جلسات محاكمة المتهمين السبعة في ما بات يعرف إعلاميا بقضية البنك المركزي، وتميز اليوم بطلب النيابة العامة توقيع عقوبة السجن لعشر سنوات مع الأعمال الشاقة وغرامة مالية تقدر بثلاثة أضعاف المبالغ التي تم تبديدها، فيما طالب فريق الدفاع عن المتهمين بضم أسماء وشخصيات كبيرة في الرئاسة والبنك المركزي للتحقيق.
وبدأت الجلسة حوالي الساعة الثانية عشرة (منتصف النهار) وسبع وعشرين دقيقة، واستدعى رئيس المحكمة جميع المتهمين السبعة للمثول أمامه وافتتحت المرافعات من قبل فريق الدفاع عن البنك المركزي.
كشوفات مالية ومطالب بالتعويض
فريق الدفاع عن البنك المركزي طالب بتعويض عن العجز المالي للبنك، والذي تسببت فيه الوقائع المتهم فيها الأشخاص السبعة وبسداد أموال من بينها مبالغ قال البنك المركزي في شكايته إنها اختفت من خزينته، بالإضافة إلى أكثر من 930 ألف أورو وحوالي 558 ألف دولار، كما طالب فريق البنك المركزي بتعويض يصل 10 مليون أوقية.
وقدم فريق الدفاع عن البنك المركزي ملفا يضم سيرة الموظفة تبيبة بنت عالي أجاي وأعمالها وطريقة التحاقها بالبنك التي بدأت بحسب فريق الدفاع في 23 من يوليو 2007 عن طريق مسابقة اكتتاب، لتبدأ عملها الرسمي مع البنك في العام 2008 بعد خضوعها لتدريبات.
كما قدم الفريق ملفا يضم عقد الممثل عبد الرحمن أحمد سالم مع البنك والفواتير التي تسلمها طوال فترة التعاقد، كما قدم كشفا عن حجم خسائر البنك من «عملية التبديد والاختلاس» المتهم فيها الأشخاص الماثلون أمام المحكمة، يضيف فريق الدفاع.
وتساءل فريق الدفاع عن الكيفية التي استطاعت بها المتهمة تبيبة الموظفة بالبنك المركزي تبديد ما يقارب 800 مليون أوقية و عن الشرعية القانونية التي استندت إليها في الاتجار بالعملة الصعبة وخارج إطار البنك.
وتساءل الفريق عن مدى شرعية المعاملات التي تمت بين التجار الخمسة المتهمين في القضية والمتهمة الرئيسية.
وأكد فريق دفاع البنك المركزي أن التجار تعاملوا مع الموظفة تبيبه باعتبارها عميلة في البنك لأن اعترافهم يؤكد وقوع عمليات بيع عملة صعبة وتحديد آجال للسداد، وهو أمر غير متعارف عليه في عمل السوق الموريتاني بل يشبه تعامل البنوك، يضيف الفريق المدافع عن البنك المركزي.
النيابة تذكّر باعترافات المتهمين
وفي مرافعتها خلال الجلسة قالت النيابة العامة إن القضية بدأت عن طريق شكاية مقدمة من البنك المركزي بتاريخ الثالث من يوليو عام 2020، نوه خلالها إلى اختفاء مبالغ من العملة الصعبة من خزينة البنك من بينها مبلغ يتجاوز 930 ألف يورو ومبلغ آخر يتجاوز 550 ألف دولار وكذلك العثور على مبالغ من العملة الصعبة المزورة تصل قيمتها لـ 938 ألف يورو.
وأشارت النيابة إلى اعتراف المتهمة تبيبة باختفاء مبالغ من العملة الصعبة من بينها مبلغ 2000 أورو أثناء عملها في البنك وأنها بحثت عن طرق لتسديد المبلغ قبل أن يتفطن لذلك البنك المركزي، مشيرة إلى اعتراف المتهمة بالتعامل مع تجار العملة الصعبة خارج نطاق العمل الرسمي واعتراف آخر بطلبها من الممثل عبد الرحمن تقديم نماذج من العملة الصعبة لغرض متعلق بالمتحف.
واستندت النيابة أيضا إلى تحقيق للشرطة تحدث عن «الوضعية المزرية» للبنك المركزي من ناحية الرقابة والادارة والبنى التحتية، وهو ما يجعل الأرضية ملائمة لما حدث من اختلاس وتبديد أموال، بحسب حديث النيابة.
وطالبت النيابة من المحكمة المختصة بالفساد توقيع عقوبات يصل أقصاها لعشر سنوات مع الأعمال الشاقة وغرامات مالية.
استبعاد «شخصيات كبيرة»
بعد رفع الجلسة للاستراحة في حدود الساعة الثالثة ظهرا من طرف رئيس المحكمة القاضي محمد الأمين ولد عمار، تم استئنافها مجددا عند الساعة الرابعة عصرا.
وأجمع فريق الدفاع عن المتهمين على استبعاد أسماء وشخصيات كبيرة في الرئاسة والبنك المركزي من التحقيق والاستدعاء إلى المحاكمة، مطالبا رئيس المحكمة باستدعاء شخصيات كبرى للتحقيق معها ومساءلتها، ومؤكدا أنهم تقدموا بطلب سابق في هذا الإطار إلى فريق التحقيق دون أن تتم تلبيته.
من جهته قال دفاع المتهمة تبيبة إنها ضحية لمنظومة سياسية واجتماعية فاسدة وإنه من الواجب محاكمة أنفسنا قبل محاكمة المتهمة، مستندا إلى ما قال إنها شهادات بوصول مبالغ من قبل الرئاسة إلى الموظفة تبيبة وكذلك سحب أموال من قبل سيدة تدعى "عيشة" وأنه حين سألتها الموظفة تبيبة عن مصدر الأموال أبلغتها بأنه ليس لديها صلاحيات للإفصاح عن ذلك.
وتساءل فريق الدفاع عن ما إذا كانت الرئاسة من مصادر تمويل البنك المركزي في القانون، متهما النيابة بتجاهل بعض الشخصيات التي يشملها الملف.
كما قال دفاع تبيبة إن جريمتها افتراضية ولا دليل ثابت عليها، مستندا إلى أن المتهمة قامت برد مبلغ 2000 أورو كان قد ضاع سابقا كما أبدت حسن النية في الاعتراف بأنها تعاملت مع التجار.
من جهته طالب لفيف المحامين المدافعين عن المتهم عبد الرحمن بتبرئته، لافتين إلى أن موكلهم لم يكن يعلم أن المبالغ التي قام بطباعتها ستستخدم لأغراض مشبوهة.
ونوه الفريق إلى أن موكلهم تلقى اتصالا هاتفيا من الموظفة تبيبة يوم الفاتح من رمضان وأنها أكدت له وجود صفقة تحت علم محافظ البنك المركزي يصل ربحها إلى ما يقارب ثلاثة ملايين أوقية وهي طباعة نماذج نقدية من العملة الصعبة ستستخدم لصالح المتحف وأنه لا علم له بقضية اختفاء مبالغ من البنك المركزي.
واستند فريق الدفاع عن الممثل عبد الرحمن إلى أن الرجل كان يعد النماذج في منزله، مشيرا إلى أن القانون ينص على أن التزوير يقتضي وجود نسخة أصلية من الورقة المزورة وهو غير متحقق في ما قام به المتهم حيث أنه لجأ للطباعة على الإنترنت، حسب قولهم.
وتقدم فريق الدفاع عن المتهمين الخمسة بطلب تبرئتهم، مستندا إلى قرار المحكمة العليا منحهم الحرية المؤقتة وعدم إدانتهم جنائيا، وهو ما يثبت بطلان طلب النيابة السجن والأعمال الشاقة، بحسب رأيهم.
وعند الساعة السادسة وثمانية وأربعين دقيقة مساء علق رئيس المحكمة جلسة المرافعات التي استمرت حوالي ست ساعات إلى يوم غد الخميس عند الساعة العاشرة صباحا.
وبدأت المحكمة المختصة بالفساد في نواكشوط يوم الاثنين الماضي جلسات محاكمة سبعة متهمين في قضية اختفاء أموال وعملات صعبة من البنك المركزي، ومن بينهم متهمان رئيسيان هما الموظفة بالبنك تبيبة بنت عالي انجاي والممثل الشهير عبد الرحمن أحمد سالم الملقب أحمد طوطو.
الاخبار