يشهد مستوى الأوضاع المعيشية في ولاية الحوض الشرقي، تراجعا بسبب ارتفاع الأسعار ونقص في التموينات الضرورية للحياة العادية لسكان هذه الولاية، التي لم تتعود على حياة الترف وهدر المال على غرار نظيراتها في البلد.
وتأتي أزمة الأسعار والمحروقات في أعقاب خريف أصفر ينذر بعام رمادة جديد، قد لا يُوفر أكثر الخيارات أمام سكان يعتمدون في حياتهم المعيشية على ثنائي التنمية الحيوانية والزراعية.
ويرى أحد سكان النعمة المهتمين بالأوضاع المعيشية في حديث لموقع "صوت" ان الأمل الكبير الذي يراودهم، قد بدأ يتحول إلى مخاوف ومعاناة حقيقية ، وخاصة بعد تعطل المشاريع التي تلامس حياة المنمي والمزارع، والتي من أبرزها مصنع العلف الذي اختفى، وتوقف مصنع اللبن، وفشل معرض الثروة الحيوانية، والذي حوله السياسيون والمنتخبون عن قصد إلى مسخرة سياسية وموسم للاستعراض والتزلف.
هكذا ضرب المواطن الشرقاوي كفا بكف أمام عتبة سنة عجفاء تتصدر سنوات لم تكن بأحسن حال، حيث يتراجع دخل الفرد إلى أدني مستوياته ، ليصل إلى الصفر غالبا بسبب البطالة، وعدم انتصاب المؤسسات في الولاية، وإصرار الأنظمة المتعاقبة على حصر مقومات الدولة في بضع كيلومترات محكمة وتسميتها بوسط العاصمة نواكشوط، ما يكرس سياسة العقل الواحد، ويفتح الباب واسعا أمام هجرة السكان إليها، تحت تأثير الفقر والجهل والتصحر .
وفي ظل غياب أبسط مستلزمات الحياة الكريمة لمعظم السكان في ولاية الحوض الشرقي، يقتصر حضور الدولة على الاستعراضات العسكرية والحلول الأمنية، والمقايضة بالمنطقة لزيادة الاحتياط السيادي من العملة الصعبة.. والذي لم يعد بمأمن خاصة بعد فضيحة البنك المركزي والتي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.
هذا وتلعب الإدارة الاقليمية دورا سلبيا يتجاهل معاناة السكان بالولاية، في ظل انشغال السلطات في تحصيل المال، وتقسيم الأراضي وبث الفتنة والفرقة بين القبائل والمجموعات القروية، وحتى الأسرة الواحدة، دون رقيب .
وكان آخر فصول فساد السلطات الادارية، في مقاطعة آمرج حيث تمكن حاكمها من تغذية خلاف بين أسرة لمصلحته الخاصة، تطور إلى فتنة تعرض هذه الأيام على قصر العدل في النعمة، وهي التي انتهت بجريمة قتل، لم يكن الحاكم طرفا متهما فيها رغم إعداده وإخراجه لفصول القضية.
ويعيش المواطن البسيط اليوم في مقاطعات الحوض الشرق تحت وقع أزمات متلاحقة، أبرزها نقص المحروقات، حيث يتم شراء البنزين بعاصمة الولاية بإذن من السلطات، شرط أن لا يتجاوز ثمن 200 أقية جديدة لسيارات التكسي.
وتشهد جميع الأسواق نقصا في التموينات الغذائية، رغم جنون أسعار المواد الغذائية واللحوم الحمراء، وتجاهل السلطات لتطبيق مسرحية الإتفاق مع ممثلي التجار والجزارين.
وتحت تأثير المشاكل المتلاحقة يدق المنمي والمزارع ناقوس الخطر بسنة جفاف مرتقبة، في أعقاب خريف تراجع فيه منسوب كمية الأمطار إلى مستويات قياسية.
ويتفق المزارعين والمنمين على زبونية وشيطنة السلطات الادارية والجهوية لجميع تدخلات الدولة التي تستهدفهم، حيث يتم تحويل تمويلات السدود إلى محميات خاصة تحتكر الكلأ، وتضر المزارعين والمنمين أكثر مما تنفعهم.
ولعل هيمنة المنتخبين والسياسيين وأعوانهم على التمويلات والمشاريع الحكومية أصبح بمثابة تقليد متعارف عليه بين سكان الحوض الشرقي، إلا ان تبعات السنة الجارية وتوقعاتها قد تضع حدا لذلك، وتبين في ما لا يدع مجال للشك أن منتخبي وسياسيي الحوض الشرقي لم يكونوا أمناء، وأن السلطات الادارية لم تكن على مستوى المسؤولية.
ومهما يكن من أمر فإن توقعات مخيفة ومشاكل متلاحقة في عام الرمادة الجديد.. قد تضع منطقة الحوض الشرقي على كف عفريت.
مولاي الحسن مولاي عبد القادر / المدير الناشر لموقع "صوت"