قصدت اليوم، وأنا أرتدي لثاما محكما، أحد أسواق العاصمة تعودت -منذ بعض الوقت ولله الحمد- أن أقتني من أحد محلاته بعض المواد الاستهلاكية. وفور تجاوزي مدخل السوق الخارجي، اعترضني بلطف شخص طيب المظهر وطلب مني أن أتسوق من محله التجاري. وعلى الرغم من أنني كنت أقصد حانوتا بعينه، قبلت الدعوة وطلبت من الرجل ثمن سلعة كنت على علم بحدود سعرها الحالي، فأعطاني تسعيرة تفوق ثمنها بنسبة ٥٤٪ ؛ ظننته غلط، فطلبت منه تكرار المبلغ. فهمت عندها أنه ربما حدث ارتفاع مفاجئ -فقانون العرض والطلب لا يرحم!- لسعر السلعة المذكورة وأردت التأكد من الأمر من مصدر ثان...
قصدت محلي التجاري المعهود، وسألت عن ثمن نفس السلعة، فإذا به لم يتغير ؛ اشتريت ما جئت من أجله، وبينما أنا خارج من البوابة التي دخلت السوق من خلالها، اعترضني التاجر الأول وطلب-بصوت عال هذه المرة!-: "انت ما اعدت لاهي تشري من عندي المادة كذا؟"، أي نفس السلعة التي يبيعها بزيادة ٥٤٪ في المئة مقارنة بزميل له (ومنافس!)في نفس السوق. وكما استجبت له داخلا، قررت الاستجابة له خارجا ؛ ولكي لا يكون هناك شاهد على ما جرى بيننا، دعوته، بلمسة سريعة وخفيفة على الجناح، أن يرافقني إلى إحدى زوايا محله. هناك شرحت له بصوت خافت أنه أضر بنفسه عندما بالغ في زيادة سعر البضاعة وهي موجودة بجواره بثمنها المناسب. وأضفت: "حتى ولو تعلق الأمر بأجنبي، كان عليك ألا تفرط في التسعيرة". موضحا له أن مصلحة البلاد الداخلية وسمعتها السياحية تقتضيان الاعتدال والصدق، خاصة في المعاملات... وفي "باب" الوداع، أكدت له أنني توقفت للمرة الثانية مساعدة ونصحا له لاغير، وأنني، إن كُتبت لي الحياة، ربما زرت محله الشهر القادم...
اسلكو ولد أحمد ازيدبيه