تحت عنوان نحن وموريتانيا.. زعماء موريتانيون عاشوا ودرسوا وتزوجوا في المغرب ، نشر موقع تلماروك تقريرا ركز فيه على اواصر العلاقات الموريتانية المغربية وما تحمل في خضمها من وشائج القربي.
وتطرق التقرير إلى وفاة حرم الرئيس السابق معاوية ولد الطايع السيدة صاديه كمال واصفا وفاتها بالتصفية.
وأضاف التقرير:
بين المغرب وموريتانيا وشائج قربى وأواصر لا حصر لها، وقواسم يلتقي فيها التاريخ بالجغرافيا والدين واللغة بالثقافة. بين البلدين أكثر من نقطة تلاق يمتد منذ هجرات القبائل من شبه الجزيرة العربية إلى هذه الربوع، مرورا بالفتوحات الإسلامية وهجرات القبائل الصنهاجية، وصولا إلى دولة المرابطين التي وحدت بلدان المنطقة، وليس انتهاء عند إرث الجهاد والمقاومة ضد الاستعمار المشترك بين البلدين.
كان الجميع يعتقد أن هذه القواسم المشتركة ستقرب بين البلدين وتجعلهما قوة حقيقية في أكثر من مجال، خاصة في ظل الامتداد القبلي بين موريتانيا وجنوب المغرب. كان المغاربة والموريتانيون يمنون النفس بنهضة تنموية عبر تحقيق تكامل وانفتاح اقتصاديين، لكن للسياسة كلمتها.
عرفت العلاقات الثنائية بين البلدين صداما خطيرا خلال الإعلان عن استقلال موريتانيا منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي، على إثر المطالب المغربية الرسمية بتبعية موريتانيا للمغرب بموجب روابط تاريخية، وإصرار الملك محمد الخامس على جعل شنقيط امتدادا للمملكة الشريفة. لكن المغرب سرعان ما سيتخلى عن تلك المطالب باعترافه رسميا بموريتانيا سنة 1969، عشية «قمة نواذيبو» التي جمعت زعماء كل من المغرب وموريتانيا والجزائر، ما سيسهم في تطبيع العلاقات في ما بينهما، لكنه تطبيع فيه مد وجزر.
كلما صعد إلى منصة الحكم رئيس موريتاني إلا ورسم المحللون السياسيون صورة للعلاقات المنتظرة مع الرباط، مستندين على علاقاته مع المغرب تكوينا ومصاهرة وغيرهما من الوشائج الظاهرة، متناسين الخيوط السياسية الذي تحرك الرئيس من أعلى المنصة، فحين اعتلى محمد ولد الغزواني، كرسي الحكم في موريتانيا، تنبأ المحللون بانفراج في العلاقات المغربية الموريتانية التي كانت في حالة «موت سريري».
لا يمكن أن نسقط من الحسبان زوجات القادة الموريتانيين، فغالبيتهن لا يحملن صفة رسمية إلا أن بصمتهن تبدو واضحة في أساليب الحكم والإدارة.
الزوجة الفرنسية للمختار ولد داداه.. حرم الرئيس ومستشارته
عندما وصل إلى الحكم في موريتانيا حقوقي شاب يدعى المختار ولد داداه، كانت برفقته سيدة من أصول فرنسية تدعى مريم داده وهي زوجته، التي ارتبط بها عام 1958 وأم أولاده الثلاثة (ولدان وبنت). ولم تكن هذه السيدة التي تعرف عليها في فرنسا أثناء تكوينه، مجرد رقم، كما يقول الباحث في تاريخ موريتانيا الشيخ نور: «وإنما كان لها حضورها السياسي والإعلامي البارز، لدرجة أنها كانت تظهر مع الرئيس في المقابلات التلفزيونية، وتجيب على بعض الأسئلة المتعلقة بالطموح لإنشاء كيان سياسي في أرض صحراوية قاحلة، تقطنها مجموعات من البدو الرحل والقبائل». كانت السيدة الأولى مريم داداه على جبهات القتال خلال حرب موريتانيا وبوليساريو نونبر 1977، وآمنت بقضية المغرب بعد أن قضت شهورا بين نواكشوط والرباط.
دخلت مريم داداه أرملة الرئيس الراحل المختار ولد داداه، الإسلام في السبعينات وأحبت موريتانيا من قلبها. خلال مقابلة أجرتها معها الوكالة الموريتانية للأنباء في منزلها تحدثت أرملة أول رئيس للبلاد، عن نشأة علاقتها مع المختار وحياتها في المغرب.
«كنت طالبة في كلية الحقوق الوحيدة في فرنسا والموجودة بالقرب من بانتليوه.. وأنتمي للمجموعة الكاثوليكية بالجامعة. قررنا ذات يوم تنظيم محاضرة ينعشها الأستاذ ماسينوه الذي كان على دراية واسعة بديننا، وكنت مكلفة بتوجيه الدعوة لمجموعة طلاب فرنسا ما وراء البحار لحضور هذه التظاهرة.. تحدثت مع المختار ولد داداه دون أن أعلم هل هو مغربي أو تونسي أو جزائري».
تحدث المختار ولد داداه، الرئيس الموريتاني السابق، في مذكراته عن المفاوضات العسيرة التي جمعته بملك المغرب الراحل الحسن الثاني، وخصص حيزا لدور مريم فيها، خاصة قضية تقسيم الصحراء المسترجعة بين المغرب وموريتانيا، واصفا لقاء فاس في شهر دجنبر من سنة 1974، بـ «اللقاء العسير والمتشعب».
في دجنبر 1976 وقع المغرب وموريتانيا اتفاقية تقسيم الصحراء، كانت مريم حاضرة برأيها في الكواليس، وبعد ثلاث سنوات وتحديدا في 1979 توافد على عاصمة المملكة علماء وأعيان وشيوخ سائر قبائل إقليم وادي الذهب، بعد أن تخلى المختار تحت التهديد الجزائري عن المنطقة، حينها تحققت رغبة الحسن الثاني الذي ظل عشقه للداخلة مكشوفا. بل إن الطريقة التي تخلى بها الرئيس الموريتاني عن الإقليم كشفت عن ضعف ظاهر عجل بانقلاب ضد المختار الذي عاش لاجئا في فرنسا.
بعد الانقلاب الذي قاده مصطفى ولد محمد السالك في يوليوز 1979، والذي أطاح بالمختار، اختارت مريم الانتقال لفترة إلى باريس، وبدأت تتردد على المغرب حيث نسجت علاقات صداقة مع زوجات شخصيات مغربية تعرفت عليها خلال تواجدها بالقصر الرئاسي.
معاوية يخلق جسرا جويا بين الرباط ونواكشوط
في دجنبر 1984، أصبح العقيد معاوية ولد الطايع رئيسا للمجلس العسكري للخلاص الوطني رئيسا للدولة، «استجابة للمصلحة العليا في بلده» إثر انقلاب عسكري أبيض على حكم العقيد محمد خونا ولد هيداله الذي كان مواليا للبوليساريو. عرف عنه تنقلاته الكثيرة للرباط إلى درجة أنه اقتنى مسكنا كان يفضل الاستقرار به.
تلقى الموريتانيون هذا التغيير بالفرح العارم نظرا لتدهور الأوضاع والعدد الكبير من السجناء السياسيين والمنفيين في ظل الحكم السابق. بادر النظام الجديد إلى إصدار بيان بإطلاق سراح الموقوفين على غرار المختار ولد داداه أول رئيس للبلاد والثاني هو السيد المصطفى بن محمد السالك الذي قاد أول انقلاب عسكري وأول وزير ولد ابنيجارة. وأعلن النظام الجديد كذلك عفوا شاملا عن المدانين لأسباب سياسية في الداخل والخارج.
مد ولد الطايع يده للمغرب، وزار الجارة الشمالية مرارا، بل إن زوجته اللبنانية سادية كامل، كانت لها علاقات نافذة في المغرب خاصة وأن أفراد أسرتها يعدون من رجال الأعمال اللبنانيين، إلى درجة أن بعض الأخبار تتحدث عن إيفاد الرباط فريق تحقيق للبحث في خفايا موتها بصعقة كهربائية، بل إن والدتها التي كانت مقيمة في لاس بالماس ماتت بعيدة عن موريتانيا.
جاءت تصفيته هذه المرأة بسبب مواقفها الحداثية، «لأن القوى اليمينية في السلطة كانت ترى أنها حاجز أمام تنفيذ أجنداتها»، ومهما يكن من أمر فإن الرئيس ولد الطايع في النهاية استسلم لإغراءات القوى اليمينية الشوفينية بعد رحيل سادية كمال.
في يونيو 2003، قام المغرب بإحباط انقلاب عسكري ضد الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيدي أحمد الطايع الذي كان حليفا وصديقا للمغرب. فخلال فترة تولي معاوية لحكم البلاد، عرفت العلاقات انتعاشا كبيرا بين الجارين، حيث كانت تربط معاوية علاقات متميزة مع الراحل الحسن الثاني، نتج عن ذلك إعلان تأسيس اتحاد المغرب العربي في مراكش سنة 1989.
فترة تكوين بأكاديمية مكناس تسقط محمد في حب تكيبر
مازالت تكيبر بنت أحمد ماء العينين ولد النور تصر على حمل جواز السفر المغربي، رغم أنها ظلت لسنوات السيدة الأولى في موريتانيا، باعتبارها زوجة الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي حكم البلاد إلى أيام، كما تحرص على التمسك بالتقاليد المغربية، خاصة حين يتعلق الأمر بزفاف رئاسي، ناهيك عن رغبتها الجامحة في قضاء عطلتها القصيرة والطويلة في طنجة ومراكش، بل إن ابنة الرئيس لا تتردد لحظة في الظهور بلباس مغربي.
ولدت تكيبر ونشأت في المغرب. والدها هو ماء العينين ولد النور كان يعيش في موريتانيا قبل أن يرحل إلى المغرب في بداية الستينات، ويعلن بيعته للملك محمد الخامس، وفي عهد المختار ولد داداه توبع من طرف الحاكم الموريتاني بالولاء لوطن آخر. تزوج أحمد ماء العينين فتاة مغربية أنجب منها تكيبر وأخوتها، في زمن كان دخوله لموريتانيا ممنوعا.
شاءت الصدف أن يحل محمد ولد عبد العزيز بالمغرب للقيام بدورة تكوينية بالأكاديمية العسكرية لمدينة مكناس، فالتقى تكيبر في إحدى الحفلات العائلية هناك، وحين انتهت فترة التكوين تقدم لطلب يدها من والدها أحمد الذي كان يشتغل في السفارة المغربية بالرياض، معلنا زواجه منها منهيا محنة الأسرة ويسمح لها بدخول موريتانيا بعد طول حصار، حيث أصبحت زوجة رئيس الحرس الرئاسي. في سنة 2008 قاد زوجها انقلابا ضد الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله، وبعد مرور سنة نالت الزوجة لقب «السيدة الأولى».
دخلت تكيبر العالم «الخيري» من بوابة القصر الرئاسي، ونالت صفة الرئيسة الفخرية لعدد من الجمعيات العاملة في الحقل الاجتماعي، كما أصبحت ابنة ماء العينين تحضر في بعض المناسبات الرسمية وتتأقلم تدريجيا مع الوضع الجديد ومع الأنشطة الرسمية وعدسات المصورين، مما مكنها من نسج علاقات مع شخصيات المجتمع الحاكم، وأصبحت صديقة لكارلا ساركوزي زوجة الرئيس الفرنسي السابق.
لم تتوقف الرحلات المكوكية لزوجة الرئيس السابق إلى المغرب، على الرغم من الفتور الذي ميز علاقة البلدين، منذ سنوات خلت، بل إن تكيبر تصر على اقتناء احتياجاتها من المحلات التجارية الكبرى للدار البيضاء، وتقيم الحفلات الأسرية الخاصة على النمط المغربي، كما حصل خلال زفاف منى بنت الرئيس محمد ولد عبد العزيز من ابن عمها ولد المصبوغ، الذي أسال حبرا غزيرا في الصحافة الموريتانية إذ اعتبر حفلا «أسطوريا» كلف القصر ملايين «الأوقيات»، بل إن كثير من مواقع التواصل الاجتماعي تحدثت عن الطائرة الخاصة التي كانت تنقل الحلويات من الدار البيضاء إلى نواكشوط.
وكانت الصحف المغربية قد أسهبت في الحديث عن استثمارات تكيبر في المغرب، وقالت إن حرم رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، تتوفر على منزلين فخمين اشترتهما في المغرب، وتحديدا في مراكش وطنجة بسعر ناهز مليوني دولار أمريكي وقد تم دفع ثمنهما نقدا لأحد الوسطاء، وتصر على قضاء العطل بين عاصمة البهجة ومدينة البوغاز، وذهب البعض إلى أن الاهتمام الكبير الذي توليه «بنت ماء العينين» بالمنزلين، يرجع لرغبتها إنهاء مسارها في المغرب لأنها تعلم أكثر من غيرها أن البلد لا يستقر على حال وأن السلطة مهددة دوما بالانقلابات.
وكان لقب «السيدة الأولى» لموريتانيا قد ولد لدى الأحزاب المعارضة موجة من الانتقادات، سيما حين تظهر حرم الرئيس وهي تترأس أنشطة خيرية تستهدف الفقراء والمهمشين، لكن في المقابل تسافر إلى المغرب وأوروبا لشراء احتياجاتها حتى البسيطة منها، لذا تقول المعارضة إن موريتانيا لم تعرف في ظل الرئيس ولد عبد العزيز من التغيير سوى تغيير اسم زوجته.
ويرى العارفون بالشؤون الموريتانية أن حياة زوجات الرؤساء الموريتانيين لا يختلفون في «إسرافهن» وفي إنفاقهن على ملذات الحياة، في إشارة إلى تهم تبذير المال العام التي لاحقت ختو بنت البخاري عقيلة الرئيس السابق سيد محمد ولد الشيخ عبد الله والتي كان الرئيس الحالي ينتقد فسادها وهدد بمقاضاتها، قبل أن يتراجع عن ذلك لأسباب لم يكشف عنها.
وكان لقب «السيدة الأولى» لموريتانيا قد ولد لدى الأحزاب المعارضة موجة من الانتقادات، سيما حين تظهر حرم الرئيس وهي تترأس أنشطة خيرية تستهدف الفقراء والمهمشين، لكن في المقابل تسافر إلى المغرب وأوربا لشراء احتياجاتها حتى البسيطة منها، لذا تقول المعارضة إن موريتانيا لم تعرف في ظل الرئيس ولد عبد العزيز من التغيير سوى تغيير اسم زوجته.
ولد الغزواني.. نسخة منقحة من ولد عبد العزيز
منذ أن التحق بالجيش وأصبح ضابطا تقلد عدة مناصب من أبرزها قيادة كتيبة المدرعات وكان عضوا في المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية الذي أطاح بنظام الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع في 3 غشت 2005، برز اسم محمد ولد الغزواني أيضا كمدير للأمن الوطني ويصعد في سلم الوجاهة إلى أن انتخب رئيسا لمورتانيا بتزكية من سابقه محمد ولد عبد العزيز.
دخل الفريق محمد ولد الغزواني المؤسسة العسكرية، بعد الانقلاب العسكري في 1978 وفي العام الموالي اجتاز ولد الغزواني مسابقة للملازمين والتحق بالجيش الوطني، وواصل الرجل صعوده في المؤسسة العسكرية كضابط صف قبل أن يحصل على منحة للتدريب العسكري في المغرب وتحديدا في مكناس أي في نفس الكلية التي درس فيها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
عاش الرئيس الحالي في المغرب ثلاث سنوات، قبل أن يعود إلى بلاده حيث اشتغل في عدة مناطق قبل أن يحصل في نهاية الثمانينيات على منحة للتكوين العسكري في المغرب سرعان ما تم استبدالها لتحول وجهته إلى العراق لعدة سنوات، مكنته من أن يكون خارج موريتانيا أثناء أزمة 1989 التي راح ضحيتها عدد كبير من الضباط في موريتانيا بسبب التصفيات العرقية التي قادها ولد الطايع.
بعد عودته إلى موريتانيا، عمل ولد الغزواني مرافقا خاصا لرئيس الجمهورية، قبل أن يحول لاحقا إلى رئيس لكتيبة الدبابات في نواكشوط، كما كلف بالأمن الرئاسي قبل أن يكون أحد العناصر الأساسية في انقلاب غشت 2005، الذي أطاح بالرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع حيث تولى بعد الانقلاب إدارة الأمن العام في موريتانيا.
للرئيس الحالي ارتباطات بالمغرب، من خلال زوجته طبيبة الأسنان مريم منت الداه، التي تلقت تكوينا في المغرب، وتشرف على جمعية لأطفال التوحد. ولها خيوط عائلية في المغرب، وحس اجتماعي قد يجعلها تستثمر أكثر في هذا المجال.