يقول الكاتب الايرلندي الساخر بيرنارد شو "الجاهل إذا تكلم أخطأ و إذا سكت أخطأ و إذا ذهب ضل جدا"
تعلمت من المواجهات مع "الصحافة" الموريتانية ، التي كان من واجبي فضح تواطئها مع جرائم عزيز و التغطية على نظام حرابته التي تصفها اليوم نفس الصحافة دون الشعور بأي قدر من حرج، بما عجز عنه ولد محم و ولد الطيب و ما سكت عليه الدد سالم و زيدان و بنَّ، أن من أسوأ المواقف في الحياة ، أن تجد نفسك مرغما على النزول إلى قاع المياه الراكدة المقززة ؛ إن تركتها حملتِ الأمراض إلى الجميع و إن واجهتها لا يشفع لك في حق نفسك غير "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون" ..
و اليوم تكتسح الساحة أكثر من أي وقت مضى، جحافل سلالات أصيلة من أدلة فشل التعليم و عدم الحياء ، لا يهابون الحديث في أي موضوع و لا يفرقون بين ممنوع و مسموح لا دينيا و لا أخلاقيا و لا قانونيا و لم يسمعوا قط عن المهنية و لا عن شروط صحة الخبر و لا حدود المسموح في الرأي ..
- تزخر الساحة المحلية بمدونين كبار ، لم نعد نستطيع الوصول إلى إنتاجهم بسبب طوفان الغث
- تعج بالأقلام الرائعة التي أصبحت تخجل من الظهور على الساحة وسط هذا البازار الموازي لنقطة سوق التدوين الساخنة ..
لم توفق السلطة في اختيار لجنة قادرة على فهم و معالجة مشكلة الصحافة ، تمتلك شجاعة اتخاذ قرارات رادعة للمتطفلين على الحقل و لا في البحث عن أخرى لإفهام المدونين أن لا رأي للجاهل و لا عذر لأحد في جهل شروط التدوين..
- من يستطيع في إسبانيا أن يتكلم عن قضية الباسك؟
- من يستطيع في بريطانيا أن يتكلم عن قضية إيرلندا ؟
- من يستطيع في أمريكا أن يتكلم عن قصة الهنود الحمر ؟
نستطيع أن نفهم "تجاوزا" أن يتكلم خبير اجتماعي أو سياسي محنك أو مثقف راضع عن التركيبة الاجتماعية، عن العبودية، عن الإرث الإنساني ، عن العنصرية (الحقيقية) . أما أن تصبح عندنا هذه المواضيع الممنوعة في كل بلدان العالم ، على لسان كل من هب و دب في الجرائد و القنوات و المواقع ، فهذا لا يمكن أن يحدث في غير بلدنا المستباح ..
فلماذا نحن وحدنا !؟
من يستطيع أن يتكلم عن الاثنيات في السنغال أو في مالي أو المغرب ؟
من يستطيع أن يطالب بتعليم لهجات ميتة في أي من هذه البلدان؟
من يستطيع أن يرفض تعلُّمَ لغة بلده الرسمية و يطالب بالمساواة في التوظيف في غير موريتانيا؟
فإلى متى هذا الاستهتار؟
أول من يجب معاقبته في هذا المجال هي وسائل الإعلام التي تتغذى على هذه الإثارة غير المقبولة على الإطلاق ..
لا يمكن لرأي مثقف مسؤول و لا سياسي مخضرم و لا خبير اجتماعي محنك أن يصدم المجتمع أو يسعى لهز كيانه و كل آرائهم السلبية و الإيجابية ، المعارضة و الموالية مطلوبة و كل انتقاداتهم مرغوبة حد الوجوب ..
أما الجهال فلا رأي لهم و لا حق لهم في تناول أمور لا يفهمون أي بعد من مخاطرها ..
لن نجامل أحدًا في أمور وطننا و لحمة شعبنا و مصير بلدنا : على الجهلة أن يكفوا عن تناول حساسيات المجتمع و على النظام أن يقف لهم بالمرصاد و على أدعياء الصحافة و المدونين أن يبحثوا عن موجة ارتزاق أخرى ؛ فما عاد لهذا الهراء المجنون من مكان ..